أراقبه وهو نائم أنفاسه تصعد متلاحقة تسابق بعضها فى نشاز يسرب إلى قلبى الرعب شاربه الكبير يتحرك يميناً ويساراً فأنتفض خوفا من أن يصحو فجأة طاوعنى النوم للحظات فرأيته وقد أطبق على عنقى بكل ما أوتى من قوة صارخا فى وجهى ينطلق الشرر من عينيه ينفذ إلى جسدى النحيل (مجنونة) (موتى وخلصينى من جنانك). أهب من رقدتى فأتحسس عنقى تدور عيناى بحثاً عنه فلا أراه!! أفرك عينى لأتأكد من أننى مستيقظة يأتينى صوته قاسياً مخترقا كل الحواجز بيننا تمنيت لو زارنا ملاك الموت ليخلصنى منه ارتفع صوتى بكلمة (حاضر) عندما نادانى (يا بنت المجنونة) جرجرت قدمى وغصة تذوب فى حلقى تنشر طعم المرارة فى ريقى تصيبنى شتائمه بألم ينخر فى عظامى يطرحنى أرضا من شدته فلا أقوى إلا على الاستسلام. تخرج كلماتى مبعثرة مرتعشة واهتزازة رأسى تسبق موافقتى على أوامره مهما كانت!!. هذه المرة يدفعنى لاقتراض مزيد من المال من أهلى أو من صديقاتى المهم يجد ما يلعب به الورق الذى أدمنه وعشقه أكثر من أولاده. يصفنى بالمجنونة طوال الوقت لمجرد تناولى حبوبا مهدئهة كتبها الطبيب لى حتى لا أموت كمداً من أفعاله. فى كل مرة يعدنى أن تكون آخر مرة. عشرات المرات كانت كلها آخر مرة!!. تناولت سماعة التليفون وقد ملأتنى حسرة على عمرى الذى تبخرت أيامه مع رجل لا يعرف الحنان منفذاً لقلبه. رجوت أمى وتذللت لأبى فلم يسمعا صوتى المبحوح من صراخى. صدمنى صوت السماعة وهى تدق فى أذنى ناقوس الخطر. لا مفر من علقة ساخنة تتناثر فيها دمائى وتتمزق ملابسى. تطل دموعى من بين كومة جسدى المتورم لا تفلح المياه الدافئة ولا الباردة فى وقف نزيف خلاياى يتوقف وقد تملكه التعب. يرتمى بجسده على أقرب كرسى. يذوب صمتاً حتى لأظن أنه قد مات!! لكنه ما يلبث ويستعيد جبروته. يبدأ فى النيل منى بألفاظ جارحة يدفعنى إلى اللطم وشق ما تبقى من ملابسى وأظل أصرخ حتى أسقط مغشيا على وقتها لا مفر إلا ببيع أى شىء أملكه حتى يرحمنى. عشر سنوات منذ استحوذ عليه الورق وسيناريو الإهانات لا ينتهى. حاولت كثيراً الاستغناء عن المهدئات لكنه يدفعنى فى كل يوم للتمسك بها أكثر وأكثر. وكلما حاولت التوقف عنها تتلبسنى حالة من الشرود وعدم الاتزان تتكسر قدرتى على التفكير. ذات يوم حطم كل أدويتى ومنعنى من تناولها حتى أبدو أمام أبنائى الأم المجنونة. التى لا تدرى من أفعالها شيئاً. حتى نجح. فقدت أولادى. فقدت قدرتى على السيطرة على نفسى. رأيته نائماً فى سلام وكأنه براء من كل الآثام. فمرت سنوات عمرى أمام عينى سريعة متلاحقة. استجمعت ما تبقى لى من قدرة على التركيز واتخذت قرارى. بحثت عنها فى كل مكان فى البيت حتى وجدتها. عصا غليظة تكفى للقضاء على ثور هائج. لوحت بها فى الهواء وهويت على رأسه مفجرة الدماء منها. كررت ما فعلته مرات ومرات حتى توقف نفسه عن الجريان. جلست بجوار جثته أغنى (سلمى يا سلامة رحنا وجينا بالسلامة).