سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
"كارنيجى" يستطلع تحديات "رئاسة السيسى": عليه التخلص من الاعتماد على الدول المجاورة واتخاذ قرارات غير شعبية.. دعم الخليج والمعركة ضد الإخوان والإرهاب سيحددان السياسة الخارجية لمصر
نشر مركز كارنيجى الأمريكى للسلام الدولى، سلسلة من التقارير لعدد من الباحثين والخبراء حول ما تعنيه رئاسة عبد الفتاح السيسى، وزير الدفاع السابق لمصر خلال المرحلة القادمة. وطرح المركز فى سلسلة من المقالات المنشورة فى دورية صدى الصادرة عنه، أسئلة فى هذا الشأن من بينها: "أى آفاق تحملها رئاسة السيسى لمصر؟ وما التحديات المطروحة على مستوى الإصلاح الاقتصادى، وما التوقعات بالنسبة للسياسة الداخلية والاستقرار العام والسياسة الخارجية؟ فى التقرير الأول عن مواجهة الحقائق الاقتصادية، قال الكاتب "مستنصر بارما" إنه على السيسى أن يتخلص من الاعتماد على الدول المجاورة وأن يتخذ القرارات الصعبة التى تتعارض مع المطالب الشعبية فى معظم الأحيان. ويقول بارما، الذى كان كبير الباحثين الاقتصاديين من قبل فى غرفة التجارة الأمريكية بمصر، إن السيسى عبر عن حقيقة الموقف الاقتصادى عندما وصفه بأنه "صعب جدا" نظرا لاتفاع معدلات التضخم والبطالة، وبلوغ عجز الموازنة 12% من إجمالى الناتج المحلى، واعتبر التقرير أن الاتفاق الذى تم توقيعه مع شركة إماراتية لبناء مليون وحدة سكنية لمحدودى الدخل، وإعادة إطلاق البرنامج النووى، خطوة فى مساعى السيسى لمعالجة أزمة الطاقة فى البلاد، وأكد الكاتب أن السيسى لديه فرصة حقيقية لوضع مصر على مسار التعافى الاقتصادى المستديم، وأكد كذلك على أهمية أن يتخلص عندما يتم انتخابه رئيسا من الاعتماد على الدول المجاورة وأن يتخذ قرارات صعبة ربما تتعارض مع المطالب الشعبية. وتابع بارما قائلا: "يجب اعتماد "موازنة متوازنة" عبر تمويل النمو من خلال الاستثمارات المستقرة الطويلة الأمد أن يساعد مصر على التخلص من الثلاثى الخبيث المتمثل فى الدعم الحكومى، والأجور، والفوائد، والتى يلتهم كل منها نحو ربع النفقات الحكومى"، مشددا على أن الاختبار الأكبر الذى يواجه السيسى فى المجال الاقتصادى هو الابتعاد عن اتخاذ إجراءات متشددة والعمل بدلا من ذلك على ترسيخ عملية شاملة لصناعة القرارات الاقتصادية بمشاركة أطراف مختلفة.. واعتبر بارما أن جعل الأولوية لإقصاء الإخوان المسلمين، كما حدث فى الفترة الماضية، ليس بالوسيلة المناسبة للاستقرار الاقتصادى وبناء الثقة لدى المستثمرين. وعن كيفية مواجة الإضرابات والمطالب المزايدة، حذر التقرير من أن التشدد المتمثل فى حظر الإضرابات على سبيل المثال، سيأتى بنتائج عكسية، ودعا السيسى عند وصوله للرئاسة إلى التحاور مع العمال من خلال تمكين النقابات المستقلة بدلا من حظرها، كما شدد على أهمية مشاركة المواطنين فى آلية إعداد الموازنة، وإطلاعهم بوضوح على إيجابيات وسلبيات قرارات كإلغاء الدعم تدريجيا. وأوضح أن الحفاظ على الموازنة بمشاركة جميع الأفرقاء أن يساعد السيسى فى الحفاظ على الديمقراطية فى عهده، وعدم الوقوع فى الفخ الذى سقط فيه مرسى. أما فى مجال السياسة الخارجية، فتقول ميشيل دون، كبيرة الباحثين بكارنيجى إن هناك عاملين أساسيين سيحددان السياسة الخارجية التى سينتهجها السيسى على المدى القريب، الأول المعركة ضد الإخوان المسلمين والإرهاب فى سيناء، أما الثانى فهو الاعتماد غير المسبوق على الخليج وتحديدا السعودية، وهما عاملان متداخلان، كما تقول دون، فى ظل المصالح المشتركة بين الطرفين، فبينما تحتاج مصر للدعم المالى من الخليج لتعزيز اقتصادها فى مواجهة الإخوان، فإن الخليج يحتاج السيسى لهزم الجماعة. وتحدثت الخبيرة الأمريكية عن دعم قطر لحكومة محمد مرسى خلال العام الذى تولى فيه الحكم، وبعد عزله، تقدمت السعودية والإمارات والكويت للقيام بهذا الدور، فى اتجاه رأت أن وتيرته ستشهد تسارعا على ما يبدو خلال رئاسة السيسى. وتعتقد دون أن المؤشرات توحى بأن السيسى سيواصل الاعتماد على المساعدات الخليجية، وهو ما ظهر فى مشروع المليون وحدة سكنية ومشروع تنمية قناة السويس، ولذلك فإن سيؤثر بعدم قدرة مصر على الانحراف عن سياسة الخليج، فى ظل الاعتماد الاقتصادى الشديد عليه. ومن ناحية أخرى، تقول دون إن المجهول الأكبر فى السياسة الخارجية المصرية يتعلق بعلاقتها مع الولايات المتحدة وهو ستتحسن أم ستتدهور خلال رئاسة السيسى. وأشارت إلى أن واشنطن رغم تحفاظاتها على مسار مصر الحالى، إلا أنها ترغب فى إيجاد طريقة للحفاظ على العلاقات، وعلى الأرجح يريد السيسى ان تقوم أمريكا باستئناف مساعداتها العسكرية لمصر.. لكن مع عرض الرياض تمويل شراء أسلحة من روسيا، فإن مصر تصبح عاملا فى التوتر بين روسيا والسعودية وأمريكا. وفى التقرير الثالث عن الوضع السياسى الداخلى، يزعم ياسر الشيمى المحاضر فى جامعة بوسطن، والذى كان يشغل منصب مسئول ملف شمال أفريقيا بمجموعة الأزمات الدولية، أن الديمقراطية ستكون مجرد شكل خارجى، للحفاظ على المظاهر من أجل دفع أمريكا لاستئناف مساعداتها لمصر. وادعى الشيمى فى تقريره، أن السلطات المصرية ستستمر فى ادعاء الديمقراطية فى الوقت الذى تحاك فيه الدسائس للتلاعب بالإجراءات، معتبرا أن الاستفتاء على الدستور جزء من ذلك. وبدا دفاع الشيمى الشديد عن الإخوان، حين قال إن الانتخابات البرلمانية ستجرى مع منع مجموعة سياسية فازت بغالبية الأصوات فى الانتخابات الأخيرة من التنافس، متجاهلا تحول ملايين المصريين عن الإخوان ورفضهم لهم بعدما كشفت الجماعة عن وجهها الحقيقى. ومضى الكاتب فى رسم صورة قاتمة بالقول إن مصر لن تعود إلى ديكتاتورية مبارك، لأن الأخير قام على الأقل بإنشاء حزب سياسى وسمح بحدود معينة لحرية التعبير، على حد قوله.