تعيش مصر هذه الأيام على وقع أكبر معركتين وهميتين فى حياتها، الأولى متعلقة بأنفلونزا الخنازير التى يتعامل معها العالم باعتبارها حدثا عاديا، بينما حولناها إلى كارثة قومية شديدة الوطئة، والثانية تتعلق بالانتخابات الرئاسية الافتراضية الساخنة جدا على الإنترنت وصفحات الصحف وشاشات الفضائيات. ومن يتأمل ما يدور من مناقشات ومشاحنات وترشيحات حول المرشحين لرئاسة مصر يتصور أننا على أبواب انتخابات رئاسية، خلال أيام أو حتى شهر، لكن العجب كل العجب أن هذه الانتخابات لا يزال أماها أكثر من 22 شهرا! هكذا هى مصر الجديدة، الحالة وليست الحى، حبلى بالأحداث اللاحقة والافتراضية، بينما هى فى أفضل الأحوال غائبة أو مغيبة عن الواقع الذى يفترض أن تعيشه وتفكر فيه، ويحرك ناسها، وهذا ما يحدث بالضبط مع الانتخابات الرئاسية وترشيح الدبلوماسى المخضرم محمد البرادعى، مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية لرئاسة مصر. وليس لدى أى اعتراض على شخص الدكتور البرادعى، ولا على حق من ينادونه رئيسا لمصر حتى إن جريدة الدستور صممت على صفحتها الأولى أمس شعار الحملة الانتخابية للبرادعى الذى لا يملك وفقا للدستور أية حظوظ أو فرص ولو حتى ضئيلة للترشح لهذا المنصب. فهو كشخص مستقل غير منتمى لأى حزب عليه الحصول على تزكية 250 من أعضاء مجلسى الشعب والشورى والمجالس المحلية فى 15 محافظة، وهو أمر من رابع المستحيلات، فى ضوء أنه لا يوجد هذا العدد من المستقلين أو المنتمين للأحزاب مجتمعة. أما إذا إراد الترشح لرئاسة الجمهورية من بوابة أى حزب فعليه أن يكون عضوا فى هيئة قيادية لأى حزب سياسى، بشرط أن تكون قد مضى على عضويته فى الحزب عام على الأقل، وأن يكون هذا الحزب ممثلا بنائب على الأقل فى مجلس الشعب. وإذا جرت الانتخابات الآن فلن تنطبق هذه الشروط سوى على أحزاب الوطنى والوفد والتجمع والغد "فرع موسى مصطفى موسى"، أما إذا جرات الانتخابات فى موعدها فى عام 2011 فإن هذا يعنى انتظار نتائج انتخابات التجديد النصفى لمجلس الشورى فى إبريل 2010، ثم انتخابات مجلس الشعب فى أكتوبر 2010. والعقل يقول إن من يرد الترشيح لانتخابات رئاسة الجمهورية فعليه التركيز فى انتخابات مجلس الشعب أولا إما للحصول على تمثيل حزبى فى المجلس، أو الحرب من أجل نسبة المستقلين فى مجلسى الشعب والشورى اللازمة لتزكية أى مرشح غير منتمى للأحزاب. ولكن بما أننا مصرون على الخوض فى هذا اللغط الذى لا فائدة منه، وبما أنه يندرج فى إطار التسلية والفرفشة والأحلام، فلا مانع من أن أجتهد أيضا فى ترشيح مرشح افتراضى لانتخابات رئاسة الجمهورية الافتراضية. وجريا على عادة أنه لا كرامة لنبى فى وطنه، ولأن معظم الترشيحات صبت فى صالح مصريين مهاجريين للخارج وهما محمد البرادعى وأحمد زويل، فإننى أقترح ترشيح عالم الفضاء المصرى الأمريكى فاروق الباز فهو أكثر شهرة وأقدم فى الهجرة، وله خبرة تتعدى كوكب الأرض إلى سائر المجموعة الشمسية، وإذا لم تكن رئاسة مصر خالية فيمكن ترشيحه رئيسا لجمهورية المريخ!