رئيس جامعة المنصورة يلتقي إدارة مكتب العلاقات الدولية    انتخابات مجلس النواب 2025| 7 سيدات يواجهن 122 مرشحًا في قنا    شيخ الأزهر للرئيس الإيطالي: ننتظر إعلان روما الاعتراف بدولة فلسطين (صور)    رئيس المركزي للمحاسبات يفتتح أعمال المجلس التنفيذي ال79 للإنتوساي بشرم الشيخ    تراجع حاد بأسعار الذهب .. وخسائر الجرام تتجاوز 130 جنيها بالتعاملات المسائية    مندوب مصر لدى الأمم المتحدة يحذر إسرائيل من مواجهة شاملة لن تحمد عقباها    لتسليمها للجانب الفلسطيني.. 384 شاحنة مساعدات تغادر معبر رفح البري إلى كرم أبو سالم    ملك الأردن: لن نرسل قوات إلى غزة ومستعدون لدعم الشرطة الفلسطينية    الفتح ضد الرياض .. التعادل السلبي يحسم الشوط الأول    الجونة يفوز على سموحة بالدوري    الأهلي يختتم استعداداته لمواجهة بتروجيت وسط تركيز عالٍ وتظلم رسمي ضد الكاف    تأجيل محاكمة 4 متهمين في قضية «جماعة إرهابية» بحدائق القبة    قرار عاجل من النيابة بشأن واقعة سقوط «طفل شبرا» في بالوعة صرف صحي    وزارة الأوقاف تحيي ذكرى العلامة الشيخ محمد عياد الطنطاوي    هل على العقارات المؤجَّرة زكاة؟.. أمينة الفتوى بدار الإفتاء توضح    وزير الصحة: توفير أجهزة حديثة لرصد مستوى السكر في الدم للأطفال المصابين بالسكري    وفاة طفل أردني بعد لدغة "ذبابة الرمل السوداء"    وزير العمل يشارك في ملتقى هواوي السادس للتوظيف    جولة ترامب الآسيوية.. باكستان تسعى لإغراء واشنطن وقطع الطريق على الهند    العدالة تنصف طفلة قليوب وتقضى بالسجن المشدد 10 سنوات لمُعتديها    تأجيل محاكمة 89 متهما بقضية "خلية داعش مدينة نصر" لجلسة 11 يناير المقبل    طريق جديدة لجرارات القصب لتخفيف الزحام بأرمنت والمحافظ يتابع التنفيذ    الفائز بجائزة النجمة البرونزية بمهرجان الجونة..الفيلم المصري المستعمرة بمهرجان البحر الأحمر السينمائي    محمد سلام: عودة مفاجئة ومسيرة صعود صنعت حب الجمهور.. وانتقال للبطولة بمسلسل كارثة طبيعية    بدء صرف معاشات نوفمبر الأسبوع القادم.. «التأمينات» تعلن الجدول الرسمي للمستفيدين    حكم طلاق المكره والسكران في الإسلام.. الشيخ خالد الجندي يحسم الجدل ويوضح رأي الفقهاء    شوط أول سلبي بين سموحة و الجونة في الدوري الممتاز    محمد صلاح ضمن قائمة المرشحين لأفضل 11 لاعباً فى العالم من فيفبرو    مدير تعليم سوهاج يشارك في الاجتماع التنسيقي لتنفيذ مبادرة الأنيميا والتقزم    اعرف وقت الأذان.. مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 27 أكتوبر 2025 فى المنيا    «فنانون ومبدعون».. ما هي الأبراج التي تتمتع بخيال واسع؟    جدول مواقيت الصلاة غدًا الثلاثاء 28 أكتوبر بمحافظات الصعيد    متي يبدأ العمل بالتوقيت الشتوي 2025؟    الكاتب أسامة علام: تعلّمت من محمد المخزنجي أن الكتابة عن الكاركتر هو البطل الحقيقي    مصر تواصل إرسال مساعداتها إلى غزة.. وصول شاحنات وقود وغاز (فيديو)    مشهد صادم على الطريق.. سائق ميكروباص يدخن "شيشة" وهو يقود في الإسكندرية    عاجل- إنهاء حالة الطوارئ في جنوب إسرائيل لأول مرة منذ 7 أكتوبر    اليوم.. عزاء شقيق فريدة سيف النصر بمسجد عمر مكرم    رسمياً.. يوفنتوس يقيل تودور بعد أسوأ سلسلة نتائج منذ 2009    أول صورة لضحية حادث تصادم سيارتين ملاكي وتريلا في قنا    رئيس الوزراء يتابع مع محافظ بورسعيد عددًا من المشروعات الاستثمارية الجاري تنفيذها في المحافظة    مفتي الجمهورية: الجماعات المتطرفة توظف العاطفة الدينية للشباب لأغراضها الخاصة    وزير الثقافة يشهد احتفالية اليوم العالمي للتراث غير المادي (صور)    فينيسيوس: لانريد الإساءة للاعبين شباب أو للجماهير.. وعلينا أن نستمتع قليلا    الأمم المتحدة: خسائر بشريه واسعة النطاق فى الفاشر بالسودان    «تعليم أسيوط» يعلن تلقى طلبات الراغبين في العمل بالحصة لمدة عشرة أيام    وزير العمل: إصدار القانون الجديد محطة فارقة في تحديث التشريعات الوطنية    المشاط: الإحصاءات تُمثل ركيزة أساسية في صنع القرار ودعم مسيرة التنمية    4 أساسيات للانش بوكس المثالي للمدرسة.. لفطار رايق وصحي    شيخ الأزهر في القمة العالمية للسلام بروما: لا سلام بالشرق الأوسط دون إقامة الدولة الفلسطينية    بكام الطماطم النهارده؟.. أسعار الخضراوات والفاكهة فى الوادى الجديد    هل ستتعرض القاهرة الكبري لأمطار خلال الساعات المقبلة ؟ الأرصاد تجيب    «الرقابة الصحية» تعقد الاجتماع الأول لإعداد معايير اعتماد مكاتب الصحة والحجر الصحي    دعاء الحج والعمرة.. أدعية قصيرة ومستحبة للحجاج والمعتمرين هذا العام    بعد قليل.. محاكمة المتهمين ومصور فيديو الفعل الفاضح أعلى المحور    مدير معهد الآثار الألماني: نتطلع بفرح غامر إلى الافتتاح الرسمي للمتحف المصري الكبير    سيراميكا كليوباترا: نسعى للاستمرار على قمة الدوري.. وهدفنا المشاركة القارية الموسم القادم    غزل المحلة: الأهلى تواصل معنا لضم ثلاثى الفريق الأول.. ولكن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



: د. سعد الدين الهلالى
نشر في اليوم السابع يوم 03 - 03 - 2014

الضمان هو الالتزام أو الكفالة، أو هو شغل الذمة بحق للآخر. والطبيب فى أصل اللغة هو الحاذق للأمور العارف بها، وبه سمى المعالج للمرضى حتى لا يتصدى للتداوى سوى الحذاق. تقول: طبب فلانا، أى داواه. وتقول: جاء يستطب لوجعه، أى جاء يطلب وصف الدواء الذى يصلح لدائه.
والمقصود بضمان الطبيب هو أن يتحمل تعويض ما وقع من تلف أو ضرر على بدن المريض أو نفسه بسبب خطأ المداواة، أو سوء تقديرها.
والأصل فى عمل الطبيب الأمانة، وأنه لا يضمن تعويض المريض عن المفاسد التى تلحقه بالمداواة لسببين:
(1) أن المريض قام بتسليم بدنه للطبيب، أو أذن له فى حق نفسه أن يداويها، فانتفى بذلك العدوان، ولم يعد وجه للتضمين من تلك الجهة؛ لأن العدوان هو الذى يوجب الضمان فى عموم قوله تعالى: «فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم» «البقرة: 194»، وقوله تعالى: «وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به» «النحل: 126»، وقوله تعالى: «وجزاء سيئة سيئة مثلها» (الشورى: 40). أما إذا انتفى العدوان فلا وجه للتضمين؛ عملا بأصل الأمانة كما قال تعالى: «إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها» «النساء: 58»، وما أخرجه ابن ماجة بسند ضعيف عن عبدالله بن عمرو أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «من أودع وديعة فلا ضمان عليه»، وهذا يشمل كل عقود الأمانات.
(2) أن الطبيب بحكم كونه حاذقا فى مهنته مجازا من نقابته، فكان صاحب فضل بعلمه وخبرته. وصاحب الفضل لا يضمن وإنما الجاهل الخائن هو الذى يضمن؛ لما أخرجه الدار قطنى وصححه الحاكم وحسنه الألبانى من حديث النسائى عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «من تطبب ولم يكن فى الطب معروفا فأصاب نفسا فما دونها فهو ضامن».
ومع هذا الأصل التشريعى الذى اعتمده الفقهاء فى عدم تضمين الطبيب المأذون له والحاذق فى مهنته إلا أنهم اجتهدوا فى حماية المريض وتحصينه من خطأ الطبيب المعتاد، كما لو اجتهد فى وصف دواء أو فى إجراء جراحة ولم تكن موفقة بما يلحق الضرر بالمريض، فهل يضمن تعويضه؟ مذهبان للفقهاء فى الجملة.
المذهب الأول: يرى تحريم تضمين الطبيب الحاذق والمأذون له، وأنه لا يجوز إلزامه بتعويض المريض عن الأضرار التى أصابته بسبب مداواته باجتهاد طبى صحيح. وإلى هذا ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية والظاهرية
بل نص الحنفية على أن الطبيب لو شرط على نفسه الضمان كان شرطا باطلا لمخالفته الأصل، وهو عدم تضمين الأمين. أو لأن هذا الشرط غير مقدور عليه. وحجتهم: (1) أن الطبيب فى حكم المستودع فلا يضمن إلا بالتعدى.
وقد أخرج الدار قطنى بسند فيه ضعيفان عن عبدالله بن عمرو أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «ليس على المستعير غير المغل ضمان، ولا على المستودع غير المغل ضمان». (2) أن اجتهاد الطبيب الحاذق اجتهاد مسوغ فيؤجر عليه ولا يؤاخذ عن نتائجه، فقد أخرج الشيخان عن عمرو بن العاص أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر واحد».
المذهب الثانى: يرى جواز تضمين الطبيب الحاذق الماهر فى صنعته والمأذون له إذا أخطأ فى اجتهاده فى وصف الدواء. وهو إحدى الروايتين عن الإمام أحمد. والرواية الثانية ترى أن الضمان يكون فى بيت المال وليس فى مال الطبيب. وقد حكى هاتين الروايتين ابن القيم. وحجتهم: (1) أن اجتهاد الحاذق ينبغى أن يكون صحيحا، فإذا تبين غير ذلك كان متهما بالإهمال، والإهمال نوع اعتداء يوجب الضمان.
(2) أن التطبيب يتعلق بالنفس ومنافعها، فإذا لم يضمن الطبيب نتيجة اجتهاده فستضيع حقوق الناس ودماؤهم، وقد أخرج الشيخان من حديث أبى بكرة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام».
وقد اختار المصريون إحدى الروايتين عن الإمام أحمد التى ترى تضمين الطبيب وإلزامه بتعويض المريض عن الأضرار التى أصابته بسبب سوء تقدير العلاج، فالشعب المصرى لا يرى غضاضة فى ملاحقة الأطباء إداريا فى النقابات والإدارات، وقضائيا فى المحاكم والنيابات عندما يلحق بمريضهم الأذى بسبب خطأ المداواة أو سوء تقديرها؛ إيمانا بصحة العمل بهذا الوجه الفقهى الصادر من أهله.
وترك المصريون مذهب الجمهور الذى يرى عدم ملاحقة الطبيب إذا أخطأ فى اجتهاده العلاجى طالما كان حاذقا ومأذونا له فى التطبيب؛ باعتباره أمينا، ولا ضمان على مؤتمن.
ولم يكن ترك المصريين لمذهب الجمهور فى هذه المسألة تعسفا أو تمردا، وإنما هو اتباع لسماحة شريعتهم التى تتسع لصحة العمل بتلك الأوجه الفقهية الصادرة عن أهلها، وجعلت حق الاختيار لعموم الناس بحسب ما يرونه أكثر انضباطا لمصالحهم.
فإذا كان اجتهاد الخواص من الفقهاء ينطلق من النص الشرعى بدلالاته المتعددة؛ مراعيا المقاصد الفنية. فإن اجتهاد العوام من المسلمين ينطلق من الاختيار من فتاوى الفقهاء المتخصصين بأوجهها المتعددة؛ مراعيا المصالح العقلية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.