والثقافة والوعى وليس وسيلة لنشر الفساد والانحلال والإباحية والسفه والعنف. لقد انتقلت الوسيلة الإعلامية من هدفها الأساسى، ألا وهو غرس القيم السامية فى نفوس الأفراد إلى وسيلة هادمة لأسمى مبادئ وقيم الإنسانية. فلا يصح تسميتها إلا بتجارة الإعلام. نعم إنها تجارة فاسدة تبيع كل ما هو رخيص وفاسد مما آثار جنون الأفراد فأصبحنا نشهد جرائم القتل والتحرش والاغتصاب وكافة الجرائم بشتى أنواعها. فضلاً عما تثيره هذه المشاهد الفاسدة من أمراض. قد ساعد التطور المذهل فى وسائل الإعلام والاتصال يصاحبه تطور موازٍ فى مجالات الدعاية على سهولة الوصول إلى كل شعوب الأرض أينما كانت سواء كان الفرد نائماً فى مخدعه أو حتى محارباً على جبهة القتال والسعى إلى مد النفوذ الفكرى والثقافى توطئة لتوسيع الهيمنة السياسية والاقتصادية والعسكرية لتشمل كل البقاع المعمورة وصارت الدول والأفراد تنفق المليارات من أجل الفوز فى معركة "الاستيلاء على عقول البشر" لإحكام السيطرة على مقدرات الشعوب وإخضاعها. هذا الانهيار القيمى فى ظل غفلة النظام الرقابى داخل المجتمع. لا أدرى كيف سمى هذا النظام ب"الرقابة"، إن فاقد الشىء لا يعطيه، هذا النظام الرقابى يحتاج إلى نظام رقابى آخر ليراقبه. انصراف الإعلام عن قضايا المجتمع الهامة إلى نزوات وتجارة شهوات تثير من خلالها غرائز الشباب. هو أمر فى حد ذاته طريق نحو الهلاك. فقد وجدنا فى عديد من الأفلام، التى تناقش العديد من القضايا الهامة والشائكة والمثيرة للجدل، قد انصرف صانعها إلى مشاهد رخيصة شغلت فكر المشاهد وألهته عن القضية الأساسية، نعم "ألهته"، لأنها لهو وعبث، و"اللاهى" هو كل شخص يلهو الناس عن القيم والفضائل ويزج بهم إلى طرق الشيطان المتفرعة والكثيرة والبعيدة كل البعد عن الطريق المستقيم، حيث تزدحم فضائياتنا العربية بقنوات الأغانى السامة والتى تسمم عقول الشباب والفتيات وتثير غرائزهم بشتى أنواع الفيديو كليبات وما فيها من عرى وأجساد رخيصة تتمايل على الأغانى الماجنة. ولا ننسى تلك القنوات المخصصة للأفلام الهابطة والتى تهدم القيم والمبادئ والأخلاق وتزرع فى نفوس الشباب من الجنسين حب الشهوات. وأيضا تلك المسلسلات المدبلجه التى غصت بها القنوات الفضائية ومافيها من اعتقادات وأفكار مسمومة .وهى موجهة إلى فئة المراهقين والمراهقات لكى تحلل لهم العلاقات المحرمة وتسهل لهم طريق الفاحشة، إلا من رحم الله ولم يتوقف أعداء الأثر عند هذا الحد، ولكنه وصل إلى الأطفال فقد خصصوا لهم قنوات تعلمهم وتزرع فيهم العنف وتسهل لهم طريق الجريمة والإرهاب. ولكن لا يأتى النور إلا من بعد الظلام، وأن أشد ظلمة هى ما قبل النور.