لماذا تستقل بدورك الريادى والفعال فى بناء المجتمع والرقى بالعلم والأخلاق. أنت من يعلم ويربى الطبيب والعالم والمهندس والمحامى والزارع والصانع وحتى أعلى مسئول فى الدولة. أنت من يعلم ويربى أفراد المجتمع، وأيا كانت المادة التى تدرسها، فإن دورك فى الفصل والمدرج أمام الطلاب وكل كلماتك وتصرفاتك هى ما يشكل وعيهم ويبلور شخصياتهم. أنت من يستطيع أن يضع فيهم قيم الحب والتسامح والعفو والإحسان. أنت من يستطيع أن يبذر فيهم بذور الصدق والأمانة وإتقان العمل. أنت من يستطيع أن يغرس فيهم قيم النبل والعدل والإحساس بالغير. أنت من يستطيع أن يعلمهم أهمية الوقت وقيمة العمل والإنتاج. أنت من يستطيع أن ينشئهم على الترتيب الذهنى لعقولهم وتحديد أهدافهم وأولوياتهم. أنت من يستطيع أن يلغى بداخلهم الشعور بالذاتية والأنانية والنفعية. وأن تبدلها فى نفوسهم بقيم العمل الجماعى وخدمة المجتمع والإيثار، وتقديم الخير والضمير فى أى موقع يعملون به. نعم كل هذا فى يدك أنت فى تلك الدقائق والساعات التى تقضيها معهم على مدار أعوام دراستهم. بإمكانك أن تكون قدوة عملية فى حسن الخلق والأدب ورقى السلوك والسعى والكد والأمانة والوعى. بإمكانك أن تغرس فيهم قيمة وأهمية كل دقيقة من حياتهم. بإمكانك أن تغرس فيهم الانتماء وخشية الله وحب الوطن. بإمكانك أن تزرع فيهم حب العلم وحب الكتاب والثقافة. بإمكانك أن تملأ عقولهم شغفا بكل معلومة جديدة، وأن تربى فيهم حس العالم والأديب والمبتكر والقائد، وأن تشحذ هممهم للنبوغ. بإمكانك أن تعلمهم قيمة التميز فى العمل فيحرص كل منهم أن يكون مميزا فى مجاله وفى صنعته وحرفته، فلا يزدرى مهنة ولا يخجل من عمل بل على العكس يختار كل منهم بكامل إرادته مكانا يمكنه أن يكون مميزا فيه، يستطيع أن يقدم فيها ما لا يستطيع أن ينجزه غيره بعزة وشرف. إنس كل من يهمشون دورك وكل من يسخرون من قيمة ومكانة المعلم. إنس كل من يتجاهلون دورك فى بناء المجتمع. إنس كل ذلك وتوجه للمسار الآمن الصحيح الذى هو أملنا للإصلاح وتغيير فساد المجتمع. فالإصلاح لا يأتى بين ليلة وضحاها، ويتحقق عندما يشعر كل منا بدوره فى مكانه وفى عمله وداخل أسرته وعائلته، فيقدم نموذجا وقدوة ودافعا يحرك الطاقات والهمم فى كل من حوله، وخاصة تلك القلوب البريئة والعقول المتلقية منك ببساطة وتلقائية وثقة لا حد لها من طلابك، فكلامك أشد تأثيرا فيهم حتى من الأم والأب والمجتمع بأسره وما ينطبع فى عقولهم حتى فى صمتك وكل تصرفاتك، هو ما يثقل مهاراتهم وخبراتهم الحياتية، وهو ما يحملك أمانة ثقيلة أمام الله لا يجب أن تضيعها.