يصف شاعر الشباب أحمد رامى عدم مقدرته لمواجهة حب كوكب الشرق أم كلثوم بقوله "ح أفضل أحبك من غير ما أقولك.. إيه اللى حير أفكارى، لحد قلبك ما يوم يدلك.. على هواى المدارى"، لكن الشاعر الكبير لم يستطع الكتمان وباح بحبه للسموات والأرض، بل نافس الموسيقار القدير محمد القصبجى على قلب "الست" ولم يجنيا الاثنان فى النهاية سوى العذاب، ولعل أغنية "جددت حبك ليه بعد الفؤاد ما ارتاح.. حرام عليك خليه غافل عن اللى راح"، التى حركت نار الغيرة فى قلب السيدة "عطا لله" زوجة أحمد رامى، وأثبتت مدى تعلق الشاعر بالست حتى بعد زواجه وإنجابه أطفالا. ورغم عدم اعتراف أم كلثوم بحب رامى، وتأكيدها أنها تحب فيه الشاعر وليس الرجل، إلا أنه عاش متيما بها حتى رحيله، ووقف مطلع فبراير عام 1976 أمام الرئيس الراحل أنور السادات والأديب يوسف السباعى والكاتب رشاد رشدى، فى الحفل الخاص بالذكرى الأولى لوفاة كوكب الشرق، بأكاديمية الفنون، ليلقى قصيدته الأخيرة التى كتبها فى رثاء سيدة الغناء العربى، حيث تغلّب الشاعر على الاكتئاب الذى أصابه عقب رحيل المطربة الكبيرة وترك فراشه وذهب لإلقاء قصيدته التى قال فى أبياتها "ما جال فى خاطرى أنى سأرثيها.. بعد الذى صغت من أشجى أغانيها، قد كنت أسمعها تشدو فتطربنى.. واليوم أبكى وأبكيها، وما ظننت وأحلامى تسامرنى.. أنى سأسهر فى ذكرى لياليها". جاءت أبيات الشاعر الكبير لتحكى قصة حب لم يهزمها القدر، وإن كانت من طرف واحد فقط، بدأت أوصالها منذ أن التقى الشاعر بكوكب الشرق، وغنّت له "الصب تفضحه عيونه" ولم تنته حتى بعد موتهما، حيث تجاوز تعلق أحمد رامى بأم كلثوم مرحلة الحب على حد وصفه ووصل لحد التقديس، واعترف رامى بهذا الحب العميق الذى يحمله بين جوانحه لأم كلثوم فى حوار صحفى طويل كان قد أجراه معه الكاتب محمد تبارك، وقال نصا "أحببت أم كلثوم حتى التقديس ولم أندم لعدم زواجى منها، والآن أعانى الاكتئاب منذ أن غابت عن الدنيا ولم يبق عندى سوى الدموع فقد بكيت كثيرا فى طفولتى وشبابى، والآن أبكى أكثر بعد رحيلها". وظل أحمد رامى يحتفظ بخاتم فى أصبعه، كانت أم كلثوم أهدته إياه، على مدار ثلاثين عاما، ولم يتجرأ الشاعر العاشق على خلعه من يده حتى أثناء الوضوء وظل فى أصبعه حتى رحيله. وكما عاش أحمد رامى حياته عاشقا للست، ارتضى أيضا الموسيقار القدير محمد القصبجى أن يصبح عوادا فى فرقتها الغنائية ويترك التلحين باسم الحب، أملا فى أن يعطف عليه قلب كوكب الشرق ذات يوم، لكن رحل القصبجى وقلبه ينبض بلحن أغنيته "رق الحبيب" التى غنتها أم كلثوم ولسان حاله يردد مقطعها الذى يقول "وإيه يفيد الزمن مع اللى عاش فى الخيال".