مصر بين الدراويش والعلماء

يواجه الرئيس المصرى القادم مجموعة كبيرة من التحديات تتطلب منه فكر عميق واتخاذ القرار فى الوقت المناسب ومتابعة تنفيذها ولاسيما أن الشعب المصرى يعيش حالة بيات شتوى منذ سنوات طويلة، ويعتمد على الحكومة والدولة فى توفير مستلزماته ربما تصل إلى الحياة الشخصية فى ظل انتشار الجهل والفقر فى نسبة كبيرة من الشعب المصرى.
لابد أن يعلم المصريون أن العالم كله أصبح قرية صغيرة وأنه قد حان الوقت لنفض الغبار التراكمى الذى وضعناه على رؤوسنا عبر السنين من التخلف والجهل والفقر، لنبدأ حياة جديدة حديثة تواكب هذا العصر الذى نعيش فيه، لابد أن نقارن أنفسنا بالعالم المتقدم ونخرج من عباءة العالم الثالث التى أدت إلى تخلفنا وتأخرنا مئات السنين، فالمصريون ليسوا أغبياء ولا فقراء بالعكس يمتلكون خزائن الأرض ولكن التواكل وضعهم حيز المرض العقلى والشلل الفكرى والحركى فى زمن يحتاج إلى ساعات عمل وكفاح أكثر من ساعات النوم .
لابد أن نعلم جميعًا أن الرئيس القادم أى كان اتجاه السياسى لن يستطيع تغير مصر ولن يكون ساحرًا بمجرد أمر المارد سيتغير الكون بالعكس إن التغيير فى الفترة القادمة تحتاج إلى مزيد من الجهد والعمل تحتاج إلى أناس تعلم ما هى الأمراض التى تؤلمها والوقوف على علاج هذه الأمراض، واستدعاء الطبيب الجيد أيا كان اتجاه السياسى أو ديانته، تعالوا بينا بقى ننسى أيام الجهل والتخلف انتهت ثقافة زمن الدجالين والمبروكين والدراويش لابد أن نتجه إلى العلم والعلماء نحتاج إلى تغيير خريطة مصر وإحصائيات الجهل بها نحتاج إلى كوادر علمية على أعلى مستوى من العلم ولن نستطيع استيرادهم من الخارج وإنما لابد أن يكونوا إنتاجًا مصريًا خالصًا ليفنوا حياتهم فى تغير هذا الوطن.
لابد أن نعلم جميعًا أن الفترة القادمة فى تاريخ مصر حساسة ومهمة جدًا وسيترتب عليها مصير أجيال حالية وقادمة لمئات السنين، لذا نحتاج إلى عملية تغيير حقيقية تتضمن عقول مستنيرة وقيادات عاقلة وشيوخ تتمتع بالوسطية والعقل فى نشر مفاهيم الإسلام لا ترغب فى العنف، وسياسيون يمتلكون الرؤية الشمولية الواضحة للمستقبل ويمتلكون ثقافة الشجاعة والقدرة على اتخاذ القرار، وقادرين على تنفيذ برامج التغيير اللازمة لهذا الوطن.
كما أتمنى أن تكون الحكومة القادمة هى حكومة حرب لهذا الوطن وحتى لا يهاجمنى الكثير عن كلمة حكومة حرب المقصود هنا هى حرب على الإرهاب وحرب على الفساد وحرب على الجهل والفقر والمرض والقضاء على كل هذه الأعداء التى تهدم الوطن وتقتلعه من جذوره إلى الهاوية، وهنا أختم بمقولة الفيلسوف هربرت سبنسر: "أن التحول الحضارى لا يتم على يد بطل، أو حاكم، ولكنه يتم على يد الحكمة الجماعية وهى من المصلحين وقادة الفكر". ونحن ينقصنا هؤلاء الرواد من المفكرين الشجعان البواسل المؤمنين والمضحين من أجل مصر.