سفير مصر بإريتريا: أول أيام التصويت بانتخابات الشيوخ كان يوم عمل ما تسبب في ضعف الإقبال    تنسيق المرحلة الثانية للثانوية العامة 2025.. 5 نصائح تساعدك على اختيار الكلية المناسبة    سفير مصر بطوكيو: يتبقى 5 ساعات لغلق باب الاقتراع في انتخابات مجلس الشيوخ    سعر الذهب اليوم السبت 2 أغسطس 2025 بعد وصوله لأعلى مستوياته عالميًا في 7 أيام    الطماطم ب 6 جنيهات.. أسعار الخضروات اليوم السبت 2 أغسطس 2025 بأسواق الأقصر    أجواء غائمة وفرص أمطار تمتد للقاهرة.. حالة الطقس اليوم السبت 2 أغسطس 2025    موعد بدء الدراسة 2026 للمدارس الحكومية والدولية في مصر.. الخريطة الزمنية للجامعات    «قلبي مكسور».. رحمة حسن تثير قلق جمهورها بعد تساقط شعرها    55.7 مليون جنيه.. إيرادات فيلم الشاطر بعد 17 ليلة عرض (تفاصيل)    «بالهم طويل».. 5 أبراج تتحلى بالصبر    «100 يوم صحة» تقدم 26 مليونًا و742 ألف خدمة طبية مجانية خلال 17 يومًا    «الصحة» تطلق المنصة الإلكترونية التفاعلية لأمانة المراكز الطبية المتخصصة    ماسكيرانو: نحلم باستمرار ميسي مع إنتر ميامي.. والقرار بيده    انتخابات الشيوخ 2025.. توافد لافت ورسائل دعم للدولة المصرية خلال تصويت المصريين بالسعودية    الوطنية للانتخابات: تطور ملحوظ في وعي المواطنين واهتمامهم بالشأن الانتخابي    ضبط مالك مكتبة "دون ترخيص" بالقاهرة    توقيع بروتوكول تعاون بين الجمارك والغرفة التجارية بالقاهرة لتيسير الإجراءات الجمركية    استشهاد 23 فلسطينيا في قصف إسرائيلي متواصل على غزة    الدفاع الروسية: اعتراض وتدمير 112 طائرة مسيرة أوكرانية    مواعيد مباريات السبت 2 أغسطس 2025.. البدري ضد كهربا وافتتاح أمم إفريقيا للمحليين    مواعيد مباريات اليوم السبت 2- 8- 2025 والقنوات الناقلة    أيمن يونس: شيكابالا سيتجه للإعلام.. وعبد الشافي سيكون بعيدا عن مجال كرة القدم    تعرف على منافسات مصر بسابع أيام دورة الألعاب الأفريقية للمدارس بالجزائر    يحيى عطية الله يعود إلى الوداد بعد موافقة سوتشي الروسي    22 شهيدا في غزة.. بينهم 12 أثناء انتظار المساعدات    الرئيس البرازيلي: نستعد للرد على الرسوم الجمركية الأمريكية    زلزال بقوة 5.5 درجة يضرب شمال باكستان    «مياه الإسكندرية» تنهي استعداداتها لتأمين انتخابات مجلس الشيوخ    النشرة المرورية.. سيولة فى حركة السيارات على طرق القاهرة والجيزة    مصطفى عبده يكتب: خيانة مكتملة الأركان    ذات يوم.. 02 أغسطس 1990.. اتصالات هاتفية بالرئيس مبارك والملكين فهد وحسين لإبلاغهم بمفاجأة احتلال العراق للكويت ومحاولات الاتصال بصدام حسين تفشل بحجة «التليفون بعيد عنه»    جامعة قناة السويس تستضيف الملتقى الأول لريادة الأعمال.. وتكرم الفرق الفائزة    وفاة عم أنغام .. وشقيقه: الوفاة طبيعية ولا توجد شبهة جنائية    القاهرة الإخبارية تعرض تقريرا عن مجلس الشيوخ.. ثمرة عقود من التجربة الديمقراطية    ترامب: ميدفيديف يتحدث عن نووي خطير.. والغواصات الأمريكية تقترب من روسيا    وسط قلق وترقب المصريين، آخر تطورات أزمة قانون الإيجار القديم وموعد الصدور    جنين تم تجميده عام 1994.. ولادة أكبر طفل في العالم    أسعار السبائك الذهبية اليوم السبت 2-8-2025 بعد الارتفاع القياسي العالمي    90 دقيقة تأخيرات «بنها وبورسعيد».. السبت 2 أغسطس 2025    وفاة والد معتمد جمال مدرب الزمالك السابق    حروق طالت الجميع، الحالة الصحية لمصابي انفجار أسطوانة بوتاجاز داخل مطعم بسوهاج (صور)    الصفاقسي التونسي يكشف تفاصيل التعاقد مع علي معلول    جريمة تهز سيوة.. مقتل 4 أفراد من أسرة واحدة وإصابة ابنهم    مقتل 4 أشخاص في إطلاق نار داخل حانة بولاية مونتانا الأمريكية    تشيع جنازة عريس لحق بعروسه بعد ساعات من وفاتها بكفر الشيخ    عمرو دياب يشعل العلمين في ليلة غنائية لا تُنسى    استشارية أسرية: الزواج التقليدي لا يواكب انفتاح العصر    محافظ سوهاج يقرر غلق محلين بسبب مشاجرة بعض العاملين وتعطيل حركة المواطنين    إسماعيل هنية كشف خيانة الثورة المضادة فباركوا قتله .. عام على اغتيال قائد حماس    الشباب المصري يصدر تقريره الأول حول تصويت المصريين بالخارج في انتخابات مجلس الشيوخ    أبرزها رفع المعاش واعتماد لائحة الإعانات.. قرارات الجمعية العمومية لاتحاد نقابات المهن الطبية    كما كشف في الجول – النجم الساحلي يعلن عودة كريستو قادما من الأهلي    حسام موافي ينصح الشباب: مقاطعة الصديق الذي علمك التدخين حلال    للرزق قوانين    هل يشعر الأموات بما يدور حولهم؟ د. يسري جبر يوضح    أمين الفتوى: البيت مقدم على العمل والمرأة مسؤولة عن أولادها شرعًا    هل أعمال الإنسان قدر أم من اختياره؟ أمين الفتوى يجيب    وزير الأوقاف يؤدي صلاة الجمعة من مسجد الإمام الحسين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



درس خصوصى لكل مواطن
نشر في اليوم السابع يوم 19 - 10 - 2009

"النظافة من الإيمان" كلام جميل ما أقدرش أقول حاجة عنه. المشكلة أنها أصبحت عبارة محفوظة نرددها كثيراً دون أن نجد لها أى مردود على حياتنا. الدليل أن القمامة أصبحت أكوام.. أكوام ترتفع أمامنا فى كل مكان وتغطى كل شىء فى شتى أنحاء مصر وخاصة القاهرة، سواء فى حى شعبى أو راق. النتيجة أن العبارة أفرغت من محتواها وأصبحت مهجورة فهل العيب فى النظافة أم من الإيمان أم العيب فينا؟
البعض يقول إن العيب فينا لأن النظافة من القيم الإنسانية الأصيلة، والتى بدونها لا يمكن أن نصف إنساناً أو مجتمعاً بأنه متحضر. فالحضارة ليست كلمة تقال أو لافتة نتجمل بها، إنما هى سلوك راق له أثره على المستوى الفردى والمجتمعى. الدليل أننى عندما كنت فى مدينة كيوتو العاصمة الثقافية لليابان شاهدت مجموعة تلاميذ تحيط برجل أنيق فى ملبسه وهو يمسك مقشة فى يده اليمنى وجاروفا فى يده اليسرى وأمامه عربة ويقوم بكنس الشارع ذهابا وإيابا بنفسه، تعجبت وتساءلت من هذا الرجل وماذا يفعل، رد على مرافقى أنه مدير المدرسة التى يكنس وينظف حولها، وأنه يعطى درسا عمليا يوميا فى النظافة أمام تلاميذه ويكون قدوة لهم فى تنظيف بلادهم، ليتعلم التلاميذ النظافة وتتأصل فى سلوكهم وحياتهم.
فى المقابل نجد مدارسنا محاطة بأكوام القمامة والقاذورات حتى أصبحت مشهدا عاديا لا يثير أى اشمئزاز لدى المدرسين أو التلاميذ أو حتى رؤساء الأحياء والمسئولين.
فأين دور التعليم والثقافة والدين؟ أين دروس النظافة والمحافظة على البيئة فى المناهج الدراسية وتطبيقاتها على أرض الواقع؟ أين مشاركة الطلاب فى خدمة البيئة؟ وما قيمة التعليم إن لم يخدم المجتمع ويساعد على نظافته؟ معروف أن التعود من الصغر يجعل النظافة سلوكاً حياتياً للأطفال، فمن شب على شىء شاب عليه، وبذلك تصبح العادة طبيعة ثابتة تجعل السلوك يصدر عن المرء دون تكلف. مطلوب منا جميعا صغيرا وكبيرا، أن نهدأ ونتوقف قليلا لننظر إلى أحوالنا وما وصلت إليه حياتنا وشوارعنا من قبح وتشوهه وانعدام الذوق.
ماذا حدث لنا؟ وأين مصر وجمالها وجمال شوارعها التى تغنينا بها فى أفلامنا القديمة؟ الدليل فيلم "لوعة الحب" بطولة شادية وأحمد مظهر وعمر الشريف وإخراج صلاح أبوسيف، مشهد رائع بين شادية وعمر الشريف أثناء سيرهما على كورنيش النيل بروعته وجماله والمنازل الجميلة المتناسقة والشوارع التى كانت تلمع من النظافة. وفى أحد مشاهد الفيلم نجد عمر الشريف مساعد العطشجى - يصوره الفيلم بالنظافة فى سلوكه ومظهره - يأكل الترمس ويحتفظ بالقشر فى يده إلى أن وجد أقرب سلة مهملات ووضعها فيها، فى إشارة بالغة العمق على أن النظافة سلوك إنسانى، فالشخص النظيف فى الشارع هو نظيف فى بيته ونظيف فى سلوكه وحياته وأخلاقه. هذه النوعية من الأفلام التى كانت تدعو ليس فقط للنظافة الظاهرية، وإنما هى مرتبطة أشد الارتباط بالجانب الأخلاقى للإنسان . فالإنسان الذى لا يكذب يوصف بأنه نظيف اللسان. والذى لا يختلس من مال غيره أو من المال العام يوصف بأنه نظيف اليد، والإنسان الذى يتفق ظاهره مع باطنه يوصف بأنه صاحب صفحة نظيفة لم تتلطخ بما يسىء إلى صاحبها أو يشوه سمعته.
المشكلة الآن غياب النظافة العامة من سلوكنا ومظهرنا، فى حين لا نجد منتدى أو جلسة عامة أو خاصة، إلا نندب حظنا ونقول شوفوا وصلوا فين وإحنا بقينا فين، لأن الغرب والشرق أصبحا أكثر صرامة فى تطبيق معايير النظافة العامة والتى تنعكس أولاً فى دورات المياه العامة. ولكن عندنا نجد أن الإيمان لم ينعكس سلوكا حضاريا على دورات المياه فى المساجد، بل ربما تكون هى النموذج للإساءة لمفهوم" النظافة من الإيمان" سواء من هدر للماء أو تشويه للمكان أو نقل لأسوأ ما فى سلوكيات عدم النظافة. فأصبح فرش المسجد مرتعا للتعفن من الأقدام المبللة بالماء أو بقايا النظافة. وإن تحدثت أكثر فى تفاصيل تلك السلوكيات التى تنفر منها النفس السوية، نجد أن معظم دورات المياه فى المساجد "بلدية" بمعنى أنك تستخدم يديك فى تطهير نفسك. المصيبة أنك لا تجد صابونة لتغسل بها يديك، مما يوقعك فى مشاكل صحية وبيئية خطيرة مع ظهور كل أنواع الأوبئة التى تحيط بنا من أنفلونزا الطيور والخنازير والتيفود والطاعون. طبعا الكلام لا يقتصر على المسجد وإنما نجده فى المدرسة والجامعة والمؤسسات العامة وكثير من المؤسسات الخاصة. فأين الخلل؟ فى اعتقادى أن ثقافة النظافة لم تصبح بعد جزءِاً لا يتجزأ من الصحة المدرسية ومن ثقافة الطلاب ولم تنعكس على سلوك المواطنين. ففى الغرب والدول المتحضرة لديهم ثقافة عالية بالنظافة فهل هم أكثر منا أيماناً بأن النظافة من الأيمان؟
فلنتكاتف جميعا لنعيد لبلدنا وجهها الجميل الذى شوهناه بأنفسنا، خاصة أن النظافة أصبحت الآن مشكلة حياة أو موت وفشل مؤسسات الدولة فى القيام بواجبها لا يجب أن يكون سببا لتحويل بلدنا إلى مزبلة كبيرة، لأن هذه السلوكيات السلبية لا تقتصر على مستوى مادى أو طبقى معين، ولكنها طالت كل المستويات والطبقات. تبادل الاتهامات ومحاولة كل طرف رمى المسئولية على الأطراف الأخرى لن تفيد أحدا، ولأن الشكل يعبر عن الجوهر، فشكلنا أصبح وحش قوى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.