«فتح» تدعو الإتحاد الأوروبي إلى اتخاذ خطوات حاسمة ضد المخططات الإسرائيلية    «التضامن» تقر توفيق أوضاع جمعيتين في الشرقية وأسوان    عالم خالٍ من الأسلحة النووية    من موظف أوقاف إلى 'تاجر مخدرات' في لحظة: كيف شرعنت الشرطة القتل برعايةالسيسي؟"    سؤال برلماني لوزير التعليم بشأن انتداب معلمات من أسوان لمراقبة امتحانات في دمياط    تنسيق الجامعات 2025، كل ما تريد معرفته عن كلية علوم التغذية بحلوان    سعر الدولار في البنوك المصرية (آخر تحديث)    ارتفاع أسعار الذهب مع استمرار عدم اليقين التجاري بين الصين وأمريكا    حسم فى مواجهة التعديات    بالزيادة الجديدة.. موعد صرف معاشات شهر يوليو 2025    ترامب يشبه احتجاجات لوس أنجلوس ب«الغزو الأجنبي»    المتطرف بن غفير يقود اقتحام المستعمرين للمسجد الأقصى    مجددًا.. إسرائيل تفتح النار على منتظري المساعدات وسط غزة    زيزو: مكالمة الخطيب لها طعم خاص.. وجمهور الأهلي مصدر طاقتي    موعد مباراة الأهلي وإنتر ميامي بكأس العالم للأندية    كأس العالم للأندية| تشيلسي يتصدر القيمة التسويقية للمجموعة الرابعة    برقم الجلوس، احصل على نتيجة الشهادة الإعدادية 2025 في الدقهلية    التفاصيل الكاملة لقضية صيدلي مدينة نصر المتهم بهتك عرض السيدات.. الزوجة اكتشفت جرائم الجاني بالصدفة وأبلغت عنه وطلبت الطلاق.. و15 فيديو تدين المتهم.. والنقض تؤيد حكم الحبس المشدد 10 سنوات    «السكك الحديدية»: ضبط مرتكب واقعة تخريب قطار روسي وإحالته للنيابة    ماجد الكدواني ضيف معتز التوني في "فضفضت أوي" الليلة    يحيى الفخراني: الطب لم يكن شغفي.. وعبد الحليم علّمني احترام الجمهور    زاهي حواس يروج للسياحة على «FOX TV» ويدعو الشعب الأمريكي لزيارة مصر    مجدي شاكر: الفيوم مؤهلة لتكون من أهم الوجهات السياحية في مصر والعالم    متحدث «الوزراء»: استراتيجية وطنية لإعلان مصر خالية من الجذام بحلول 2030    إصابة سيدتان وطفلة بطلقات خرطوش فى زفة عروسين بالمنوفية    الأرصاد: استمرار ارتفاع درجات الحرارة وتحذيرات من الشبورة    أسعار الخضروات والأسماك والدواجن اليوم 11 يونيو بسوق العبور    أبو مسلم: أنا قلق من المدرسة الأمريكية الجنوبية.. وإنتر ميامي فريق عادي    القوات الروسية تتقدم في سومي وتهاجم خاركيف بالمسيرات    أسعار الدواجن والبيض في بورصة وأسواق الشرقية اليوم الأربعاء 11 يونيو 2025    25 شهيدا برصاص قوات الاحتلال قرب مركز توزيع المساعدات وسط قطاع غزة    30 دقيقة تأخر على خط «القاهرة - الإسكندرية».. الأربعاء 11 يونيو 2025    بعد إجرائه عملية جراحية وتدهور حالته الصحية.. محمد ثروت يطالب بالدعاء لابن تامر حسني    رئيسة الاستخبارات الوطنية الأمريكية: العالم أقرب منه في أي وقت مضى إلى الدمار النووي    عروس الشرقية عن زوجها: «الواعي ميعملش كدة ومحدش يتدخل في خصوصيتي» (فيديو)    يتحدث نيابة عن نفسه.. الخارجية الأمريكية ترفض تصريحات سفيرها لدى إسرائيل بشأن الدولة الفلسطينية    غرق طالب أثناء استحمامه فى ترعة بسوهاج    الدولار ب49.52 جنيه.. سعر العملات الأجنبية اليوم الأربعاء 11-6-2025    حملة دمياط الشاملة ترفع الإشغالات وتحمي المستهلك من تلاعب التجار    رئيس جامعة دمنهور: «صيدلة البحيرة» أول كلية تحصل على اعتماد مؤسسي وبرامجي في مصر    دعاء الفجر.. أدعية تفتح أبواب الأمل والرزق فى وقت البركة    هل شريكك من بينهم؟ 3 أبراج الأكثر خيانة    لكسر الحصار.. التفاصيل الكاملة حول قافلة صمود    بعد زيزو.. تفاصيل إنهاء الأهلي لصفقته قبل السفر لكأس العالم للأندية    «صفقات فاشلة».. تفاصيل تقرير ميدو في الزمالك (خاص)    عن "اللحظة الدستورية" المقيدة بمطالب الشعب الثائر    ظاهرة تتفاقم في الأعياد والمناسبات .. المخدرات تغزو شوارع مصر برعاية شرطة السيسي    بعض الأشخاص سيحاولون استفزازك.. حظ برج القوس اليوم 11 يونيو    مندوب الجامعة العربية بالأمم المتحدة: لن نسمح بالتلاعب بمصير الشعب الفلسطينى    تقارير: فيرتز على أعتاب ليفربول مقابل 150 مليون يورو    محمود وفا حكما لمباراة نهائى كأس عاصمة مصر بين سيراميكا والبنك الأهلى    المذاكرة وحدها لا تكفي.. أهم الفيتامينات لطلاب الثانوية العامة قبل الامتحانات ومصادرها    بطريقة آمنة وطبيعية.. خطوات فعالة للتخلص من الناموس    مُخترق درع «الإيدز»: نجحت في كشف حيلة الفيروس الخبيثة    "الأوقاف" تعلن أسماء الفائزين في مسابقة الصوت الندي 2025    أستاذ اقتصاديات الصحة: نسبة تحور "كورونا" ارتفعت عالميًا إلى 10%    زواج عريس متلازمة داون بفتاة يُثير غضب رواد التواصل الاجتماعي.. و"الإفتاء": عقد القران صحيح (فيديو)    حكم توزيع لحوم الأضاحي بعد العيد وأيام التشريق؟.. أمين الفتوى يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأوهام تخدش كبرياء الآلهة
نشر في اليوم السابع يوم 07 - 10 - 2009

«يا لهؤلاء المصريين الفقراء الأغبياء! يعبرون قناة السويس ثم تُنسف الجسور من ورائهم. لابد أن السوريين يهرولون الآن فراراً، أليس كذلك؟». هكذا بلغت قمة «التعاطف» الأمريكى معنا فى خضم أشرف حرب فى التاريخ العربى الحديث على لسان الرئيس ريتشارد نيكسون أثناء اتصال هاتفى له مع وزير خارجيته، هنرى كيسينجر، فى ثانى أيام الحرب التى وقعت أحداثها المجيدة فى مثل هذه الأيام قبل ستة وثلاثين عاماً. رد عليه هذا: «كلا! السوريون سيتحولون إلى ديك رومى بحلول الأربعاء (10 أكتوبر)».
لم يكونوا قد أفاقوا بعد من صدمة المفاجأة: أن المصريين، مع إخوانهم فى سوريا، «تجرأوا» ضد كل قوانين الطبيعة على اتخاذ زمام المبادرة لتحرير أراضيهم بينما فشلوا هم مع صنيعتهم، إسرائيل، ومع العالم كله، فى التقاط الإشارة وفى تفسير المقدمات رغم كل إمكاناتهم الاستخباراتية الفائقة. كان جرحاً نفسياً عميقاً فى التو واللحظة أن «يتطاول» عربى على الآلة الأمريكية، وعلى الصنيعة الأمريكية، أعمى بصرهم وبصيرتهم عن قراءة الواقع فى لحظات حاسمة، وتحول بصورة مباشرة إلى «إهانة شخصية» أن يبلغ العربى من الذكاء والإخلاص هذا الحد.
حتى مع نهاية اليوم الثالث، بتوقيت الساحل الشرقى للولايات المتحدة (أى بداية اليوم الرابع، 9 أكتوبر، بتوقيت سيناء والجولان)، «خلدنا إلى النوم ونحن نتوقع فى الصباح تكراراً لحرب الأيام الستة عام 1967» كما يقول كيسينجر الذى انفرد بإدارة الحرب على الجبهة الأمريكية بينما كان رئيسه غارقاً فى معجنة فضيحة ووترجيت، «لكنّ الأوهام تخدش كبرياء الآلهة، إنها تتأفف من تناول الأحداث الجسام على محمل البساطة».
فى الثانية إلا الربع صباحاً أيقظه السفير الإسرائيلى فى واشنطن. تساءل كيسينجر: ماذا يريد الآن وقد أرسلنا إليهم كل ما طلبوه من الذخيرة والمعدات الإلكترونية، حتى صواريخ سايدْوينديرز الحرارية؟ الآن، كانوا يستعجلون طائرات إف 4 فانتوم، درة سلاح الطيران الأمريكى آنذاك. عاد كيسينجر إلى النوم مؤمناً بأن ما لدى إسرائيل أكثر مما يكفى لسحق المصريين والسوريين وتلقينهم درساً يجعلهم «يركعون أمامنا استجداء لوقف إطلاق النار بحلول اليوم الخامس». لكنّ السفير الإسرائيلى أيقظه مرةً أخرى فى الثالثة صباحاً فهدّأ من روعه واتفق معه على لقاء فى البيت الأبيض فى الثامنة وعشرين دقيقة.
داخل «غرفة الخرائط» السرية فى الطابق الأرضى (حيث كان يتابع روزفلت مجريات الحرب العالمية الثانية) استمع كيسينجر إلى السفير الإسرائيلى والملحق العسكرى الإسرائيلى وهما يشرحان له لأول مرة مقدار «الكارثة غير المتوقعة». حتى تلك اللحظة كانت خسائر إسرائيل وفقاً لهما: 49 طائرة مقاتلة من بينها 14 طائرة فانتوم، و500 دبابة من بينها 400 على الجبهة المصرية وحدها. توسل السفير -وفقاً لكيسينجر- أن تبقى هذه الأرقام سرية إلا عن الرئيس خوفا «أن تنضم الدول العربية الأخرى إذا علمت بذلك لتوجيه ضربة قاضية».
طلب الملحق العسكرى الإسرائيلى معلومات استخباراتية. التفت كيسينجر إلى أحد مساعديه بهذا الأمر: «أعطهم كل فسفوسة معلومة لدينا». وفى السادسة وعشر دقائق مساءً صدّق الرئيس الأمريكى على قائمة الطلبات الإسرائيلية كلها من أولها إلى آخرها بما فيها تعويض جميع الطائرات المقاتلة (بعضها بأحدث طراز من الفانتوم) وجميع الدبابات (بعضها بأحدث طراز إم 60).
كانت تلك لحظة أراد هنرى كيسينجر أن يبدأ منها ما يوصف اليوم بسلام الشرق الأوسط. أخيراً يجد الآن وقتاً للرد على رسالة حافظ إسماعيل، مستشار الرئيس المصرى للأمن القومى: «يود الجانب الأمريكى أن يؤكد على استعداده لبدء مشاورات عاجلة مع الأطراف المعنية من أجل تحقيق تسوية سلمية عادلة فى الشرق الأوسط. وسط هذه الصعاب من المهم أن نحتفظ بمنظور المدى البعيد فى أذهاننا وأن نتجنب المواجهات والجدل المرير بينما نسعى إلى حل الأزمة الراهنة».
تبقى هذه اللغة معنا حتى اليوم، ويبقى السلام «عملية سلام»، لكنّ أرضنا تعود لنا لأننا جلسنا على مائدة المفاوضات وفى ملفاتنا دماء شهدائنا وبسالة أبطالنا وإخلاص قادتنا وإيمان شعبنا بالحق والإرادة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.