عام مضى بحلوهِ ومرهِ بخيرهِ وشرهِ، سعد فيه البعض، وحزن وبكى وتألم البعض، على فراق أحبة بالموت، أو بالسفر، أو بالخصام والقطيعة، أو بالمرض، أو بضيق ذات اليد، أو الإخفاق بالدراسة أو العمل ويبقى اليقين فى الله، بأن ما هو آتِ أفضل بأذن الله. عام مضى، كان لمصر بمثابة سرادق عزاء، ودعت فيه رجلاً فى ريعان الشباب، عام الموت بالجملة وبالقطاعي، حادثًا تلو الأخر، آباء وأمهات سودت أعتابهم وانكسرت ظهورهم، وأدمعت عيونهم، وأدمت قلوبهم، وطال ليلهم، حسرة ولوعة على فراق أبنائهم وأشقائهم، على أيدب الغدر، أيدب آثمة، يقال عنهم بمصريين، وما هم بمصريين، يقال عنهم مسلمون، وما هم بمسلمين، فالمسلم من سلم الناس من لسانه ويده، خائنين لله وللوطن، فلا يعرف الإيمان ولا الانتماء طريقًا إلى قلوبهم وعقولهم، الذين ضل سعيهم فى الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعًا. دفع الفقراء والكادحون ضريبة الاضطراب السياسى فى مصر، بلا ذنب اقترفوه أو جريرة، فرب الأسرة كل رصيده من الحياة هم أبناؤه، وتعُد مرحلة التجنيد، هى نقطة تحول فى أن يعاون الابن أبيه فى مسئوليات الحياة بعد انقضاء مدتها، ولهم نقول عليكم بالصبر الجميل، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِين، وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِى سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُون، ولَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِين، الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ.. فالدول والأمم كالأشخاص تمر بمحن وابتلاءات، وما أكثر المحن التى تعرضت لها مصر على مر التاريخ، كان أبرزها هزيمة 67، وفى كل محنة تجد شعبها يأخذ من مرارة الهزيمة دافعاً للانتصار، بالعمل والتلاحم، يُنبذ الفرقة والتشرذم، المصرى كمعدن الذهب كلما انصهر بنيران المحنة والابتلاء يخرج منها أكثر بريقًا، يُذهل العالم بإنجازاته، ولكي نخرج من هذا النفق الضيق، نحتاج إلى ثورة أخلاقية، وتربية روحية، نقدم مصلحة الوطن فوق الأطماع الشخصية، مع استقبالنا لعام جديد قف مع نفسك قليلاً، حاسبها عاتبها، راجع معها أخطاءك، محاولاً أن تتفادى ما سبق من أخطاء، ضع لنفسك خارطة طريق بأهداف نبيلة تعود بالنفع عليك وعلى من حولك، قف على باب الأمل والعمل والإنتاج.