لا خلاف على أن العامل هو أساس تقدم أى دولة والركيزة الأساسية لها، ولا تقوم دولة إلا على أكتاف العمال من بنوا ناطحات السحاب وعمروا المساجد والمدارس والشركات وزرعوا الصحراء وشقوا الآبار والأنهار وشقوا الصخر بعرقهم وجهدهم، هؤلاء العمال بكل فخر واعتزاز هم شركاء فى التنمية، شركاء فى بناء المستقبل، شركاء فى ازدهار الأوطان، شركاء فى الأرباح، ومن واجبنا أمام الله أن نضع نصب أعيننا حق العامل وواجباته التى شرعها الله فى كتابه وحثنا عليها رسولنا الكريم والوقوف أمام أى فرد أو مؤسسة أو دولة تقوم بالاتجار بالبشر لأن ضياع حق العامل وعدم إعطائه جميع مستحقاته أو استغلاله فى زيادة عدد أوقات العمل تؤثر سلبيًا على صحته والقيمة الإنتاجية ومستقبل الدولة معًا والعامل كما يعرف الكثيرون كان قبل الإسلام فى ظل العبودية والرق والذل والهوان حتى جاء الإسلام وتعاليمه السمحة قضت على العبودية والرق وأعز الإسلام العامل واعترف بحقوقه وواجباته وكرمه بعد أن عانى من التبعية والذل والهوان، ومنح العامل حقوقه وواجباته كمواطن من أفراد المجتمع كما جاء الإسلام بالكثير من المبادئ لضمان حقوق العامل من أجل إقامة دولة العدل وضمان حياة كريمة وعدالة اجتماعية واضحة له ولأسرته فى الحياة وبعد الممات قال تعالى " ولا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ" أى لا تنقصوا أموالهم, كما يحذر الله من سوء العاقبة إذا لم يتناسب الأجر مع العمل كما فى قوله تعالى "وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ (1) الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُواْ عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ (2) وَإِذَا كَالُوهُمْ أو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ" سورة المطففين والطبرى يفسر معنى المطفف بأنه المقلل حق صاحب الحق وأصل الكلمة من الطفيف أى القليل يجب على العامل أن يأخذ أجرة بقدر عملة وجهده فى العمل وسرعة إعطائه أجره كامل ونكرر لصاحب العمل واجباته تجاه العاملين أن يكون لديه من حسن المعاملة والشفقة والبر وعدم تكليف العمال فوق طاقتهم، وإعطائهم رواتبهم أول بأول وعدم الاستغلال بأى شكل من الأشكال قال الله تعالى فى كتابه: "مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أو أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ" الآية 97 سورة النحل، وانتشرت فى الآونة الأخيرة فى القرن العشرين والواحد والعشرين مظاهر الاتجار بالبشر واستغلال الحاجة وخاصة فى بعض الدول العربية والأجنبية التى أهملت حق العامل وركزت كل همها فى جمع الأموال ووضحت دراسة أن أكثر من 800 ألف إنسان بالعالم يقعون ضحايا الاتجار بالبشر سنويًا وقال مصدر قضائى مصرى أن مصر المعبر الرئيسى والأقوى فى منظومة الاتجار بالبشر وأغلب المصريين غير راضين على تلك الظاهرة الغريبة فى عصر الحريات والتقدم التكنولوجى وأيضًا منظمات حقوقية دولية اتجهت إلى بعض الدول التى تأخرت فى تحسين أوضاع العمالة لديها ما يؤثر سلبيًا على دورها الدولى وإناشد تلك الدول بسرعة عمل إصلاحات سريعة وتحسين أوضاع العمالة إن كانت زيادة فى الرواتب ومنح العامل التأمين الصحى الكامل له ولأسرته وسهولة الإجراءات، ولذلك يجب على صاحب العمل ألا ينتهز فرصة حاجة العامل الشديدة إلى العمل فيبخسه حقه، ويغبنه فى تقدير أجره الذى يستحقه نظير عمله، فالإسلام يحرم الغبن ويقرر لا ضرر ولا ضراروقد جاءت الآيات والأحاديث داعية إلى العدل، ومحذرة من الظلم ومحرمة له، والله سبحانه وتعالى لا يظلم الناس شيئاً بل لا يريد الظلم، يقول تعالى: "وما الله يريد ظلماً للعباد". وفى الحديث القدسي: "يا عبادى إنى حرمت الظلم على نفسى وجعلته بينكم محرمًا، فلا تظالموا". وما هلكت الأمم السابقة إلا بظلمها وبغيها ولقد أهلكنا القرون من قبلكم لما ظلموا يونس، ويقول تعالى: "فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا" النمل: 52 فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يأكل مع الأجير ويساعده فى احتمال أعباء ما يقوم به من عمل، كما لا يصح أن يضرب صاحب العمل العامل أو يعتدى عليه، فإن ضربه فعطب كان عليه الضمان.