العمل هدف لكل إنسان, فعن طريقه يعيش ويحقق أهدافه ويشارك في خدمة وطنه ومجتمعه, فكما أن القوانين المعاصرة تحث علي العمل ووضعت له المبادئ والقواعد فإن الأديان السماوية قبل ذلك قد أكدت أهمية العمل . وطالبت الإنسان به كسبب للرزق, فالسماء لا تمطر ذهبا أو فضة, بل إن الأنبياء والرسل عليهم صلوات الله وسلامه قد مارسوا العمل وكانوا ينتقدون الانسان الذي ليس له عمل. وبمناسبة الاحتفال بعيد العمال الذين هم بناة مصر,دعا علماء الدين, المسئولين والعمال الي الالتزام بمواثيق العمل,وعدم تعطيل خطوط الانتاج,وعلي العمال الاخلاص في العمل,وفي المقابل اعطاء الدولة حقوق العمال كاملة, مطالبين الجميع بوضع المصلحة العليا للوطن في الاعتبار حتي ينهض الاقتصاد ويتحقق الرخاء والتنمية,محذرين في الوقت نفسه من الانسياق وراء الدعوات التي تظهر من حين لآخر بهدف تعطيل العمل تحت مسميات الاضراب,والعصيان,, مما يترتب عليه زيادة التدهور الاقتصادي. ويقول الدكتور علوي أمين خليل, استاذ الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون بجامعة الازهر, ان الاسلام اعلي من شأن العمل ورفع من قدره,فعن النبي صلي الله عليه وسلم انه قال: ما أكل أحد طعاما قط خيرا من أن يأكل من عمل يديه, وإن نبي الله داود صلي الله عليه وسلم كان يأكل من عمل يده,موضحا ان العمل إذا اقترن بالنية الصالحة يخرج من حيز العادات ليكون عبادة لله رب العالمين. العمل عبادة واشار الي إن الاسلام لا يفرق بين عبادة خاصة كالصلاة وبين عمل للحياة وكسب العيش من حيث تقرير ثواب عليه, فكل عمل طيب متقن يقوم به إنسان سواء كان خاصا بالعبادة الخالصة أو كان عبادة عن طريق كسب العيش وإثراء الحياة بالإنتاج, يضع الله النتائج الطبيعية له في الدنيا ويضع أمامنا الجزاء عليه في الآخرة كحافز يحمل الإنسان علي إجادة عمله وإتقانه مهما يكن نوع هذا العمل,يقول الله تعالي إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا,وقال تعاليمن عمل صالحا من ذكر أو أنثي وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون, وتشمل الأعمال الصالحة كل عمل طيب وكل سعي حلال يؤديه الإنسان ويشارك به نهضة أمته وتقدمها وتوفير الحياة المنظمة السعيدة لها من بدء تنظيف الشارع إلي القمة,هذا في مصنعه, وهذا في مزرعته أو تجارته, هذا في ديوانه أو في ميدانه. واكد ان في السنة النبوية الكريمة نصوصا متعددة تمجد العمل الطيب وترفع درجته وتكرم صاحبه,يقول صلي الله عليه وسلم: من أمسي كالا من عمل يده أمسي مغفورا له. قيمة العمل وحول أهمية العمل العظيمة في الاسلام,يوضح الدكتور فياض عبد المنعم, استاذ الاقتصاد الاسلامي بجامعة الازهر,ان أفضل خلق الله وهو رسولنا محمد صلي الله عليه وسلم كان يعمل برعي الأغنام وبالتجارة, ولأهمية العمل أيضا وضرورة استمراره, فقد حث النبي صلي الله عليه وسلم علي ذلك في الحديث الشريف الذي رواه أنس بن مالك أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: إن قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة فإن استطاع أن يغرسها فليفعل, ويعتبر الإسلام العمل الصالح حتي ولو كان هذا العمل صغيرا قربي إلي الله وفي سبيله, ويوضح هذا المعني ما جاء في حديث كعب بن عجرة قال:مر النبي علي رجل, فرأي أصحاب رسول الله من جلده ونشاطه, فقالوا: يا رسول الله, لو كان هذا في سبيل الله! فقال رسول الله: إن كان خرج يسعي علي ولده صغارا, فهو في سبيل الله, وإن كان خرج يسعي علي أبوين شيخين كبيرين, فهو في سبيل الله, وإن كان خرج علي نفسه يعفها فهو في سبيل الله, وإن كان خرج يسعي رياء ومفاخرة; فهو في سبيل الشيطان. واشار الي ان من أسباب استجابة الدعاء ورفع البلاء هو الإخلاص في العمل وأداء حق العامل وذلك لما تصنعه الأمانة وأداء الحقوق في النفوس من التوازن, واليقين بأن جهد العامل لا يضيع مع مرور الوقت, وفي حديث الشيخين عن النبي صلي الله عليه وسلم: وقال الثالث: اللهم إني استأجرت أجراء وأعطيتهم أجرهم غير رجل واحد ترك الذي له وذهب, فثمرت أجره حتي كثرت منه الأموال, فجاءني بعد حين فقال: يا عبد الله أد إلي أجري, فقلت: كل ما تري من أجرك: من الإبل والبقر والغنم والرقيق. فقال: يا عبد الله لا تستهزئ بي! فقلت: لا أستهزئ بك, فأخذه كله فاستاقه فلم يترك منه شيئا, اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه من هذه الصخرة, فانفرجت الصخرة فخرجوا يمشون. مناسبة الأجر للعامل وأوضح ان من حق العامل,الأجر المناسب لقدراته ومواهبه,فيقول الله تعالي ولا تبخسوا الناس أشياءهم.., أي لا تنقصوا أموالهم, كما يحذر الله من سوء العاقبة إذا لم يتناسب الأجر مع العمل كما في قوله تعالي ويل للمطففين الذين إذا اكتالوا علي الناس يستوفون وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون الطبري والامام الطبرييفسر معني المطفف بأنه المقلل حق صاحب الحق وأصل الكلمة من الطفيف أي القليل, كما يجب علي العامل ان ياخذ اجره بقدر عمله وجهده في العمل. وأكد ان الإسلام يقرر سرعة دفع الأجر للعامل بعد الانتهاء من عمله مباشرة لقول الرسول( أعطوا الأجير أجره, قبل أن يجف عرقه), ويروي البخاري أن النبي صلي الله عليه وسلم قال( قال الله: ثلاثة أنا خصمهميوم القيامة ومنكنت خصمه خصمته, رجل أعطي بي ثم غدر, ورجل باع حرا فأكل ثمنه, ورجل استأجر أجيرا فاستوفي منه ولم يعطه أجره. وعن مناسبة العمل للعامل,يوضح ان الله جعل التكليف في دائرة التوسع والطاقة فقال تعالي: لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته علي الذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا وارحمنآ أنت مولانا فانصرنا علي القوم الكافرين.