"قتلناه وما كناش نعرف أنه بيصرف على أسره بأكملها.. ده طلع أرجل مننا بكتير.. وإحنا لما شوفناه على الجرار الزراعى وهو صغير فى السن طمعنا فيه.. ولما قررنا نسرقه منه بالعافية رفض، وقال أنا راجل ومش هأفرط فى حقى.. فقتلناه ولقناه الشهادتين بعدما أبهرنا برجولته".. كانت هذه الكلمات للمتهمين بقتل طفل بالمنوفية. وأضاف المتهم الأول "ربيع.إ.ف"،31 سنة عاطل، فى اعترافاته أمام اللواء جمال شكرى مدير مباحث المنوفية، "أنا متخصص سرقات مواشى فى نطاق محافظة المنوفية بصفة عامة وبمركز أشمون بصفة خاصة، حيث أتسلل ليلاً إلى حظائر المواشى لسرقتها دون أن يشعر بى أصحابها، ثم أذهب إلى أسواق خارج المحافظة لبيعها حتى لا يتعرف علىَّ أصحاب هذه المواشى". وتابع المتهم، "شاهدت فى إحدى المرات طفلاً لا يتخطى عمره الخامسة عشر عاماً، يمر أمامى بجرار زراعى، واختمرت فى ذهنى فكرة الاستيلاء على الجرار وبيعه والاستفادة بثمنه، خاصة أن مهنة سرقة المواشى أصبحت لا تسمن ولا تغنى من جوع، حيث أجد صعوبات فى تنفيذها من حيث حمل الماشية على ظهرى وصياحها فى بعض الأحيان وسط سكون الليل، مما يفضح أمرى، وبعد كل هذه المعاناة فإن أسعارها زهيدة للغاية، على خلاف الجرار الزراعى الذى يصل ثمنه إلى آلاف الجنيهات وعملية سرقته لا تتطلب سوى دقائق معدودات". واستطرد المتهم قائلاً، اتفقت مع صديقى "رضا.ح.م"، 23 سنة عاطل، على الاشتراك معى لتنفيذ الجريمة، وجلسنا سوياً نرسم سيناريو الواقعة، حيث اتفقنا على استدراج الطفل إلى مكان نائى فى الزراعات بحجة نقل كميات من محاصيل "الكرنب" على الجرار إلى مكان آخر مقابل أجر مادى كبير، وبالفعل وافق الطفل على الذهاب معنا لنقل الحمولة، وتحرك بالجرار الزراعى، وتجاذبنا معه أطراف الحديث ونحن فى منتصف الطريق وعرفنا أن اسمه "إبراهيم" وكنا نناديه ب"هيما"، وبدأ الطفل يطمئن إلينا خاصة بعدما دخلنا معه فى وصلة من المزاح حتى وصلنا إلى المكان المحدد، وطلبنا منه أن ينزل من فوق الجرار، لكنه سألنا عن "الحمولة"، حيث إنه لم يشاهد شيئاً، وبدأت تظهر عليه علامات الدهشة والقلق، ولم نمنحه وقتاً للتفكير، حيث اشهرنا فى وجهه السلاح وساومناه على الجرار الزارعى. واستكمل المتهمان: طلبنا منه أن يتركه وينصرف حفاظاً على حياته من الموت، لكنه مع صغر سنه فلم يبالى بهذه التهديدات، وقال لنا إنه رجل ولن يفرط فى حقه، وحاولنا بجميع الطرق أن نستولى على الجرار بدون إراقة الدماء، لكنه كان متمسكاً بحقه، فعاجلناه بآلة حادة على رأسه من الخلف حتى سقط مغشياً عليه، وبينما هو يصارع الموت شعرنا بالخزى والعار أمام رجولته بالرغم من صغر سنه، فلم نغادر المكان حتى لقناه الشهادتين، ثم أسرعنا إلى الجرار وهربنا به بعيداً عن مسرح الجريمة. وأضافا: ذهبنا إلى ورشة إصلاح سيارات وغيرنا معالم ولون الجرار الزراعى تماماً، ثم سافرنا به إلى الجيزة، حيث تم بيعه لشخص يدعى "حسن.و.س"، ومقيم بالعياط، وبعدما حصلنا على المال، شعرنا بالندم على ما اقترفنا فى حق الطفل، خاصة بعدما علمنا بأنه كان يعمل قرابة 15 ساعة متواصلة من أجل الحصول على جنيهات معدودات يصرف بها على أشقائه، وأنه كان يتحمل مسئولية أسرة كاملة، ويفضل الحلال مع تكبده للمصاعب. تعود الواقعة إلى تلقى مأمور مركز شرطة الشهداء بلاغاً من الأهالى بالعثور على جثة طفل مقتولاً، فانتقل ضباط المباحث إلى مكان الواقعة، وتبين أن الجثة ل"إبراهيم.ج.م"، 14 سنة سائق جرار زراعى، وبمعاينة الجثة تبين بها جرح قطعى فى فروة الرأس وملقاة أمام أرض زراعية بقرية دنشواى، وتشكل فريق بحث لسرعة كشف غموض الواقعة وضبط مرتكبى الواقعة، وتوصلت تحريات المباحث إلى أن وراء ارتكاب الواقعة كل من "ربيع.إ.ف"، 31 سنة عاطل سبق اتهامه فى قضية "سرقة ماشية"، و"رضا.ح.م"، 23 سنة عاطل. وتم ضبط المتهمين، وبمواجهتهما اعترفا بارتكابهما الواقعة بقصد الاستيلاء على الجرار الزراعى الخاص بالمجنى عليه والتصرف فيه بالبيع واقتسام المبالغ المالية بينهما، وبمناقشة المتهمين تم التوصل لمكان الجرار، حيث قام المتهمان بتغيير لونه وبيعه ل"حسن.و.س" وتحرر المحضر رقم 17503 جنح مركز الشهداء، وأخطرت النيابة لمباشرة التحقيقات، وبالعرض على المستشار عبد العاطى صلاح مدير نيابة مركز الشهداء، أمر بحبسهما 4 أيام على ذمة التحقيقات.