تواجه عمليات الإغاثة فى وسط الفلبين، اليوم الاثنين، صعوبات بعد مرور الإعصار هايان، الذى وصفه خبراء بأنه أحد أقوى الأعاصير التى تضرب الأرض، بينما يتزايد يأس الناجين المنهكين والجائعين. وتم إعلان حالة الكارثة الوطنية وسط اتساع حجم الأضرار تدريجياً بعد أربعة أيام على مرور إعصار هايان، الذى تخشى السلطات أن يسبب مقتل آلاف الأشخاص، وأدت رياح تخطت سرعتها 300 كلم فى الساعة وسلسلة أمواج عملاقة إلى تدمير مناطق بأكملها، خصوصاً فى جزيرتى لييتى وسامار. وأعلنت الأممالمتحدة الاثنين، أن الإعصار هايان خلف نحو عشرة آلاف قتيل فى مدينة تاكلوبان وحدها. وقالت مسئولة العمليات الإنسانية فى المنظمة الدولية فاليرى أموس، إن "السلطات المحلية تعتبر أن نحو عشرة آلاف شخص قتلوا فى مدينة واحدة." وكانت الأممالمتحدة أعربت فى وقت سابق عن خشيتها من أن تتجاوز حصيلة ضحايا الإعصار عشرة آلاف قتيل. وقال الجنرال الأمريكى بول كينيدى، الذى وصل الاثنين إلى جزيرة لييتى مع حوالى 90 عنصراً من المارينز وطائرتين من طراز سى 130 محملتين بالمواد الغذائية والمعدات، "كل شىء مدمر، الطرقات غير سالكة، الأشجار تم اقتلاعها، أعمدة الكهرباء ملقاة أرضاً، لم يعد هناك كهرباء." وهذه القطع العسكرية والمعدات التى وصلت الاثنين هى باكورة مساعدات أمريكية لضحايا الإعصار قوامها 15 طائرة، تسعة منها من طراز سى 130 وأربعة من طراز إم فى 22 الهجينة، التى تسمح بالتحليق مثل مروحية، ما يساعدها فى بلوغ مناطق صعبة، إضافة إلى طائرتين من طراز بى 3 أوريون مستخدمة فى عمليات البحث. وفى وقت لاحق الاثنين، أرسلت الولاياتالمتحدة 180 عسكرياً كتعزيزات إلى الفلبين لتقويم الوضع وتحديد الحاجات على صعيد المساعدات، بحسب ما أعلنت قوات المارينز. وأقلعت أربع طائرات إم فى 22 وأربع طائرات أخرى للنقل من طراز كاى سى 130 من قاعدة المارينز فى فوتينما على جزيرة أوكيناوا اليابانية فى اتجاه المناطق المنكوبة. وسعى عمال الإغاثة فى الفلبين إلى إيصال الخيام والمواد الغذائية والمستلزمات الطبية إلى تاكلوبان عاصمة جزيرة لييتى، وهى مدينة ساحلية تعد 220 ألف نسمة تحولت إلى أكوام من الركام ومقبرة جماعية مفتوحة تفوح منها روائح الجثث المتحللة. لكن هؤلاء واجهوا صعوبة فى عملهم بسبب أعمال النهب والتوتر الشديد للسكان الجائعين المحرومين من الماء والكهرباء، وتمت مهاجمة محال للمواد الغذائية وموكب للصليب الأحمر. وتم إيفاد مئات الآلاف من العسكريين والشرطيين إلى المكان الاثنين لإعادة ضبط الوضع. وقرب مطار تاكلوبان المدمر، اصطف الناجون فى طوابير طويلة بعد اجتيازهم كيلومترات عدة فى الوحل للوصول إلى المكان أملاً بالحصول على مساعدات. وقال خوان لومبرى ويلسون البالغ 54 عاماً، وهو أحد الناجين الكُثر الذين تجمعوا فى محيط أحد مراكز الإغاثة النادرة فى المدينة، لوكالة فرانس برس "نطالب بفريق منظم لجمع الجثث، وتوزيع الطعام وإنهاء عمليات النهب." وأضاف "نشعر بتعب عاطفى وجسدى.. عدد كبير من الرضع والأطفال بحاجة للمساعدة". وبحسب منظمة الأممالمتحدة للطفولة (اليونيسف)، فإن ما يقارب أربعة ملايين طفل فلبينى قد يكونون متضررين بفعل تداعيات الإعصار. وقال ممثل اليونيسف فى الفلبين تومو هوزومى، "إننا نعجل فى إرسال مواد الإغاثة اللازمة للأطفال الذين هم أول ضحايا هذه الأزمة"، مضيفاً "لكن بلوغ المناطق الأكثر تضرراً صعب للغاية، إننا نعمل على مدار الساعة". والاثنين، شهد المسعفون والصحفيون المتجمعون فى مطار تاكلوبان المدمر حدثاً مؤثراً تمثل بولادة الطفلة "بيا جوى" التى سميت كذلك تيمناً بجدتها التى قضت جراء الإعصار. ولا تزال مهمة تحديد حصيلة لضحايا الإعصار صعبة بسبب الفوضى الناجمة عن هذه العاصفة العاتية التى عزلت عدداً كبيراً من المناطق، وبالتالى يتعذر الحصول على أى أنباء منها. وتحدث المسئول الرفيع المستوى فى شرطة تاكلوبان المر سوريا الأحد عن مقتل 10 آلاف شخص فى لييتى جراء الإعصار، أما حاكم سامار التى انطلق منها الإعصار فأكد مقتل 433 شخصاً، وهى حصيلة مخففة جداً على الأرجح. كذلك تم الإعلان عن مقتل عشرات الأشخاص فى مدن وأقاليم أخرى دمرها الإعصار الذى تقدم على نطاق بلغ 600 كلم. هذا الوضع دفع بالرئيس الفلبينى بينينيو أكينو إلى إعلان حالة الكارثة الوطنية، ما يسمح بفرض رقابة على الأسعار والإسراع فى الإفراج عن الأموال لصالح أعمال الإغاثة. من جهته، أعلن مندوب الفلبين فى المؤتمر الدولى بشأن المناخ فى وارسو، أنه سيضرب عن الطعام حتى نهاية الاجتماع فى 22 نوفمبر، وقال نديريف سانو "تضامناً مع مواطنى الذين يكافحون للحصول على غذاء سأبدأ صوماً طوعياً من أجل المناخ." وفى مواجهة حجم المأساة، وبالإضافة إلى الولاياتالمتحدة، اقترحت دول ومنظمات عدة بينها الاتحاد الأوروبى والأممالمتحدة مساعدتها المالية أو المادية، وهو ما قد تحتاجه البلاد على مدى سنوات عدة مقبلة. وفى هذا الإطار أعلن الفاتيكان الاثنين، تقديمه مساعدة طارئة قدرها 150 ألف دولار "كمساهمة أولى" لصالح السكان المتضررين جراء إعصار هايان. وأشار الكرسى الرسولى فى بيان إلى أن المساعدة "سيتم توزيعها بواسطة الكنيسة المحلية فى المناطق الأكثر تضرراً جراء المأساة"، وسيتم "استخدامها لدعم عمليات المساعدة للأشخاص المشردين" بسبب الفيضان. ويعتبر هايان من أعتى الأعاصير فى تاريخ الأرض، وقد ضرب هذا الإعصار من الدرجة الخامسة الفلبين فجر الجمعة، وتراجعت حدته إلى الدرجة الأولى لدى وصوله إلى فيتنام صباح الاثنين. ومع ذلك، أجلت السلطات الفيتنامية أكثر من 800 ألف شخص تحسباً لوصول الإعصار الذى تسبب بأمطار غزيرة طالت أيضاً العاصمة هانوى، وتم اعتبار ثلاثة أشخاص فى عداد المفقودين. كذلك أدى الإعصار إلى مقتل ستة أشخاص على الأقل فى الصين. وفى الفلبين، اعتبر وزير الطاقة جيريكو بيتيلا أن السلطات لا تملك المتطلبات المادية والبشرية الكافية لمواجهة إعصار بهذه القوة. وقال لقناة إيه بى إس- سى بى إن، "لم نشهد يوماً عاصفة بهذه القوة، بإمكانكم اتخاذ التدابير الوقائية التى تريدون، لكنها لن تنفع كثيراً فى مواجهة عاصفة بهذا العنف"، فى وقت تحدث بعض الخبراء عن عيوب بنيوية فى التنظيم المدنى والهيكلية العمرانية للبلاد. وتتحضر الفيليبين الاثنين أيضاً لوصول عاصفة استوائية يمكن أن تكون مصحوبة بفيضانات جديدة، ومن المنتظر وصولها إلى جنوبالفلبين الثلاثاء قبل توجهها نحو وسط البلاد.