أيها الحزن اترك الوادى وارحل، فأنا لم أدعك للإقامه فيه، منذ نزلت البوادى لم أعد أستطيع تنفس الهواء إلا محملا بندى الدموع، امتلا الوادى بالهموم وأصبح ضيقا علينا، فلترحل، فلم يتبق بالوادى شبرا إلا وامتلا بالدموع، أصبحت ضيفا ثقيلا علينا، ولم أعد أحتمل طعناتك فى قلبى، فارحل أم أنك تستمع بتعذيبى ميتا بالحياة، ها هى عيونى قد جفت من كثرة النحيب، وشاخ قلبى وأنا لم أدرك المشيب، وأصبح بدنى ضعيفا لا يحتمل التعذيب. أيها الحزن فاض الكيل بى وامتلا الوادى بأشلاء الضحايا، فهذه أحلامى قد كسرتها على صخرة الواقع، لم أعد أرى بعيونى مع أنى بصيرا، فمن كثرة نحيبى لا أرى إلا دموعى، حتى ضوء النهار والشمس بازغة فى كبد السماء، لم أرها منذ سنين، لم أعد أرى إلا الليل ولونه الأسود ولتزيد ظلمتى قتلت قمر اليالى حتى لا أرى إلا السواد. أيها الحزن لن أتوسل إليك كثيرا، فقد ضقت ذرعا بتوسلاتى إليك، هل أنت أصم، هل أنت أعمى، فلا تسمع توسلاتى ولا ترى غيرى، العالم ملىء بالبشر من بنى آدم، فلماذا تتركهم وتختارنى أنا، أنا الذى كنت محبا للحياة منذ عرفتنى أصبحت للموت عاشقا، هل تعلم أننى تركت شراء الثياب، واستبدلتها بشراء الكفن، حتى الوادى الذى كنت أحفر لأزرعه الآن أحفر فيه قبرا يضمنى بعيدا عنك تاركا لك الوادى تمرح وفيه وتلعب.