الطريق إلى قصر العروبة قصة رئيس مصر القادم والقوى السياسية المؤثرة فى اختياره (الحلقة الرابعة) 3- الإخوان المسلمين عناوين الحوار.. = خليل العنانى الباحث فى شئون الحركات الإسلامية: = الصفقة مع الإخوان ضرورية لنقل السلطة بهدوء = ولا يمكن لأى مرشح للرئاسة تحييد الجماعة = دعم الجماعة لمرشح الرئاسة القادم مشروط بحصولهم على رخصة الحزب = كلما زاد الغموض حول مصير السلطة زادت الضربات الموجهة للإخوان = المرشح الوحيد للرئاسة لا يتمتع بخبرة كافية للتعامل مع الإخوان ولا بالبراجماتية السياسية لإدراك وزنهم فى نقل السلطة = لهذه الأسباب.. الجماعة غير مؤهلة لفرز مرشح يتسم بالمرونة ويمثل قاعدة للإجماع الوطنى = قوة الإخوان فى رأس المال الدينى وترابطهم وقدرتهم على التعبئة والحشد والجماعة ليست تنظيماً فكرياً سياسياً بل تعبوياً حركياً = الإخوان هم الخاسرون إذا حدثت حالة انفتاح سياسى عامة فى مصر = لن يغير الحكم أسلوب التعامل مع الإخوان قبل الانتهاء من الانتخابات الرئاسية القادمة ما لم يحدث تغيير دراماتيكى مفاجئ يصبح معه الإخوان أكثر تأثيراً مقدمة الحلقة: يشكل الإخوان أحد القوى السياسية المؤثرة فى قضية اختيار الرئيس القادم إلى قصر العروبة ويكاد يضعهم المحللون والمراقبون فى مقدمة هذه القوى، حيث يمثل الإخوان المسلمين بشكل عام وعلى مدار ثمانين عاماً رقماً مهماً فى المعادلة السياسية فى مصر لأكثر من عامل، فى مقدمتها أنهم يعبرون عن قطاع من المجتمع لديه رغبة فى الإصلاح من خلال استخدام الدين بالأساس، كما أنهم من أكبر القوى المنظمة فى مصر والتى تملك هدفاً ومشروعاً واضحاً تسعى باتجاهه. وقد شكل الإخوان وعلى مدار نصف قرن مضى هاجسا لنظام الحكم، فكانوا أحد العقبات الرئيسية فى طريق الثورة وعنصراً ضاغطاً عليها، اضطر معه عبد الناصر للتفكير فى إقصائهم، بينما كان السادات من الذكاء، حيث استخدمهم كورقة ضد الناصريين واليسار ومراكز القوى بعد أن أدرك أهمية وحجم وتأثير الإخوان.. إلى أن انقلبوا عليه. نجح نظام مبارك فى الاستفادة من أخطاء النظامين السابقين واتبع سياسة الاحتواء دون دمج، بمعنى أن يكون هناك وجود واقعى للإخوان على الأرض يمارسون من خلاله نشاطاً عاماً فى حدود معروفة لا تمثل خطوطاً حمراء بالنسبة لبقاء النظام، خاصة أن الأخير كان مشغولاً بصراعه مع الجماعات المتطرفة ولم يكن لديه الوقت، كما أنه لم ينظر إليهم باعتبارهم خطراً يهدد بقاءه، ثم بدأ التحول فى العلاقة بين الطرفين بعد انتهاء خطر التنظيمات العنيفة فى التسعينيات، وبدأ النظام يشعر بخطورة الإخوان عليه، خاصة أنهم يعبرون عن المزاج العام فى الثقافة الدينية المصرية كتيار محافظ معتدل وليس منغلقاً أو تياراً منفتحاً دون ضوابط أو قيم أخلاقية وبالتالى يملكون التأثير، مما يشكل معه عنصر تهديد مستقبلى للنظام دفعه للقيام بعملية إجهاضية فكانت قضية سلسبيل التى شهدت أول محاكمات عسكرية للإخوان شهدها نظام مبارك عام 95 ومنذ هذا التاريخ وحتى 2004 ظل الإخوان المسلمين تحت الرقابة، ونجح النظام إلى حد بعيد فى تقليص أى تمدد سياسى واجتماعى لهم عبر تحجيمهم نقابياً وبرلمانياً. وعندما بدأ المجتمع المصرى يمر بحالة من المخاض ظهرت بدايات تهديد الإخوان لقوة النظام وتحديداً منذ أن بدأ الضغط الخارجى على مصر بعد أحداث سبتمبر، واستشعر الإخوان أن المناخ أصبح مواتياً لتحقيق مكاسب سياسية مقارنة بالسنوات الطويلة السابقة، وقد بدأت مصر منذ منتصف 2004 تتغير فوجدنا صراعا بين الحرس الجديد والقديم فى الحزب الوطنى، وظهرت حركات معارضة مثل كفاية ولم يكن الإخوان استثناء عن هذا المناخ فبدأوا فى التحاور مع أحزاب المعارضة مثل الوفد والعربى والتجمع، ثم أعقبه حوار بين الحزب الوطنى وبقية الأحزاب انتهى بقبول المعارضة بعدم الدخول فى حوار مع الإخوان وعدم تعديل الدستور إلا بعد انتخاب الرئيس مبارك لفترة جديدة لكنه فاجأ الجميع فى 26 فبراير 2005 بتعديل المادة 76 الخاصة باختيار رئيس الجمهورية. مقدمة الحوار: يرى الأستاذ خليل العنانى الباحث المتخصص فى شئون الحركات الإسلامية ومؤلف كتاب "الإخوان المسلمون فى مصر.. شيخوخة تصارع الزمن" الذى صدر أواخر العام الماضى وأثار جدلاً واسعاً، أن لجماعة الإخوان تأثيراً كبيراً فى مسألة نقل السلطة للرئيس القادم، وهو تأثير يتعلق بالمناخ أكثر مما يتعلق بالشخص ذاته، كما أن أى مرشح للرئاسة لا يمكنه إغفال أو تجاهل قوة الإخوان فى هذه القضية ومن ثم لا يمكنه إقصاءهم نهائياً عن المشهد السياسى. ويطرح الباحث خليل العنانى تصوراته حول المكاسب التى يمكن أن يحصل عليها الإخوان أثناء عملية الانتخابات الرئاسية القادمة.. فإلى تفاصيل الحوار: = هل الإخوان قوة مؤثرة فى نقل السلطة عام 2011؟ - تاريخياً لا يوجد طرف مؤثر فى نقل السلطة فى مصر باستثناء المؤسسة العسكرية، ولكن الآن وفى ظل المناخ الجديد فى مصر أصبح لدينا أكثر من فاعل ولابد لأى محاولة لنقل السلطة أن تضعهم فى الاعتبار، فمثلا إذا لم يتم عقد صفقة أو العمل على التهدئة مع جماعة الإخوان، فلن يحدث نقلاً سلساً للسلطة، صحيح أن السلطة ستنتقل بأى حال، وهذه إحدى سمات الأنظمة السلطوية فى العالم، ولكن لن يكون الأمر سهلا أو سلسا كما حدث فى المرات السابقة خاصة أننا نعيش فراغا دستوريا يتمثل فى عدم وجود نائب لرئيس الجمهورية، وفى حالة حدوث أى سيناريو مفاجىء للسلطة فى مصر سيكون الإخوان لاعباً رئيسياً فى هذا السيناريو. = كيف يرى الإخوان سيناريو نقل السلطة فى مصر؟ - هناك رأيان داخل الجماعة فى مسألة نقل السلطة، الأول يرى عدم وجود موانع مع النظام فى نقل السلطة بشكل سلس وهادئ بغض النظر عن الشكل وطريقة الوصول، ولكن بشرط العودة للصيغة القديمة وهى الاحتواء دون دمج والتى تسمح للإخوان بالعمل السياسى والاجتماعى، وأتصور أن هذا هو رأى التيار المحافظ، وهناك وجهة نظر أخرى أكثر تسييسا وبراجماتية ترى أن نقل السلطة فى مصر يجب أن يكون ثمنه هو حصول الإخوان على رخصة حزب سياسى، وهذه وجهة نظر بعض الإصلاحيين وهذا هو ما سيحدد رد فعل النظام. = كيف؟ - بمعنى هل سيكون أحد سمات النظام الجديد احتواء الإخوان من خلال الدمج عبر حزب سياسى أم لا، لكن فى كل الأحوال سيكون من المستحيل على أى نظام سياسى استبعاد الإخوان نهائيا من اللعبة. = ما مدى تأثير الإخوان فى تحديد شخصية الرئيس القادم؟ - ضعيف.. حيث تكمن قوتهم فى التأثير على المناخ الذى يتم فيه انتقال السلطة لكنهم لا يملكون التأثير فى مسألة تحديد شخصية الرئيس القادم، وكذلك الحال لأى قوى سياسية أخري، لأن المناخ كله يكتنفه الغموض، ولا أحد يعرف ما إذا كان التغيير سوف يأتى من قلب المؤسسة الصلبة، أم سيأتى عبر منافسة مفتوحة؟ فهذا سؤال معقد ولا أحد يملك الإجابة عليه. = ما هو الوزن النسبى للإخوان مقارنة ببقية القوى المؤثرة فى اختيار الرئيس القادم؟ - الإخوان من أكثر اللاعبين تأثيرا فى تهيئة أو عرقلة مناخ نقل السلطة ووزنهم النسبى قوى جدا بلا شك فى هذه اللحظة، وعندما يفكر أحد فى حسم قضية السلطة فى مصر فالمؤكد أنه يجب أن يضع الإخوان المسلمين فى اعتباره أولاً، ثم طبيعة المناخ السياسى والاجتماعى ثانياً، وهل هو ساخط أم راضى وهل سيقبل أم سيرفض، وعموماً أستبعد وجود مشكلة إجرائية فى مسألة نقل السلطة فى مصر. = كيف تعامل الإخوان مع حالة الانفراجة النسبية التى شهدتها مصر خلال السنوات الأربع الماضية؟ - رأوا أن الفرصة أصبحت مواتية للظهور، فتحولوا من استراتيجية رد الفعل التى ميزتهم طيلة العقدين الماضيين إلى استراتيجية الهجوم بكل قوة على النظام، فكان أن اتخذوا قرارا استراتيجيا بالنزول للشارع ومنذ مارس 2005 حتى مايو 2005 قاموا بتسيير ما يقرب من 23 مظاهرة فى 15 محافظة شارك فيها نحو 138 ألف إخوانى، مما يؤكد قدرتهم على الحشد والمبادرة والهجوم، وقد نجحوا فى استغلال سخونة المناخ الداخلى ووطأة الضغط الخارجى على النظام الذى بات محشورا – من وجهة نظرهم- بين طرفى كماشة، حتى أن وزيرة الخارجية الأمريكية قالت فى الجامعة الأمريكيةبالقاهرة بأن واشنطن لن تمانع فى التعامل مع الإسلاميين إذا وصلوا للحكم، وتم فهم هذا التصريح على أن الإخوان هم البديل الجاهز للنظام. = وماذا كان رد فعل النظام؟ - اعتقل عددا كبيرا من قيادات الصف الأول للإخوان وتم الحديث وقتها عن صفقة بين النظام والإخوان – أرى أنها كانت أقرب للضمانات التكتيكية لكلا الطرفين، تمثلت فى عدم مشاركة الإخوان فى أى مظاهرات سياسية مع الأحزاب، وألا ينضموا تحت لواء أية مطالب خارجية تنادى بالتغيير فى مصر ولا يكونون جزءاً منها، وأخيراً ألا يشكلوا عقبة فى انتخاب الرئيس مبارك لفترة رئاسية جديدة فى سبتمبر 2005. = فى مقابل ماذا؟ - مقابل الإفراج عن الأعداد الكبيرة المعتقلة من الإخوان خاصة قيادات الصف الأول والوعد بتخفيف قبضة النظام عن مرشحيهم فى الانتخابات التشريعية 2005، وتم بالفعل تنفيذ هذه الضمانات. = ما الذى حدث بعد ذلك؟ - نتيجة متغيرات دولية تمثلت فى مخاوف من تمدد الإسلاميين فى المنطقة بعد أن استشعرت أمريكا الخطر نتيجة صعود حماس للسلطة فى يناير 2006 فبدأت تتراجع عن فكرة نشر الديمقراطية فى المنطقة العربية طالما أصبح هناك تهديدا لمصالحها، وكان هذا بمثابة ضوءا أخضر لجميع النظم العربية للتعامل مع التنظيمات الإسلامية كما تشاء، فبدأ النظام فى تنفيذ ما يمكن أن أسميه (الخطة ب) فى التعامل مع كافة المعارضين السياسيين خصوصا الإخوان، فعادت صيغة القمع وسياسة الإقصاء مع استخدام أعلى للأداة الأمنية والاقتصادية والإعلامية إضافة إلى الأداة الدستورية. = وكيف تعامل الإخوان مع هذه المتغيرات؟ - كان الإخوان من السذاجة السياسية حيث أعطوا للنظام فرصة للإجهاز عليهم بهذه الأدوات المتعددة حيث اعتقدوا أن فوزهم بهذه النسبة الكبيرة فى الانتخابات التشريعية يشجعهم على الانتقال إلى مرحلة جديدة من أهدافهم السبعة الكبرى التى وضعها مؤسس الجماعة حسن البنا. = ما هى هذه الأهداف السبعة؟ - تكوين الفرد المسلم وثانيا الأسرة المسلمة ثم المجتمع المسلم ثم الحكومة المسلمة وخامسا الوصول للدولة المسلمة ثم تحقيق حلم الخلافة الإسلامية وأخيرا قيادة العالم، وقد رأى الإخوان أن فى فوزهم فى انتخابات مجلس الشعب الأخيرة دلالة على دخول المجتمع المصرى فى طور الأسلمة. = وماذا يعنى ذلك؟ - بدأوا فى الانخراط فى المجتمع والتواصل مع النخب المثقفة ومنظمات المجتمع المدنى ورفع الوعى السياسى بين طلبة الجامعات، وقد فطن النظام لهذه المحاولة، بعد أن بدأ الإخوان يلعبون فى ملعبه وهو المجتمع الذى يعد بمثابة الفناء الخلفى للنظام، مما دعا الأخير إلى توجيه ضربات نوعية للجماعة ولم تعد هناك خطوطا حمراء فى اعتقال قياداتهم ثم كان العرض العسكرى لطلبة الإخوان فى جامعة الأزهر بمثابة سكين أهداها شباب الجماعة للنظام كى يذبح بها قادتهم وهو ما حدث بعد ذلك فى المحاكمة العسكرية. = بعيداً عن المتغيرات الدولية..هل كانت هناك أسبابا أخرى لهذه المواجهة الساخنة؟ - فى اعتقادى أن أحد أسباب المواجهة الساخنة بين الإخوان والنظام هو الغموض الذى يكتنف مسألة نقل السلطة فى مصر، ويجب أن تتوقع أنه كلما ازداد هذا الغموض كلما زادت الضربات الموجهة للجماعة، وذلك بسبب وجود صراع أفكار وسياسات بين جناحين فى السلطة أحدهما يتصف بالحنكة والحكمة السياسية ويعى صعوبة إقصاء أو استئصال جماعة الإخوان بسبب تجذرها فى المجتمع، بينما يعتقد الجناح الجديد بنجاحه فيما فشل فيه الآخرون وبقدرته على تحجيم الإخوان حتى لا تصبح الجماعة رقما فى معادلة نقل السلطة. = وأى من أفكار الجناحين يتسم بالواقعية؟ - يعيب الجناح الجديد عدم تمتعه بالخبرة السياسية الكافية فى التعامل مع الإخوان مما يجعله يستخف بهم ويستهين بقدرتهم على وقف أى سيناريو لنقل السلطة، وتؤكد المواجهة الآن بين الإخوان والنظام على أن أحد الروافد الرئيسية للوصول الى قصر العروبة سوف تمر من منيل الروضة. = كيف؟ - نظام الحكم فى مصر وعبر آلاف السنين كان يقوم على ثلاث دعائم أساسية، أولها توزيع كفء للموارد والثروات وثانيا تحقيق حد معقول من العدالة الاجتماعية توفر له الشرعية والرضا وثالثا استخدام عصا الأمن بهدف الردع وليس أكثر، وكانت هذه الدعائم تحقق نتائج مبهرة تضمن سكوت المصريين وقناعتهم بالحكم بل والدفاع عنه ضد أية مخاطر خارجية، أما الآن فقد سقطت هذه الركائز كلها، وهو ما أفرز مناخاً محتقناً يدفع بضرورة التفكير فى بديل أخر، وعندما تقارن كمواطن بين طرفين أحدهما مستبد وفاسد والآخر مستبد لكنه غير فاسد، فالمؤكد أن الكفة ستميل للطرف الآخر خاصة إذا نجح فى تسويق نفسه إتباعا لنظرية الضحية والجلاد. = هل كان للإخوان تأثير فى اختيار الرؤساء السابقين؟ - لا = كيف وعلاقتهم بالثورة؟ - كان هناك نوعا من التوائم الوظيفى بين الطرفين، وكان كل طرف يقدر قوة الآخر لكن الضباط حسموا الصراع لصالحهم واستطاعوا إقصاء الإخوان بعد محاولتهم فرض سيطرتهم على الثورة لتنفيذ جزء أصيل من برنامجهم وهو إقامة دولة إسلامية فى مصر، ولم يكن للإخوان يد فى مسألة نقل السلطة من ناصر للسادات لأنهم كانوا فى السجون. = وحالياً؟ - تمر مصر الآن بمرحلة تغيير أدى إلى تعديل موازين القوة النسبية بين اللاعبين الفاعلين سياسيا، وأعطى ميزة نسبية للإخوان فى مسألة نقل السلطة تتعلق بالمناخ أثناء نقل السلطة وسيكون للإخوان وقتها دور مؤثر قد يمتد لمرحلة ما بعد انتقال السلطة. = كيف؟ - بناء عليه سيتحدد..هل سيقوم النظام الجديد بالاستماع للإخوان وهل سيتبع سياسة الاحتواء أم الإقصاء، علما بأن الانتخابات الرئاسية المقبلة سوف تتم فى سياق وأجواء مختلفة تماماً عن السابق وسيزيد الوزن النسبى لكافة القوى السياسية بسبب حالة الفراغ الحالية والتى لا تعطى للناس إحساسا بالأمان. = إيه السبب؟ - غياب منصب نائب رئيس الجمهورية، حتى ولو كان منصبا رمزيا إلا أنه يمثل نوعا من صمام الأمان، كما أن المزاج العام للمجتمع حاليا لم يعد يسعى إلى الخبز فقط بل إلى الحرية والانفتاح السياسى، ومن الصعب على أى حاكم قادم أن يحكم بنفس الأدوات التى حكم بها الرئيس مبارك طيلة ربع قرن. = لماذا؟ - ما حدث فى مصر خلال الأعوام الأربع الماضية يؤكد أن العودة للأدوات السلطوية القديمة لم يعد مجديا. = أفهم من كلامك أننا فى الطريق الى المجتمع الديمقراطي؟ - لم أقصد ذلك تماما فلابد هنا من التفريق بين حالتى الديمقراطية الكاملة والسلطوية الكاملة ونحن نعيش الآن فى ظل نظام شبه سلطوى وليس ديمقراطيا، وما حدث فى مصر خلال السنوات القليلة الماضية لم يكن إصلاحاً سياسياً أو توجها ديمقراطيا بل كان انفتاحا إعلاميا محدودا وهناك حالياً محاولات لإغلاق هذه المساحة لكن فى المقابل هناك متغيرات غير تقليدية ظهرت ويجب أخذها فى الاعتبار من الآن فصاعداً. = زى إيه؟ - نصف عدد سكان مصر الآن تحت سن الثلاثين عاماً، وهؤلاء لهم مطالب أخرى غير الوظائف والعمل، وهى مطالب سياسية بالأساس، كما أن لديهم رغبة فى الحصول على قنوات شرعية للتعبير، وهذا يعد بمثابة عنصر ضغط على النظام، ولك أن تتخيل أن الفاعلين التقليديين لم يكن لهم يد فيما حدث فى إضراب 6 أبريل الماضى بل كانت هناك قوى جديدة يمكن تسميتها بالكتلة الحرجة التى تشكلها الآن فى فترة مخاض. = هل يمكن تحييد قوة الإخوان فى ملف اختيار الرئيس القادم؟ - صعب، فكما قلنا سابقا إذا لم يكن للإخوان الآن مطمع فى السلطة أو فى جزء منها إلا أنهم أيضا لا يريدون العودة إلى صيغة البقاء كتنظيم سري، وبالتالى سيحاولون الحصول على مكاسب ومن ثم لا يمكن تحييدهم. = أين تكمن قوة الإخوان؟ - قوة الإخوان فى رأس المال الديني، وفى ترابطهم وتنظيمهم وقدرتهم على التعبئة والحشد ورسالتهم باعتبارهم تيارا إسلاميا معتدلا يريد إصلاح المجتمع من خلال الدين. = ما هى أدواتهم؟ - التنظيم والقدرة على التعبئة وخلق رأى عام إلى حد ما ضد الوضع القائم نتيجة غباء التعامل معهم. = وصفت سياسة النظام ضد الإخوان بالغباء.. يعنى كنت عاوز الدولة تمنحهم الرخصة؟ - دعنا نتكلم بصراحة...أحد الأسباب السياسية التى تزيد من جاذبية أى معارض سياسى هو الإجراءات القمعية التى يمارسها النظام ضده، فمثلا جزء من شعبية أيمن نور كان ظهوره فى صورة الضحية، كذلك حال الإخوان فالصورة الذهنية عنهم تراهم فى موضع الضحية وأنهم جماعة سلمية معتدلة لديها برنامج اصلاحى لا يختلف كثيراً عن البرامج الأخرى للقوى السياسية، ربما يكون به بعض الفجوات ولكنه يبدو متماسكاً ويمكن تطويره فى المستقبل، هذا البرنامج يواجه بحالة قمع شديد غير مبرر، وأستطيع القول أنه إذا حدثت حالة انفتاح سياسى عامة فى مصر سيكون الاخوان المسلمين هم الطرف الخاسر فيه. = إزاى؟ - يصعب الاعتقاد بتأييد عدد كبير من شرائح المجتمع المصرى للإخوان، وفى حالة حدوث انفتاح سياسى ستسمح بظهور قوى جديدة تستطيع أن تستقطب شرائح مجتمعية جديدة وأكثر من ذلك فالإخوان المسلمين ليسوا كتلة صامتة بل لديهم تنوعا فكريا يتراوح مابين اليمين والوسط واليسار والسلفى والمحافظ والإصلاحى. = عاوز تقول إيه؟ - فى حالة حدوث انفتاح سياسى مع عدم قدرة الجماعة على تقديم خطاب دينى وسياسى متقدم سوف يخرج منها أفواج وأفواج لانشاء أطر إسلامية جديدة وبديلة أكثر تقدمية. = هل يمكن للاخوان أن يفرزوا من بين جنباتهم مرشحا للرئاسة؟ - صعب ومستحيل فى هذه الفترة. = دستوريا؟ - لا.. تنظيميا. = لماذا؟ - لأن الاخوان المسلمين ليسوا تنظيما فكريا سياسياً بل تنظيما تعبويا حركيا، لذا من الصعب أن تضع يدك داخل الجماعة على شخصية لها ثقل ووزن فكرى وسياسى يمكن أن يكون لديها رؤية مرنة تسع الجميع. = لماذا؟ - لأنهم لا يهتمون بالتنشئة الفكرية والسياسية ولكن بالتنشئة الدينية والتعبوية. = كيف؟ - ليس لديهم قدرة على تأصيل مفاهيم الدولة الحديثة داخل بنيتهم التنظيمية كما أن القيم التنظيمة داخل الجماعة لا تساعد على فرز قيادات لديها قدرة على المرونة والخيال السياسي، مما يعنى أن الجماعة غير مؤهلة الآن لفرز مرشح يتسم بالمرونة ويمثل قاعدة للإجماع الوطنى. = ما مدى اتصال الإخوان ببقية القوى المؤثرة الأخرى؟ - تتسم علاقة الجماعة ببقية القوى الأخرى بفترات صعود وهبوط مستمر ويتوقف ذلك على مدى توفر مظلة شرعية للإخوان يعملون من خلالها وهذه هى مشكلة الإخوان، فعندما يشعروا بقدر من القوة يتراجعوا للخلف والعكس صحيح، وعلى الجانب الآخر هناك شكوك من القوى السياسية العلمانية تجاه ما يطرحه الإخوان كما أن هناك حالة رفض مسبق من بعض الليبراليين تجاه فكرهم. = هل تعتقد بوجود صفة بين الإخوان ومرشحين محتملين للرئاسة؟ - هذا يتوقف على نوعية هذا المرشح وهل سيأتى من قلب النظام الحالى أم لا؟ وهل يتمتع بالبراجماتية والواقعية السياسية كى يدرك وزن الجماعة؟ وهل لديه القدرة على استيعاب الإخوان بدون الخوف من أنهم سوف يمثلون له تهديدا فى المستقبل، وهل لديه القدرة على استيعاب بقية القوى السياسية الأخرى أم لا؟. = هل تعتقد بوجود مرشح محتمل من النظام الحاكم يمتلك هذه الرؤية؟ - المرشح الوحيد من النخبة الحاكمة والذى يعرفه الجميع لا يتمتع بالخبرة السياسية الكافية للتعامل مع الإخوان ولا بالبراجماتية السياسية لإدراك وزن وحجم الإخوان فى نقل السلطة فى مصر. = لكن لديه مستشارون؟ - جزء كبير من المستشارين الذين يمدونه بالمعلومات والتقارير لديهم موقف مسبق تجاه الإخوان فهم يحاولون الحفاظ على مكاسبهم الخاصة لإدراكهم بخسارتهم إذا سمحوا بوجود علاقة بين النظام الجديد والإخوان، لذا يسعون لمنع أى محاولة للاتصال بين هذا المرشح مع الإخوان ويصورونها له باعتبارها التهديد الرئيسى له. = وما هو الحل؟ - إذا أدرك هذا المرشح أن الإخوان قوة وطرف فى معادلة الوصول للرئاسة فأعتقد أنه سيجلس معهم بشكل أو بآخر، وفى تقديرى أن ما يتعرض له الإخوان الآن من ضغط رهيب قد يكون تمهيدا للجلوس معهم والتفاوض مقابل اتفاق أمنى وليس سياسياً. = بمعنى؟ - رفع القبضة الأمنية عن الإخوان والإفراج عن المعتقلين وليس اتفاقا سياسيا يتمثل فى حصولهم على حزب سياسى أو من خلال المشاركة فى السلطة. = إذن ما يحدث حاليا مع الإخوان يرتبط بملف القادم إلى قصر العروبة؟ - بلا شك، لأن الطريق إلى قصر العروبة لابد وأن يمر بمنيل الروضة، سلباً أو إيجاباً، والذى يعنى ضرورة تحجيم هذه البؤرة من أجل تأمين انتقال سلس وهادئ للسلطة، لكن فى ظل الغموض الموجود سيكون هناك العكس وهو أن يكون هناك تأثير من هذه القوة على مسألة نقل السلطة فى مصر من حيث تهيئة أو عرقلة المناخ المحيط بها. = ما الذى يريده الإخوان من الرئيس القادم؟ - الحصول على اعتراف رسمى بهم وحقهم بالوجود السياسى من خلال إنشاء حزب سياسى، والتعامل معهم باعتبارهم قوة مؤثرة فى مستقبل مصر وليسوا كائنا مجهولا مثلما تعاملت معهم كافة النظم بعد 52 بينما هم فى الحقيقة عامل مؤثر وأن يقتنع بثقلهم الذى يستطيعون معه عرقلة تنفيذ مشاريعه. = هل رصدتم ثمة إشارة أرسلها الإخوان إلى قادم محتمل للرئاسة؟ - يتمتع الإخوان ببراجماتية سياسية لا تتوافر لأى قوى أخرى ويمكنهم التحالف مع أى شخص أو قوة لكن مشكلتهم الآن هى غياب قنوات اتصال مع النظام. = لكن حدث اتصال بين النظام والإخوان خلال السنوات الماضية؟ - لا يوجد مانع فى إمكانية الالتقاء بين النظام والإخوان بشرط أن يدرك كل طرف قوة الآخر، والسؤال ليس حول الجلوس من عدمه بل حول التنازلات التى سيقدمها كل طرف للآخر، وهل ستكون سياسية أو أمنية؟ = هل استفاد الإخوان سياسيا من النظام القائم؟ - نعم، وإذا قارنت الوزن السياسى للإخوان فى السبعينيات بوضعهم الآن سيكون الحالى أفضل. = كيف ترى إدارة الإخوان لملف الرئاسة القادمة؟ - هذا سؤال سابق لأوانه ولكن إذا استمرت حالة الاحتقان الشديد والضغط الأمنى وقمع قوى الإخوان، سينتج عنه رد فعل غير متوقع، وسيلعبون دورا مؤثرا فى تعبئة الجماهير ضد أى سيناريو لنقل السلطة فى مصر، لكن إذا استمر مبارك فى السلطة لفترة قادمة فستمر العملية دون قلاقل. = هل من مصلحتهم حدوث تغيير جذرى فى هيكل الحكم؟ - أعتقد برغبتهم فى انتقال هادئ للسلطة شرط أن يأخذ فى الاعتبار وزنهم ودورهم فى عملية نقل السلطة لأن حدوث فراغ مفاجئ فى السلطة يضرهم لأنه يعنى احتمالية قدوم من لا يعير أحدا اهتماما ولا يعى حجم قوتهم وتأثيرها. = هل يفضل الإخوان (الفعل) أم (رد الفعل) تجاه القادم المجهول؟ - ليس لدى الإخوان أى مبادرة فيما يتعلق بالرئيس القادم لأنه ليس لديهم مرشحا ولن يفكروا إلا إذا وجدوا ضمانات لانتخابات رئاسية نزيهة وأن هناك فرصة حقيقية للمنافسة على منصب رئيس الجمهورية. = هل تعتقد بتغيير الحكم لسياساته مع الإخوان فيما يتعلق بملف الرئيس القادم؟ - لن يغير النظام الحالى من أسلوبه فى التعامل مع الإخوان حتى يتم الانتهاء من الانتخابات الرئاسية القادمة ولن يعترف بهم حتى موعد تلك الانتخابات، ما لم يحدث تغيير دراماتيكى مفاجئ يصبح معه الإخوان أكثر تأثيرا، والمؤشرات حتى هذه اللحظة لا تقول بوجود دور قوى للإخوان فى تحديد شخصية الرئيس القادم اللهم بزيادة مساحة السخط فى الشارع تجاهه. موضوعات متعلقة.. محمد على خير يكتب: الطريق إلى قصر العروبة (الحلقة الأولى) محمد على خير يكتب: الطريق إلى قصر العروبة (الحلقة الثانية) محمد على خير يكتب: الطريق إلى قصر العروبة (الحلقة الثالثة) محمد على خير يكتب: قصة رئيس مصر القادم والقوى السياسية المؤثرة فى اختياره (الحلقة الخامسة) محمد على خير يكتب: الطريق إلى قصر العروبة (الحلقة السادسة) محمد على خير يكتب: الطريق إلى قصر العروبة (الحلقة السابعة) محمد على خير يكتب: الطريق إلى قصر العروبة (الحلقة الثامنة) محمد على خير يكتب: الطريق إلى قصر العروبة (الحلقة التاسعة) محمد على خير يكتب: الطريق إلى قصر العروبة (الحلقة العاشرة) محمد على خير يكتب: الطريق إلى قصر العروبة (الحلقة الحادية عشر) محمد على خير يكتب: قصة رئيس مصر القادم والقوى السياسية المؤثرة فى اختياره (الحلقة الثانية عشر) محمد على خير يكتب: مفاجأة: الأسهم التى سيمتلكها المصريون ليست مجانية محمد على خير يكتب: ملاحظات مهمة حول بيان النائب العام فى قضية سوزان تميم.. محمد على خير يكتب: فى حريق الشورى حضر رئيس الجمهورية والوزراء وفى كارثة المقطم حضر محافظ القاهرة فقط محمد على خير يكتب: لماذا رفعت الحكومة يدها عن دعم أكبر رجل أعمال فى مصر؟ محمد على خير يكتب: لماذا يمسك رشيد منتصف العصا فى قضية احتكار الحديد؟ محمد على خير يكتب: دولة جمال مبارك التى رحل عنها (عز) محمد على خير يكتب: 3 سيناريوهات تحدد مصير مجموعة طلعت مصطفى إذا تمت إدانة هشام محمد على خير يكتب: عمليات شراء واسعة لأراضى طريق مصر إسكندرية الصحراوى محمد على خير يكتب: قصة رئيس مصر القادم والقوى السياسية المؤثرة فى اختياره (الحلقة الخامسة)