سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
البلدان العربية خلال التسعينيات من القرن الماضى حاربت الإرهاب بمفردها.. فى حين كانت الولايات المتحدة وبعض البلدان الأوروبية يقدمون الحماية السياسية واللجوء ليمارس جرائمه ضد شعوب هذه المنطقة. فى تقرير لمركز البحرين للدراسات والإعلام..
انتقد مركز البحرين للدراسات والإعلام فى تقرير له اليوم الجمعة إصرار الولاياتالمتحدةالأمريكية مؤخرا على خسارة الحلفاء وازدياد الأعداء يزداد المرء دهشة، حينما يحاول قراءة السياسة الأمريكية فى منطقة الشرق الأوسط خلال الفترة الأخيرة، وتحديدا منذ الحادى عشر من سبتمبر 2001. وعلى الرغم من وضوح أهداف تلك السياسة فى سعيها إلى الحفاظ على المصالح الأمريكية فى المنطقة وفى مقدمتها أمن إسرائيل وضمان وصول النفط بأسعار لا ترهق الاقتصاد الأمريكى، وحماية الأنظمة المعتدلة فى المنطقة، إلا أن ما شهدته السياسة من وجود هدف رئيسى تمثل فى الشعار الذى رفعته الولاياتالمتحدة بعد أحداث سبتمبر، وهو محاربة الإرهاب، ورغم الدور الذى لعبته الأنظمة العربية المعتدلة كما هو الحال فى النظام المصرى قبل ثورة الخامس والعشرين من يناير، وكذلك أنظمة دول الخليج التى حملت على عاتقها محاربة الإرهاب بكافة صوره، فقد ظلت هذه البلدان خلال فترة التسعينيات من القرن المنصرم ترفع شعار محاربة الإرهاب بمفردها فى حين كانت الولاياتالمتحدة وبعض البلدان الأوروبية تقدم الحماية السياسية واللجوء إلى أراضيها ليمارس الإرهاب ضد شعوب هذه المنطقة، ولم تعِ هذه البلدان إلا ما بعد الأحداث الإرهابية، التى وقعت على أراضيها وتوجت بأحداث سبتمبر 2011. لتبدأ هذه الدول فى مشاركة دول المنطقة فى همها الأول الذى يمثل حجر عثرة أمام أى مشروعات للتنمية والتحديث والإصلاح، وعلى الرغم من استبشار هذه الدول خيرا بهذا التحول فى موقف الولاياتالمتحدة والبلدان الأوروبية التى كانت ترعى مثل هذه الجماعات تحت مسميات حقوق الإنسان وحماية الحريات، إلا أنه سرعان ما انكشف سوء مقصد هذه البلدان، وخبث نياتهم فى تصدير الإرهاب ليعمق جذوره فى دول المنطقة من خلال مساندة جماعات الإرهاب التى تتستر بالدين أو تحاول مخاطبة عواطف شعوب المنطقة، وذلك فى مواجهة الأنظمة المعتدلة التى لعبت دورا مهما فى نهضة هذه الشعوب وتقدمها. فعلى سبيل المثال تقف الولاياتالمتحدة فى مساندة جماعة الإخوان المسلمين فى مصر ما بعد الثلاثين من يونيو رغم الإرادة الشعبية التى ترفض وجودها وعدم مشروعيتها القانونية بل وتؤيد كافة الممارسات الإرهابية، التى تقوم بها. كذلك تساند جمعية الوفاق البحرينية التى تمارس الإرهاب والاعتداءات على المجتمع وممتلكاته العامة والخاصة بل تطالب الحكومة البحرينية بمنحهم حقوقاً لا يستحقونها فى حين أن الإرادة الشعبية فى المملكة تقف بأغلبها فى جانب الحكومة وتجدد كل يوم الثقة فى شخص الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، وكذلك الأمر بالنسبة لما يجرى فى العراق حيث تساند نورى المالكى ضد علاوى. وفى مقابل ذلك تقف مساندة للحكم فى إيران رغم إرهابه وتشدده ولم تتحدث عن القمع الذى مارسه النظام ضد معارضيه كما حدث أثناء الانتخابات قبل الأخيرة، عام 2009 أو ما عرفت بالثورة الخضراء. لا شك أن هذا التناقض فى السياسة الأمريكية تجاه دول المنطقة، إنما يعكس ارتباكا فى مواقف الإدارة الأمريكية التى لا تستطيع أن تحسم رؤيتها فى كيفية التعامل مع الأطراف الفاعلة فى تلك الدول، وهو ما دفع السعودية لاتخاذ هذا الموقف من رفضها قبول العضوية فى مجلس الأمن الذى أصبح أداة طيعة فى يد الولاياتالمتحدة دون أدنى اعتبار لمصالح الشعوب وأمنها واستقرارها، وخاصة فى قضايا المنطقة كما حدث فى القضية الفلسطينية بتاريخها الطويل والقضية السورية بتشابكاتها وتعقيداتها. وعلى هذا، فعلى الأنظمة الحاكمة المعتدلة فى دول المنطقة وعلى رأسهم مصر والسعودية والإمارات والبحرين والكويت أن تعى خطورة الموقف الأمريكى وسياستها فى مساندة القوى الإرهابية المهددة لأمن الشعوب واستقرارها، وأن يتم استثمار الموقف السعودى الأخير فى بناء رؤية موحدة لهذه الدول فى تعاملها مع الإرهاب الداخلى، الذى تمارسه بعض القوى السياسية التى تحاول أن تصف نفسها بالمعارضة، وكذلك مع الأطراف الخارجية وعلى رأسهم الولاياتالمتحدة التى تحاول استغلال هذه القوى واستثمار وجودها فى ممارسة المزيد من الضغوط على قادة دول المنطقة لتقديم تنازلات تمس أمنها القومى واستقلالية دولها وهو ما ترفضه كل القيادات الحاكمة فى البلدان العربية، ولعل موقف القيادة السياسية فى مصر ورئيس الحكومة البحرينية الأمير خليفة بن سلمان يضربان المثل الأكثر تعبيرا على الصمود فى وجه تهديدات الداخل وضغوط الخارج.