قالت إذاعة "صوت أمريكا" إن الخبراء يعتقدون أن واحدة من العقبات الرئيسية التى تعوق طريق مصر إلى الديمقراطية، هو غياب العدالة الانتقالية. فيقول محمد عبد الدايم، الخبير بالمركز الدولى للعدالة الانتقالية فى نيويورك، إن مثل هذه العدالة يجب أن يتم إدارتها ويجب أن تشمل مقاضاة من ارتكبوا جرائم من مسئولى النظامين السابقين، وتقديم تعويضات للضحايا، وتأسيس لجان تقصى حقائق وتنفيذ إصلاحات فى مجال القضاء وقطاع تنفيذ القانون. ويشير عبد الدايم إلى أن المكونات الوحيدة للعدالة الانتقالية فى مصر يتم تنفيذها من خلال محاكمات جنائية معيبة للرئيس الأسبق حسنى مبارك، وبعض مسئولى نظامه. ويرى أن هذه المحاكمات فشلت فى تحقيق شرط أساسى للعدالة الانتقالية، وهو إعادة بناء الثقة المجتمعية بإصلاح نظام قضائى مجزأ، مؤكدا على أن المشكلة تكمن فى أن هؤلاء المكلفين بجمع الكثير من الأدلة هم نفس من شاركوا فى انتهاكات حقوق الإنسان فى الماضى، ولذلك لم يكن مفاجئا أن يكون هناك حاجة إلى إعادة محاكمة مبارك ومعاونيه. ويتحدث عبد الدايم عن تحدٍ آخر يواجه العدالة الانتقالية مع بدء محاكمة الرئيس المعزول محمد مرسى الأسبوع القادم. ويقول إن محاكة مرسى بعيدا عن كل عناصر العدالة الانتقالية الأخرى، هو تكرار لنفس النهج الذى أدى إلى إطالة أمد المرحلة الانتقالية، ويحذر من أن كثيرا من الأطراف التى شاركت فى نفس هذه الانتهاكات التى تحاول مصر وضع نهاية لها لا يزالون فى السلطة بشكل أو بآخر وسيحاولون تخريب العدالة الانتقالية فى مجملها. من جانبه، يقول أحمد مرسى الباحث فى جامعة سانت اندروز بأسكتلندا، إنه حتى بعد تعيين أول وزير للعدالة الانتقالية وهو المستشار محمد المهدى، لم يتم اتخاذ الكثير من الخطوات لتنفيذ إجراءات هذه العدالة. ويضيف: أن كثيرا من المصريين يأملون فى تحقيق قائمتهم الطويلة من الحقوق التى تم انتهاكها لتجد العدالة، لكن حتى الآن، لم يتم إنجاز سوى القليل للغاية. وحسبما يقول الباحث المصرى، إن الحكومة حاولت مرات عدة أن تؤسس لجانا مستقلة للتحقيق فى قتل وتعذيب المتظاهرين، لكن أيا منها لم يكن كفئا وصادقا أو شفافا. وهذا يشمل لجنة تقصى الحقائق التى حققت فى قتل متظاهرى ثورة 25 يناير، والتى شكلها محمد مرسى العام الماضى. ويرى الباحث أحمد مرسى أن الحلقات الأخيرة فى التحول المتذبذب الذى تشهده مصر، لاسيما سجن المعزول وقتل 50 شخصا عند الحرس الجمهورى ربما تشير إلى أن مصر ربما فوتت الفرصة لتحقيق عدالة انتقالية، على حد قوله. أما مايكل حنا، الخبير بمؤسسة القرن الأمريكية فيقول إن العدالة الانتقالية فى مصر اتسمت بافتقار جذرى للشفافية والمشاركة الشعبية، ويرى أن الإصلاحات المطلوبة للقطاع الأمنى فى مصر كانت تجميلية على حد كبير، ولم يكن لها تأثير يذكر على وزارة الداخلية. فمشكلات الوزارة المزمنة ستستمر لو لم يكن هناك محاولة أكثر اتساقا لغرس احترام سيادة القانون، وإصلاح التعليم والتدريب الشرطى. ويتفق عبد الدايم مع ذلك، ويقول إن الجميع يعلم أن أحد العوامل الأساسية التى عجلت بثورة يناير، وما أعقبها من اضطرابات مدنية هو وحشية الشرطة وغياب المسائلة على الانتهاكات التى قام بها موظفو الدولة، لذا فإن الانتقال فى مصر يحتاج إلى وضع نهاية للإفلات من العقاب.