مرحلة رياض الأطفال ترتبط فى أذهاننا بطفل يرتدى ملابس نظيفة ويعيش فى فصل ملئ باللوحات التعليمية، وحوله مجموعة من الألعاب التى تنمى مهاراته، هذه مرحلة من سن الرابعة حتى السادسة ويجب أن يستمر هذا الوضع لعدة سنوات، بعد ذلك يستمتع فيها الطفل بطفولته من خلال تقنيات تعليمية تركز أساسًا على تنمية القدرات العقلية ومهارات الإدراك وأساليب الحوار، ويجب أن يتم ذلك فى جو استرخائى وبيئة تعليمية ممتعة. هذا الوضع قد ينطبق حاليًا على كثير من رياض الأطفال التى تستوعب عددًا بسيطًا من الأطفال. ولكن بمجرد الانتقال إلى مرحلة التعليم الأساسى، يجد الطفل نفسه فى كوكب آخر، حيث نجد أعدادًا كبيرة من الطلاب قد تصل إلى 60 أو 70 طالبًا فى الفصل الواحد وعلى الطفل أن يظل رهين مقعده الخشبى معظم الوقت، ثم يعود إلى بيته مثقلاً بالواجبات. .......هذا هو الواقع فى المؤسسة التعليمية الحكومية فى دولة قليلة الإمكانيات. نأتى للموضوع الأساسى وهو المطالبات بجعل التعليم فى مرحلة رياض الأطفال إلزاميًا، ووصل الأمر إلى المطالبة بوضعها كمادة فى الدستور. الفكرة طيبة من الناحية النظرية، ولكن الواقع القريب يهدد بكارثة إذا طبق هذا الأمر، لأنه لا توجد إمكانيات مادية وبالتالى لن يكون الحال فى التعليم فى رياض الأطفال أفضل حالا من التعليم الابتدائى، وحتى إن وجدت الإمكانيات والتى لن تصل إلى المستوى المنشود فأرى أنه من الأجدى أن توجه لتحسين مستوى الخدمات فى المرحلة الابتدائية. المشكلة الأخرى هى المفهوم الخاطئ للتنافس المحموم فى جميع مراحل التعليم، فولى الأمر يرى أن تصنيف ابنه أو بنته داخل الفصل هو المعيار الذى سيحدد مستقبله المهنى فيما بعد لأن عنق الزجاجة الذى يقوده إلى مكتب التنسيق هو ترتيبه فى الثانوية العامة، الذى يعتمد على هذا الترتيب فى اختيار الطلاب بدءًا بكليات القمة. هذا التنافس الحموم يبدأ من الصف الأول الابتدائى فتنتهى فكرة التعلم من أجل الاستمتاع ليبدأ صراع الدرجات والترتيب، مما يجور على حق الطفل فى الحياة الطبيعية فى هذه المرحلة، هذا واقع يجب أن يتكاتف الجميع لتغييره، فما بالكم بالمطالبة بنقل هذا الواقع إلى سن الرابعة! إننا بذلك نخلق جيلا مشوهًا حرم من الاستمتاع بطفولته لهذه الأسباب، التى حاولت أن أوجز فى عرضها بقدر المستطاع أرفض المطالبة، بجعل التعليم إلزاميًا فى مرحلة رياض الأطفال.