يجلس فى ركنه الضيق وأمامه قطع خشبية ودقات ثقيلة ومسامير رفيعة، يقبض بين أنامله الرفيعة على قطع الصدف اللامع، ويلصقها واحدة تلو الأخرى على هيئة زخارف إسلامية. إنه الأسطى شعلان الرجل الستينى الذى قضى نصف عمره تقريبا يعمل فى الأستورجية، حيث يمسك قطعة أسفنجية فى يده يغمسها فى علبة "الجمالكا" أو دهان "الشكمجية" بعدها يبدأ فى وضع المفصلات، ونحت الأجزاء الزائدة ويبطن العلبة بالقطيفة، لتأخذ ملمسا ناعما فى النهاية بعد النجارة والتبطين. رحلة العلبة الشكمجية تبدأ من ورشته الصغيرة فى حى الأزهر، فهى المهنة التى توارثها عن أجداده "أهلى بيشتغلوا فى الصنعة دى من أيام المماليك وكان جدى أشهر واحد بيصنع المشغولات الصدف لقصور العيلة المالكة، وأنا وأبويا وأولادى اشتغلنا فى تطعيم العلب بالصدف", ويضيف قائلا أن الصنعة تحتاج إلى الصبر وذوقيات فنية عالية ودقة وتركيز. ويضيف عم شعلان :" كل شىء يرحل بمرور الزمن إلا الشكمجية الصدف الدائرية أو المستطيلة أو المسدسة مفيش بيت يخلو منها لأن أصلها من أيام الدولة العثمانية , وبعدين دلوقتى بتتعمل بالطلب مش بتتباع غير فى خان الخليلى والأزهر. الشكمجية كما يؤكد صانعها عم "شعلان" عبارة عن خشب ورد مستورد أو شجر كافور موجود فى البحر الأحمر أو أستراليا والبرازيل والمكسيك، وتمر بمراحل عديدة لتظهر فى شكلها النهائى بداية من عملية صنفرة لكى يصبح أملسا، بعدها تقطيع الخشب إلى قطع صغيرة والرسم عليها بالقلم الرصاص، ثم وضع الصدف وفقا لشكل هندسى معين، وتثبيت الصدف بالصمغ وبرده بالمبرد حتى تصبح كل الأصداف على مستوى واحد وبعدها يتم الدهان بزيت معدنى حتى تصبح لامعة. وعن سعر الشكمجية يتحدث:"العلبة بتكلفنى حوالى 50 جنيها، وببيعها للتجار ب70 جنيها وللزبون سواء مصرى أو أجنبى ب100 جنيه لأنى بشترى كيلو الصدف بس ب15 جنيها، وده بيتوقف على طريقة التصديف سواء كانت إسلامية أو هندسية أو بالأشكال النباتية". "الصينى ما رحمش حتى الشكمجية" هكذا أكد الأسطى شعلان، لافتا أنه حتى المنتجات الصينية تغزو خان الخليلى وتهدد جودة الشكمجية, حيث انتشرت شكمجيات مقلدة, وعن الفارق بينهما يقول الأسطى "شعلان": المقلدة تأخذ وقتا أقل، وتصنع من خامات رديئة وتباع بسعر أرخص لتجذب الزبون، لكنها لا تعيش طويلا مثل المصنوعة من خامات جيدة وتستغرق عدة أسابيع.
