سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
جبريل.. سفير الله.. رفيق الأنبياء ورئيس الملائكة هو الروح الأمين والروح القدس.. ذو قوة عند ذى العرش مكين.. الناموس.. حامل الوحى المطيع.. مصرِّف الرياح ووازن أعمال العباد يوم القيامة.. ورسول المحبة فى الدنيا
شديد بياض الوجه، شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، رائحته الطيبة تغمر الروح والحواس، لمسته شفاء، وضمته حياة، صوته أمر، ونظرته أمر، وإشارته بشارة، تلك صفات صورته البشرية، أما كيانه الحقيقى فلا يقدر على أن يراه بشر، إمام الأنبياء بذاته لم يستطع أن يتحمل رؤيته وهو باسط جناحين من ستمائة جناح منها يتناثر الدر والياقوت، إن بسط منها جناحا أضاء الدنيا وجعل ليلها نهارا، وإن أطبقه على الأرض هلكت وجعل عاليها سافلها، هو ملك الملائكة، له الريح مسخرة بأمر ربه، والبحار والسماوات والأنهار والجبال من خدمة المطيعين، افتقدت الأرض أنفاسه العطرة منذ أربعة عشر قرنا بعد أن بلغ الأمانة وأوصل الرسالة، بفضل نزوله بالقرآن فى شهر رمضان نحتفل كل عام بتلك الذكرى العطرة على مدار الشهر الفياض بالنور والبركة والرحمة والمغفرة، وكأننا نحتفل ب«عيد قدوم جبريل الأمين». فى كل عام نحتفل بكل شىء فى رمضان وننساه، رغم أن الأرض تشتاق إليه والسماوات تفتقد هفهفة جناحيه، والقلوب الميتة تتوق إلى حضنه الكريم، يقبلها ويحييها بأمر من الرحمن القدير. ما من حادثة عظيمة للبشرية إلا وتراه فيها يلعب دور البطولة، براعته وتألقه ومقدرته تنبع من إتقان عمله المكلف به من فوق سبع سماوات، فى كل محنة مر بها الأنبياء تراه منقذا أو مبشرا أو هاديا أو منتقما، هو الذى ينزل بالوحى على الأنبياء وهو الناموس الذى نزل بالرسالات على الرسل، وهو الذى أهلك قوم ثمود الذين كذبوا نبى الله صالح، فصاح فيهم صيحة واحدةً فهلكوا و ماتوا، وهو الذى هدم مدائن قوم لوط فرفعها من الأرض السفلى وحملها على جناحه حتى رفعها إلى السماء ثم قلبها، وهو الذى بشر مريم بالمسيح وهدأ من روعها وحماها، وهو الذى آزر موسى وشجعه يوم الزينة بقوله «لا تخف إنك أنت الأعلى» وهو الذى بشر سحرة فرعون بقوله موعدكم العصر فى الجنة بعد أن صلبهم فرعون فى جذوع النخل، وهو الذى بشر زكريا بميلاد ابنه يحيى، وهو رفيق خاتم رسل الله فى رحلة الإسراء والمعراج، أتى له بالبراق ورافقه حتى سدرة المنتهى، وهو رسول الحب بين البشر، فإذا أحب الله عبدا أمر جبريل بحبه فيحبه وحب من يحبه وزرع المحبة فى قلوب من يراه فيحبه أهل السماوات والأرض، وهو قائد الملائكة المنزلين الذين ينزلون إلى الأرض ليساعدوا عباد الله المتقين، هو كل هذا، هو جبريل الأمين. فى الإنجليزية اسمه «man of god» أى «رجل الله ومساعده» أو «soldier of god» أى «جندى الله» وفى العبرية اسمه غافْرِيأَلْ أو غَافْرِى آلْ أى الرجل القوى لله، وفى العربية اسمه «جبريل» أى عبدالله القوى، قال الله عنه فى سورة التكوير «ذى قوة عند ذى العرش مكين مطاع ثم أمين» وقال عنه فى سورة النجم «شَدِيدُ الْقُوَى، ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى» سماه الله بالروح الأمين، لأن النفوس تحيا به كما تحيا بالأرواح، ولأنه نجاة الخلق فى باب الدين فهو كالروح الذى تثبت معه الحياة، ولأنه روح كله أى أنه لا بدن له، وسماه الله أميناً لأنه مؤتمن على ما يؤديه إلى الأنبياء عليهم السلام وإلى غيرهم ولأن الله أستأمنه على وحيه، ورسله وكثير من عباده. يعادى الله من عاداه، ويحب من يحبه، فهو المتفانى فى خدمة المولى وهو الروح القدس، وهو رسول الله إلى عباده الأصفياء، وصل الأمين جبريل إلى أعلى مراتب الترقى وحصل على أرفع أنواط التكريم والتبجيل، وأكبر ما وصل إليه من تكريم أن أضيف إلى الله فى الاسم والصفة، فقال رب العزة «قل الروح من أمر ربى» أى أنه لا أحد يعلم شيئا عن الروح إلا الله، وقال عنه إنه «روح القدس» أى أنه هو الآخر «من أمر ربى» وقال الله أيضا فى سورة مريم «فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا» أى جبريل، وهو القائل فى سورة القدر «تنزل الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا» أى وجبريل فيها، وهو الروح التى «من أمره» أو «روح منه» فأى تكريم هذا وأى شرف. جبريل يعرف قدره، ومكانته ومنزلته، ليس بقلبه ذرة من كبر، لم يقل كإبليس متكبرا «خلقتنى من نار وخلقته من طين» لكنه ذاب خشية وتقى أمام رسول الله حينما استضافه الله فى سماواته العلا، وقف جبريل عند سدرة المنتهى خاشعا معترفا بعجزه عن اختراق بساط الرحمن، قائلا لمحمد بن عبدالله بكل خشوع: إن تقدمت احترقت وإن تقدمت اخترقت: وقف يكسوه الخشوع، ويتحوطه الجلال، أهدانا جبريل الأمين دعاء ما من أحد دعا به الله إلا غفر له، بقوة هذا الدعاء كان يهبط إلى الأرض ويصد إلى السماء، وبقوة هذا الدعاء يقبض ملك الموت الأرواح، مكتوب هذا الدعاء حول العرش، ومن امتلكه يأمن عذاب القبر ويوم الفزع الأكبر، ويرزقه من حيث لا يحتسب. وكأنه يريد أن يعوضنا عن غيابه الطويل، ويريد أن يودعنا بقبلة نرصع بها جباهنا، وننقى بها قلوبنا، ونعطر بها أنفاسنا، ونتحصن بها من كل شر، ونجنى بها كل خير، فإذا اشتقنا إلى نسماته، وغلبنا الشوق إليه فما علينا إلا أن نردد هذه الكلمات مرددين، آمين آمين آمين، شكرا لك يا أيها الأمين جبريل. موضوعات متعلقة:- هل تحب الملائكة أهل مصر المحروسة أكثر من بقية شعوب الأرض؟ الرضوان.. الملاك خازن الجنة الذى نتمنى أن نلقاه! عزرائيل.. ملاك اللقاء الإجبارى! هل تشارك الملائكة فى الحروب حقا؟