تبتهج الشاشة حقا للقاء هذا الشيخ المبروك الذي يرتدي الأبيض علي الدوام، ويتحدث بعيون نصف مغمضة سواء كان حزينا أم يرقص من السعادة.. إنها الطفولة التي تغمر وجه الشيخ سلام أو مدحت تيخة الذي يجعل لحلقات مسلسل «شيخ العرب همام» مذاقاً خاصاً جداً، بضخامة جسده، وضحكته التي تشبه ضحكة الصغار، وكل هذا القدر الهائل من الطيبة التي تجعله لا يهتم لكونه شقيق كبير العرب وشيخهم، فهو يصادق الكل، ويقفز فرحا عندما يستمع إلي خبر سار مهما كانت أهمية المجلس المحيط به، هو أيضا لا يتردد أن يجلس علي الأرض يستمع إلي حكايات جابر وأغنياته غير مهتم برفع ذيل ثوبه ناصع البياض الذي لا يقترب منه الغبار، ثم يزيد المشهد جمالا بجملته المتوسلة: «قول يا جابر». مدحت تيخة كان إحدي المفاجآت المفرحة التي حملتها دراما رمضان هذا العام.. جسد الدور ببراعة، وتلقائية، وصدق، وكثير من الإمتاع، ورغم أنه يؤدي دور الشاب الذي ولفرط طيبته يوصف دوما بأنه قليل العقل، فإننا لم نضبط أنفسنا أبدا ونحن نتعامل معه بإشفاق، بل أحيانا نتمني لأنفسنا بعضا من صفاته، ذلك الذي يشعرنا أنه يتمتع بوصال خاص مع السماء، وبقدرة غير محدودة علي الاستغناء، وهو يكون في قمة تألقه عندما يجادل من حوله بمنطقه الذي يعجزون عن مجاراته فيه، وفي الوقت نفسه لا يجرؤون علي إعلان اقتناعهم التام به، حدث هذا عندما كان يحاول إقناع الشيخ إسماعيل بضرورة زواج ابنته ليلة من جابر، وقتها انتفض إسماعيل وأشار له بسخرية أن قلبه داخل عقله، فما كان من الشيخ سلام إلا أن رد له الإشارةهوقال له: «إنت لا عندك قلب هنا أو هنا»، نجح مدحت تيخة تماما في أن يصنع حالة إنسانية شديدة البراءة جعلت المشاهدين يتعاطفون مع منطقه الإنساني، ويصدقون أنه قد يأتي يوم من الأيام ويتحقق حلمه البسيط في أن تكون كل الناس طيبة و «ما يبقاش فيه شر»، كاد أن يبكينا في مشهده مع شقيقه همام، حينما كان يلح عليه بأن يتزوج وهو يعلن تذمره ويخفض وجهه ناظرا إلي الأرض، ويكتفي بالقول: «أنا مبسوط كده». في الحقيقة نحن أكثر فرحاً بمرافقة تلك الطلة البريئة، وسوف نبتئس كثيرا لمغادرة صاحبها الشاشة بعد انتهاء حلقاته.