منذ أيام قليلة حضرت ورشة عمل لمناقشة مشروع قانون المنظمات الأهلية المقدم من اللجنة العليا للعمل الأهلى فى وزارة التضامن الاجتماعى وكانت ورشة إيجابية شعرت بأن شيئًا قليلًا مما كنا نحلم به ونتمناه من تعاون نشطاء وخبراء المجتمع المدنى مع الحكومة والممثلة فى وزارة التضامن يأتى ثماره هذه الأيام بمشروع قانون جيد جدا وجلسات استماع لكل الأطراف تحت مظلة واستضافة وزارة التضامن الاجتماعى. ومن قراءة مستفيضة لمشروع قانون المنظمات الأهلية، رأيت أن القانون ومواده يعززان قيم تحرير المجتمع المدنى من القيود التى كانت تشل عمله فى الآونة السابقة بما لا يخل بالأمن القومى والسيادة المصرية ولكن ساعد على إزالة القيود البيروقراطية التى كانت تقف عائقا أمام نشاطات وفعاليات المجتمع المدنى. ولفت نظرى اهتمام مشروع القانون بتفعيل العمل التطوعى وتنظيمه وإيجاد قانون يعمل على وضع سياسات لجذب العمل التطوعى لأن بالفعل مصر تفتقد بشكل جدى لثقافة العمل التطوعى وتحتاج إلى وضع آليات لنشر هذه الثقافة ودعمها مع كيفية المحافظة على استمرارية التطوع فى مختلف المجالات. فكما نعلم أن ثقافة العمل التطوعى هى النواة الحقيقية لنجاح عمل المجتمع المدنى. ومن الجوانب الإيجابية جدًا فى مشروع القانون والذى كان محور هدفنا الذى كنا نسعى إليه فى العمل المدنى السنوات الماضية هو حرية تأسيس المنظمات الأهلية واستقلالها وعدم تعطيل أو عرقة عملها من قبل السلطات العامة سواء بطريق مباشر أو غير مباشر مع وجود مراقبة وملاحظة من بعد على أنشطة وفعاليات المنظمة والتأكد أنها تسير وفق القانون وأنها لا تمارس اى أنشطة محظورة كما ذكرها القانون فى المادة 11 فى الفصل الثانى والتى تشمل باختصار النشاطات ذات الطابع أو التشكيل العسكرى، أن تكون ربحية بنسبة %100، وألا تدعو إلى الطائفية والتحريض على الكراهية، وألا تعمل على دعم حزب بعينه أو مرشح بعينه، وقد أضاف د. أيمن عبدالوهاب فى ورشة العمل الأخيرة ضرورة توسيع هذه النقطة بالمنع التام لأى توظيف سياسى للمنظمة، وهذا ما عانيناه من جماعة الإخوان المسلمين وجمعيات أخرى شبية وأوافقه القول فى ضرورة الإضافة والتوضيح الكامل فى القانون لمصطلح التوظيف السياسى. ومن النقاط المهمة التى تضمنها القانون ضرورة تمثيل الشباب والمرأة فى مجالس إدارة الجمعيات والمنظمات وأتمنى أن يحدد القانون نسبة لذلك وألا يتركها مفتوحة. ومن جهة أخرى أيضا هناك عامل إيجابى فى إقراره بفكرة إنشاء التحالفات والشبكات التى هى من أهم عوامل ضمان التنسيق وتوحيد الجهود وعدم إهدار المال والوقت والجهد. وأختلف مع مشروع القانون بأنه لم يلزم الجمعيات بوجود مقر مستقل لها، وأعتقد أنه ضرورى لضمان جدية العمل وضمان استمراريته وتفعيل نشاطه. أما الفصل الخاص بقانون العقوبات هو جيد جدا ولم يتضمن الحبس ولكن فقط الغرامات وذلك فى حالة عدم الإخلال بأى عقوبة أشد منصوص عليها فى قانون العقبات. وأروع ما فى مشروع القانون هو الفصل الخاص بصندوق دعم الجمعيات والمؤسسات الأهلية والذى يبلور أهيمة أن تقف الحكومة والدولة وراء عمل ونشاط هذه الجمعيات والمؤسسات لا أن تكون معرقلا لها وخصوصا الصغيرة والحديثة منها. وقد قدمت أنا بالنيابة عن المعهد المصرى الديمقراطى الذى أسسته وأعمل به مع مجموعة من الزملاء أن يضاف إلى هذا الصندوق جزء تحت اسم الوقفية المصرية للديمقراطية وأن تكون هذه الوقفية من أموال مصرية خالصة %100 تدعم وتقوى المؤسسات والمنظمات الداعمة لنشر ثقافة الديمقراطية والحكم والرشيد وحقوق الإنسان وتكون نواة للتخلى تدريجيا وإن أمكن ذلك عن التمويل الأجنبى للمنظمات وتكون تحت إشراف وزارة التضامن واللجنة العليا للعمل الأهلى وتفتح باب التبرعات لهذا الهدف من كيانات خاصة مصرية ورجال أعمال مصريين مقيمين فى مصر أو خارج مصر. وأن يكون هناك مجلس إدارة مستقل من الخبراء فى مجال المجتمع المدنى بشكله الحديث ويضع آليات العمل والمحاسبة والاختيار بشكل مستقل غير حكومى يدار بشفافية وتحت رقابة الجهاز المركزى للمحاسبات. وهنا وتدريجيا يتخلص المجتمع المدنى من أى شبهات تمويلية تحوم حوله ويشجع على بناء جسور من الثقة بينه وبين الحكومة من جهة وبين المواطنين من جهة أخرى. الشكر موصول للوزير والوزارة واللجنة العليا للعمل الأهلى، ونتمنى أن تأخذ كل الأفكار بمحمل الجدية ويدمج كل ما هو جيد ومفيد فى مشروع القانون لدعم العمل الأهلى المصرى.