وسط شوارع وحوارى المناصرة العتيقة ، تجد التراث والفن يتجلى فى أبهى صورة ، فعلى نغمات الست وعبد الوهاب تجد من يكسرصمت ورش الأخشاب الصغيرة، ويحول الخشب الأصم، إلى نغمات شرقية أصيلة. محمد عبد الفتاح صاحب ورشة "بيت العود" أقدم ورشة لتصنيع الأعواد فى مصر، على الرغم من عدم معرفته الجيدة بالنغمات والطلعات و النزلات، وكيفية العزف على العود إنما يحترف صناعاته، فقد ورث المهنة عن أجداد أجداده، فعاش حياته بين الرقبة والصدر والأوتار، وأصبح العود هو رفيق كفاحه ومصدر رزقه. يحكى "عبد الفتاح " ل " اليوم السابع" عن مشواره مع صناعة الأعواد قائلا، " بدأت أصنع الأعواد من سن صغير تقريبا 11 سنة، بدأت أولا بمرحلة بالتقفيل، ومساعدة والدى فى تركيب الأوتار وتلميع الصدر، وأول عود صناعته فى حياتى كان تقريبا بعد النكسة 1967، فطبعا لم يباع وكان بيستعيره الشيخ رجب أفضل عازف عود في المناصرة في سهرتنا كل يوم خميس، لعزف كل الأغاني الوطنية فى الوقت ده ، ولما انتصرنا فى 73 تفاءلت بالعود ومبعتوش لحد وقتنا هذا. ويتابع حديثه مشيرا إلى تكملته لدراسته بكلية الحقوق التى أثرت نوعا ما على تعلمه للعزف، مؤكدا على أنه من الأفضل أن يتمتع صانع العود بملكة العزف، حتى يكون أكثر حساسية بمكوناته، وحتى يستطيع تعشيق الأوتار والتحامها بباقى العناصر المكونة للعود لإنتاج نغمات عزبة. ويستكمل حديثة قائلا" والدى وجدى كانوا من أفضل عازفى العود، ودائما كانوا يسافروا لدمشق لمعرفة كل جديد سواء في الصناعة أو في العزف، ومن هنا استمرت شهرتهم وحافظوا على نجاح الورشة خاصة أنها من أقدم ورش صناعة العود في مصر. أما بالنسبة لحركة البيع والشراء، فيؤكد "عبد الفتاح" على أنها منتعشة دائما على الرغم من كل الظروف المحيطة، مرجعا ذلك إلى إقبال طلبة معهد الموسيقى والفرق الموسيقية والغنائية، على شراء الأعواد والآلات الموسيقية بشكل عام، لذلك لا تتأثر هذه الصناعة بالأحداث على اعتبار الفن مستمر دائما دون انقطاع.