بين جدران الظلام القابع بقيعان البحارن وغيابات الكهوف وذبول أوراق أشجار خريف الحرية، وبين انقشاع الظلم، وظهور نور العدل، وسطوح شمس النهار، بين الإخضاع للديكتاتورية، واستقرار البيروقراطية، ومستنقع الرشاوى والمحسوبية، لنظام عاس الفساد، والاستبدادية، وبين الديمقراطية وصحوة شباب الحرية، قامت ثورة الخامس والعشرين من يناير لتنسج خيوط الأمل فى ربوع الوطن المصرى من أجل عيش حرية عدالة اجتماعية، ليكون أبطالها شباب مصر الذين ضحوا من أجل إعادة الديمقراطية بعد حياة بائسة قضت على العقول، واستباحت الأفكار والطموحات، لتنجح فى إسقاط نظام هو أبعد ما يكون بتفسير، وتحليل أعتى المحللين، والاستراتيجيين السياسيين، لتدخل مصر الكنانة فى حقبة ديمقراطية، وانتخابات برلمانية، ورئاسية سيطرت عليها الأيدلوجية الدينية، بنجاح حزب الإخوان المسلمين للوصول لسدة الحكم، لنصبح فى دائرة مفرغة، وكأن شيئا لم يكن، لتذهب طموحات وآمال الشباب إلى الهاوية، فلا حرية ولا فرصة حقيقية بل تهميش وخداع بحلم النهضة باستخدام الشعارات الدينية "أفيونة الشعوب" كما قال كارل ماركس، ليصبح الشباب حائر بين ديكتاتورية الراحل وثيوقراطية المنتخب، لتتصاعد الاحتجاجات، والوقفات لتعلو الأصوات، والصيحات برحيل النظام نتيجة اختزال السلطة بفكر واحد بغرض فرض، وصاية على التعدد، والتنوع الفكرى والثقافى والاجتماعى، ليتم عزل الرئيس ليظل مسلسل الكلام المعسول والأحلام الواهية للشباب، ودورهم فى الحياة السياسية مستمر، رغم أنهم المحرك الأساسى للإطاحة بالمعزول فى 30 يونيو تحت مسمى "حركة تمرد"، لتتسارع الأحداث، وتشكل الحقبة الوزارية بلا مشاركة جوهرية، ليصبح الشباب أمام ذات المصير داخل الحلقة المفرغ . ليخاطب الشباب هؤلاء أنه قد آن الأوان أن نستوعب الدرس ليستيقظ أولى الأمر والمسئولون القائمون بدور الشباب وأهميتهم فى صنع القرار ليكون لسان الحال لا للتهميش، فلابد من استقطاب عقول هؤلاء الشباب بتفعيل دورهم فى الحياة السياسية، فهم أمل الغد وبناة المجتمع، وصناع المجد والحضارات بشهادة التاريخ، فلا تنمية، ولا تقدم إلا بهم، فهيا لنستغل هذه العقول النيرة فى التقدم التكنولوجى لنلحق بالركب العالمى فى زمن العلم والعلماء، عالم النانو تكنولوجى، ليكون الشباب هو الحل من أجل حياة سياسية واجتماعية هادئة، لنكون بمنأى عن الانقلابات الشعبية الشبابية فى سعى دؤوب نحو النهضة والتنمية الاقتصادية الحقيقية لنسير بالبلاد إلى الأمام. حفظ الله بلادنا من كل مكروهاً وسوء.