باعتراف صحيفة صهيونية..جيش الاحتلال فشل فى تحرير الأسرى بالقوة العسكرية    "تعليم القليوبية": طالبة ب"النور للمكفوفين" تحرز المركز الثاني في "تحدي القراءة العربي"    ملك بريطانيا وزوجته يبدآن زيارة رسمية للفاتيكان بلقاء البابا لاون الرابع عشر.. صور    وزيرة التضامن تتلقى طلب الاتحاد المصري لتمويل المشروعات للانضمام لبرنامج المنظومة المالية    محافظ سوهاج يتفقد فعاليات وأنشطة مبادرة "أنت الحياة" بقرية نيدة بأخميم    أسعار النفط تسجل 65.94 دولار لخام برنت و61.95 دولار للخام الأمريكى    تنفيذ إزالة التعديات على أملاك الدولة والأراضي الزراعية بكفر الشيخ    تعرف على الضوابط الإعلامية لتغطية انتخابات مجلس النواب 2025    أبو الغيط يدين خطوات الاحتلال نحو ضم أراضٍ فلسطينية بالضفة    حصيلة ضحايا الحرب على غزة تتجاوز 238 ألفا و600 شهيد وجريح    7 أخبار لا تفوتك اليوم الخميس 23- 10 - 2025    باسم مرسي: تألق بن شرقي وزيزو؟.. المنافس لديه 8 مليارات.. والزمالك مديون    هانيا الحمامي ويوسف إبراهيم يتأهلان لنصف نهائي بطولة كومكاست بيزنس للاسكواش    نادي الصحفيين يستضيف مائدة مستديرة إعلامية حول بطولة كأس العرب 2025    الداخلية تضبط سائق ميكروباص قاد السيارة بباب مفتوح في سوهاج (فيديو)    الأحد .. ندوة وورشة عمل "في الحركة حياة" بمكتبة الإسكندرية    هاملت وأشباحه يحصد المركز الأول بملتقى شباب المخرجين    حكم الشرع في خص الوالد أحد أولاده بالهبة دون إخوته    وزير الصحة يستعرض تنسيق الجهود لتقديم خدمات صحية لمرضى فلسطينيين    الألم وتيبس المفاصل والإحمرار.. أهم أعراض التهاب المفاصل الروماتويدى    لقاء حول نظام البكالوريا الجديد خلال زيارة مدير الرقابة والتفتيش ب«التعليم» لمدارس بورسعيد    بيتصرفوا على طبيعتهم.. 5 أبراج عفوية لا تعرف التصنع    ب«لافتات ومؤتمرات».. بدء الدعاية الانتخابية لمرشحي مجلس النواب في الوادي الجديد (تفاصيل)    مواقيت الصلاة اليوم الخميس 23-10-2025 في الشرقية    العثور على جثة «مجهول الهوية» على قضبان السكة الحديد بالمنوفية    تحرك شاحنات المساعدات إلى معبري كرم أبوسالم والعوجة تمهيدًا لدخولها غزة    فاليري ماكورماك: مصر مثال عظيم في مكافحة السرطان والتحكم في الأمراض المزمنة    النيابة العامة تنظم دورات تدريبية متخصصة لأعضاء نيابات الأسرة    البيطريين: إجراء تعديلات شاملة لقانون النقابة وطرحها لحوار مجتمعي    الداعية مصطفى حسنى لطلاب جامعة القاهرة: التعرف على الدين رحلة لا تنتهى    طريقة عمل الأرز البسمتي بالخضار والفراخ، وجبة متكاملة سريعة التحضير    الداخلية تواصل حملاتها لضبط الأسواق ومواجهة التلاعب بأسعار الخبز    رفع 3209 حالة اشغال متنوعة وغلق وتشميع 8 مقاهي مخالفة بالمريوطية    لعدم استيفائهم الأوراق.. الهيئة الوطنية للانتخابات تستبعد 3 قوائم انتخابية    عندنا أمم إفريقيا.. محمد شبانة يوجه رسالة هامة ل ياسر إبراهيم    حنان مطاوع بعد فيديو والدها بالذكاء الاصطناعي: "اتصدمت لما شوفته وبلاش نصحي الجراح"    رانيا يوسف تكشف الفرق الحقيقي في العمر بينها وبين زوجها: مش عارفة جابوا الأرقام دي منين!    السادة الأفاضل.. انتصار: الفيلم أحلى مما توقعته ولا أخشى البطولة الجماعية    نقابة السجون الفرنسية تندد بوجود ضباط مسلحين لحراسة ساركوزي داخل السجن    بسعر 27 جنيهًا| التموين تعلن إضافة عبوة زيت جديدة "اعرف حصتك"    البنك الأهلي يحصد شهادة التوافق لإدارة وتشغيل مركز بيانات برج العرب من معهد «Uptime»    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 23-10-2025 في محافظة الأقصر    عاجل- قرارات جديدة من رئيس الوزراء.. تعرف على التفاصيل    حجز الحكم على البلوجر علياء قمرون بتهمة خدش الحياء العام ل29 أكتوبر    وزارة الدفاع الروسية: إسقاط 139 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل    بشير التابعي: زيزو أفضل لاعب في الأهلي    الصحة توقع مذكرة تفاهم مع الجمعية المصرية لأمراض القلب لتعزيز الاستجابة السريعة لحالات توقف القلب المفاجئ    محمد صلاح.. تقارير إنجليزية تكشف سر جديد وراء أزمة حذف الصورة    كل ما تريد معرفته عن منصب المفتى بالسعودية بعد تعيين الشيخ صالح الفوزان    من بيتك.. سجّل الآن فى حج القرعة 2026 بسهولة عبر موقع وزارة الداخلية    ما حكم بيع وشراء العملات والحسابات داخل الألعاب الإلكترونية؟ دار الإفتاء تجيب    شبكة العباءات السوداء.. تطبيق "مساج" يفضح أكبر خدعة أخلاقية على الإنترنت    كنت بقلد فيلم أجنبي.. طفل المنشار بالإسماعيلية: أبويا لما شاف المنظر تحت السرير بلغ الشرطة    تامر حسين يوضح حقيقة خلافه مع محمد فؤاد بعد تسريب أغنيته    أستاذ علوم سياسية: القمة المصرية الأوروبية تعكس مكانة مصر ودورها المحورى    اتحاد الثقافة الرياضية يحتفل بنصر أكتوبر وعيد السويس القومي    سعر اليورو مقابل الجنيه المصري اليوم الخميس 23 أكتوبر 2025 في البنوك المحلية    على أبو جريشة: إدارات الإسماعيلى تعمل لمصالحها.. والنادى يدفع الثمن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.




نشر في اليوم السابع يوم 25 - 09 - 2013

عاد الحديث علنًا أو سرًا حول الرئيس القادم لمصر، وهل هو عسكرى أم مدنى، وهل كانت مصر طوال 60 عامًا محكومة حكمًا عسكريًا، أم أنه كان حكم رؤساء من أصول عسكرية. وما الفرق بين الحكم العسكرى والرئيس من أصول عسكرية. مصر لم تشهد انقلابات عسكرية مثل باقى دول إفريقيا وأمريكا اللاتينية. والجيش المصرى تدخل مرتين، جانب الشعب الأولى ضد حسنى مبارك، والثانية مع مرسى، فى الأولى لم يقدم مرشحًا للرئاسة، وفى الثانية لا يزال يصر على عدم ترشيح أحد، لكن هناك من يطالب برئيس عسكرى. وتحديدًا الفريق أول عبدالفتاح السيسى.
السيسى صحح صورة الجيش التى تعكرت فقط خلال فترة تولى المجلس العسكرى لإدارة البلاد بعد تنحى مبارك فى 11 فبراير 2011، وهى الفترة التى شهدت هتاف «يسقط حكم العسكر»، بينما لم تشهد مصر طوال تاريخها حكمًا عسكريًا بالمعنى المعروف، وكان الهتاف بسبب الأخطاء التى وقع فيها المجلس الأعلى للقوات المسلحة فى إدارة المرحلة الانتقالية، التى بدأت بإعلان دستورى مشوه أدى إلى نتائج كارثية. وارتباك سياسى، كما ورطوا القوات فى مواجهات، ما كانت تحدث لو كان المجلس عين مجلسًا رئاسيًا يدير العملية السياسية، ويحفظ للجيش صورته التى حظى بها بسبب موقفه الداعم للجماهير، وضغوطه على مبارك ليترك الحكم.
أخطاء المجلس الأعلى برئاسة المشير طنطاوى ومعه الفريق سامى عنان، تلافاها المجلس الأعلى بقيادة الفريق أول عبدالفتاح السيسى، الذى تدخل أكثر من مرة ليحذر الدكتور مرسى من خطورة الاستقطاب والاحتكار والفشل، وخطر شق البلاد، والتهديد بحرب أهلية، وعندما تدخل، تلافى أخطاء مجلس طنطاوى، وعين مجلسًا رئاسيًا انتقاليًا، برئاسة رئيس المحكمة الدستورية العليا.
وكان هناك تشابه بين موقف الجيش مع مبارك وموقفه مع مرسى، حيث كان انحياز الجيش للنظام يمكن أن يدفع لحرب أهلية، ويهدد الدولة، لكن الجيش المصرى حفظ طوال الوقت موقعه مع الشعب، ولم يتورط فى إطلاق النار على الشعب حماية للرئيس أو النظام، مثلما حدث مع الشرطة أثناء ثورة يناير، ودفعت ثمن ذلك وتعلمت جزءًا من الدرس.
فى تاريخ الجيش المصرى سوابق رفض فيها الجيش مواجهة الشعب، الأولى عندما مظاهرات 18و19 يناير 77، ضد الرئيس الأسبق أنور السادات وعرفت بمظاهرات الخبز، وعمت الفوضى، طلب الرئيس السادات من المشير محمد عبدالغنى الجمسى أن ينزل الجيش لحفظ الأمن، بعد انهيار الشرطة، واشترط الجمسى ألا يطلق الجيش رصاصة أو يدخل فى مواجهة مع الشعب، وقال «إن الشعب يفخر بانتصارات الجيش فى حرب أكتوبر 73، وتكرر الأمر جزئيًا مع أحداث الأمن المركزى فى فبراير 1986، عندما نزلت قوات الجيش للسيطرة على ثورة جنود الأمن المركزى، وكان وقتها وزير الدفاع المشير محمد عبدالحليم أبوغزالة».
كان بناء جيش وطنى قوى أحد أهداف ثورة 23 يوليو، وتم بناء الجيش بالتجنيد الإجبارى، الأمر الذى جعله جيشًا شعبيًا، بقيادات محترفة، وكانت هناك مساندة شعبية للجيش فى حروبه عام 1956، وحتى مع الغضب من الهزيمة فى يونيو 1967، تحول الغضب إلى مطالب بمحاكمات جرت مع قادة الطيران 1968.
لا يمكن وصف حكم عبدالناصر أو السادات أو حتى مبارك بأنه حكم عسكرى، لكنه يظل حكم الفرد، لأن الهدف الخامس من أهداف الثورة «إقامة حياة ديمقراطية سليمة» لم يتحقق، وظل يراوح مكانه بين التنظيم الواحد، أو الحزب الواحد مع تعددية شكلية. كان لكل رئيس مشروعه وميزاته وأخطائه، واختلف مبارك، ولم يواجه مبارك صراعا داخليا وخارجيا مثل سلفيه عبدالناصر، احتاج عشرين شهرًا من الصراع حتى استقرت له السلطة الرئاسية، وصراع آخر فى أزمة السويس عام 1956 وتأميم القناة وهزيمة يونيو 1967، ورحل وسط رياح الحرب والصراع السياسى الإقليمى. والسادات واجه صراعًا على السلطة انتهى لصالحه وأطاح بخصومه من نظام عبدالناصر، ليخوض حرب أكتوبر التى مهدت له الزعامة. وقرار زيارة القدس فى تحرك صادم، جر على السادات عداء وهجومًا فى الداخل والخارج، معارضة قوية من اليمين واليسار، وحتى حلفاؤه من الإخوان، والجماعات الإسلامية التى دعمها واغتالته.
تسلم محمد حسنى مبارك السلطة خالية من الصراعات، لم يجر تغييرات فى بنية السياسة، تسلم الأحزاب وسلمها من دون أن يقيم نظامًا سياسيًا يسمح بالتعدد وتداول السلطة، فضلًا عن ترهل حكمه فى السنوات الأخيرة وتجاهل مطالب التغيير.
ظلت الرئاسة طوال 59 عامًا محصورة فى رؤساء من أصول عسكرية، وإن كانوا تولوا باستفتاءات بعد أن كانوا تركوا الخدمة، تولى الرئيس محمد نجيب لفترة، ثم عبدالناصر، والسادات، ومبارك، وكانت عملية انتقال السلطة تتم باستفتاء شعبى على شخص واحد، حتى جاء مبارك وظل يتولى الرئاسة بالاستفتاء، لأربع فترات متتالية، وفى عام 2005، أجرى تعديلًا دستوريًا فى المادة 76 بما يسمح بانتخابات رئاسية بين مرشحين متعددين، لكن طريقة صياغة المادة الدستورية والتعديلات عليها جعلت الترشح والفوز مرهونًا بتأييد الدولة والحزب الوطنى. خاض مبارك الانتخابات الرئاسية مع أكثر من مرشح وفاز فيها، وعندما انتظر الشعب أن يعلن أنها الفترة الأخيرة، ترك الأمور مفتوحة، وتزامن ذلك مع الحديث عن رغبته فى توريث الحكم لابنه الأصغر جمال، خاصة وأنه رفض تعيين نائب طوال 29 عامًا.
وكان بقاء مبارك لفترة طويلة، ورفضه إجراء أى تغييرات فى بنية الحكم، وفتح باب التعدد والمشاركة، فضلًا عن الفساد هو الذى أكد فكرة حكم الفرد، الذى يتجاوز الحكم العسكرى إلى دولة رخوة تفقد قدراتها، وتزدحم بالفساد وتتداخل فيها السلطة بالثروة. لكنهم بعد الثورة ومع أول رئيس مدنى منتخب وجدوا أنفسهم أمام حكم الفرد، وأيضًا حكم الجماعة، حيث تم استبدال الحزب الوطنى بجماعة الإخوان، فضلا عن الضعف والفشل، الأمر الذى أعاد التساؤل عن طبيعة ومواصفات الرئيس، فالمصريون يريدون رئيسا قويا، ديمقراطيا يلتزم بالقانون والدستور، ولا ينحاز لحزب أو جماعة. ويعيد بناء الجمهورية الثانية بشكل أكثر حداثة وعدالة وحرية، وهى أمور لم تتحقق مع مرسى.
ومن هنا عاد التساؤل، وبدا أن الخطأ ليس فى الرئيس العسكرى أو المدنى وإنما فى بنية النظام الذى يقوم على حكم الفرد.
ومع الأخطاء التى وقع فيها رؤساء من أصول عسكرية، وأيضًا الرئيس المدنى المنتخب، تجدد الحديث مع تصاعد مطالب ودعوات للفريق أول عبدالفتاح السيسى بالترشح للرئاسة، وظهور أسماء لمرشحين من أصول عسكرية، كل هذا أعاد الحديث حول الرئيس القادم، وصادر البعض متوقعًا رئيسًا من أصول عسكرية. وارتفعت دعاوى مختلفة تعلن أن الرئاسة فى الفترة القادمة تحتاج رئيسا قويا، ويربطون القوة والحسم بالعسكريين، خاصة بعد تجربة مع رئيس مدنى منتخب، لم تكن بحجم الطموحات الشعبية والمطالب بعد ثورة 25 يناير، وقد بدت تجربة الدكتور مرسى مخيبة للآمال بعد شهور قليلة من الانتخابات. فضلا عن خلط السياسة بالدين بما أدى لخسارة السياسة وصورة الدين معا.
الفريق أول عبدالفتاح السيسى أعلن أنه لن يترشح للرئاسة القادمة، لكن النفى لم يعد كافيًا، وهناك حملات وتوقيعات تطالب بالسيسى رئيسا بتفويض شعبى، وهو أمر يرفضه كثيرون حتى من المنتمين لثورة 30 يونيو، ممن رأوا أن الجيش تدخل لحماية الإرادة الشعبية وعليه إكمال دوره لينفى مخاوف من تفسير تحرك الجيش أنه بهدف السلطة، بالرغم من أن تحركات الجيش قبل 30 يونيو وبعدها كانت تتشابه مع تحركات المجلس الأعلى للقوات المسلحة فى مواجهة مبارك بعد مظاهرات يناير.
السيسى نفسه نفى أكثر من مرة، ونقل عنه قوله أنه لن يترشح حتى لو خرجت الملايين فى الشوارع، والجيش نفى دعمه لمرشح فى مواجهة آخر، لكن مع النفى والدعاوى كان السعى لبحث فكرة الرئيس، وما إذا كان عسكريًا أو مدنيًا، وأن الأمر تحدده البنية الدستورية والتشريعية، وشكل وأداء المؤسسات، ووجود دستور يحدد بشكل واضح سلطات الرئيس، والحكومة التى لا يجب أن تتداخل مع السلطة التشريعية والقضائية مثلما كان فى عهد مبارك ومرسى، حيث كان الرئيس وحزبه هما المسيطران على كل السلطات. وأن الهدف هو التخلص من حكم الفرد سواء كان عسكريًا أو مدنيا.
مع الأخذ فى الاعتبار أن كثيرًا إن لم يكن أغلب تجارب مصر فى بناء الدولة القوية ارتبط بعسكريين، وكانت التجربتان الحديثتان لمحمد على القائد الألبانى الذى أسس لدولة حديثة بعد حكم المماليك، ودخل مصر على رأس حملة وشهد صراع المماليك بعد رحيل الفرنسيين، وترك المماليك يتصارعون حتى دانت له السلطة وتخلص من المماليك ليبدأ فى بناء دولة عصرية اقتصاديا وسياسيا وثقافيا، وكانت التجربة الثانية هى لجمال عبدالناصر الذى أعاد بناء الجمهورية بمشروع اقتصادى وسياسى واجتماعى حديث، فى التصنيع والسد العالى ومشروعات إقليمية وسعى لإقامة تجمع من دول العالم الثالث فى مواجهة القطبية والحرب الباردة بين الأمريكان والسوفييت، ثم تلاه السادات الذى حافظ على كيان الدولة ودورها الإقليمى، ولا تزال تجربة مبارك ماثلة ومعه مرسى بأخطائهما.
وقد عرف العالم تجارب لقادة عسكريين نجحوا فى القيادة السياسية كرؤساء، فى أمريكا جورج واشنطن ودوايت أيزنهاور لعبوا أدورًا مهمة كسياسيين، وفى فرنسا الجنرال ديجول وفى بريطانيا ونستون تشرشل. وبالطبع فإن هؤلاء صعدوا إلى مناصبهم بالانتخابات من خلال نظام ديمقراطى، لكن تجاربهم تثبت أن العسكريين يمكنهم أن يقودوا أممهم، مقابل تجارب سلبية لعسكريين مثل: موسولينى، أو البشير فى السودان، أو بينوشيه فى شيلى. بل هناك قادة ليسوا من أصول عسكرية ورطوا أممهم فى كوارث وهزائم، مثل هتلر الذى كان منتخباً.
فى مصر يضع البعض كل الرؤساء بعد ثورة يوليو فى سلة واحدة لحكم الفرد، بينما يرى آخرون أن كل رئيس كان له عصره ونظامه، وكل منهم كان له مشروعه السياسى، وصراعاته ومعاركه. لكن تجربة حكم حسنى مبارك خاصة فى السنوات الأخيرة. واتساع الفساد وغموض الوضع السياسى، ورفض مبارك لتعيين نائب له طوال 30 عاما، أساءت إلى الحكم فى مصر وصورة الرؤساء من أصول عسكرية.
فى مصر كانت بدأت ثورة 23 يوليو كحركة للجيش، ضد فساد الحكم الملكى والفقر، حتى أعلنت عن إجراءات اجتماعية بدأتها بالإصلاح الزراعى لتوزيع ملكية الأراضى على الفلاحين، ثم تبعها مشروع اقتصادى واجتماعى لعبدالناصر، فضلا عن طموحات إقليمية ودولية، مع حركة عدم الانحياز جعلت من عبدالناصر نموذجا لزعامة دعمها البنيان الصناعى والاجتماعى والعدالة الاجتماعية، وحملت تجربة عبدالناصر الكثير من الإنجازات، وأيضًا جرت أخطاء وانتقادات للتجربة الديمقراطية، وهو ما استمر مع الرئيس أنور السادات، وكلاهما حافظ على دولة قوية بها أخطاء، ثم كانت تجربة مبارك الطويلة، وتلتها تجربة مرسى القصيرة. واليوم نحن نقدم وصفا تفصيليا لأنواع الحكم العسكرى البحث، أو الحكم الذى لعب فيه الجيش ضامنا للدولة فى تركيا حتى سنوات، أو الانقلابات التى استمرت سنوات فى أمريكا اللاتينية وإفريقيا، نقدم كل هذا للقارئ ليحدد موقفه بالسب أو الإيجاب.
◄◄جنرالات قادوا دولهم للانتصارات العسكرية ووصلوا إلى مقعد الرئاسة
◄◄الولايات المتحدة الأمريكية
◄جورج واشنطن.. مؤسس «الولايات المتحدة»..الرئيس الأول ل«القارة» أسس العاصمة ووضع لبنات «القطب الأوحد»
فى عام 1776، انفصلت الولايات المتحدة عن بريطانيا، بعد سنوات من حرب الاستقلال التى قادها جورج واشنطن، قبل أن ينتخب بعد ذلك بالإجماع، ليكون أول رئيس للدولة القارة، التى نجحت بعد سنوات قليلة، فى أن تتحول إلى واحدة من أهم الدول الفاعلة فى المحيط الدولى، قبل أن تتحول فى سنوات لاحقة إلى دولة القطب الأوحد، وتعترف المراجع التاريخية بأهمية الدور الذى لعبه جورج واشنطن فى تحطيم موازين القوى العسكرية فى العالم، بعد هزيمة الإمبراطورية البريطانية، وإجبارها على الاعتراف بالدولة الوليدة، وقد ساهم واشنطن أيضا فى وضع دستور دام لما يزيد على مائتى عام، إضافة إلى إقراره عددا من الإصلاحات السياسية والاجتماعية الأخرى، حتى أن أمريكا أصبحت فى طريقها لأن تكون أغنى وأقوى دولة فى العالم بنهاية فترته الرئاسية الثانية.
◄جورج واشنطن
ولم يقتصر الأمر على النجاح الاقتصادى، ففى عهد واشنطن تحددت العاصمة الأمريكية، سنة 1790، وكانت مقاطعة كولومبيا، التى أصبح اسمها «واشنطن دى سى» فيما بعد.
-1794اندلع فى عهده تمرد الويسكى، بسبب فرض ضرائب على الويسكى فى غرب بنسلفانيا، وفشل التمرد وتم القبض على اثنين من المتمردين.
◄أيزنهاور.. بطل الحرب العالمية والإصلاح الاجتماعى..أدخل إصلاحات موسعة على النظام الاقتصادى فى أمريكا
فى أمريكا أيضا يحتفظ تاريخ الرؤساء باسم داويت إيزنهاور الذى تولى حكم الولايات المتحدة الأمريكية فى الفترة ما بين عام 1953 إلى 1961، وعرف بقدرته العسكرية الفائقة.
حيث نجح فى حسم الحرب العالمية الثانية، لمصلحة الحلفاء، حين أشرف على تخطيط غزو فرنسا وألمانيا.
◄أيزنهاور
كما نجح فى إنهاء الحرب الكورية، وفى إدارة الحرب الباردة مع الاتحاد السوفيتى، كما أعاد تنظيم ميزانية الدفاع فى اتجاه الأسلحة النووية وإطلاق سباق الفضاء.
كما أدخل أيزنهاور إصلاحات موسعة لنظام الضمان الاجتماعى وبدأ فى إنشاء نظام للطرق السريعة بين الولايات، وشهد حكمه إصلاحات اقتصادية بالغة الأهمية.
-1953تولى أيزنهاور الحكم حتى 1961 وعرف بقدرته العسكرية الفائقة حيث نجح فى إنهاء الحرب الكورية، وفى إدارة الحرب الباردة مع الاتحاد السوفيتى.
◄فرنسا
◄ديجول.. جنرال يقود فرنسا إلى «المدنية»..حارب النازية وحرر بلاده وتنحى بعد استفتاء على تنفيذ ال«لامركزية»
من أمريكا إلى فرنسا فى 28 من إبريل عام 1969 أسدل الستار على مسيرة الجنرال شارل ديجول، رئيس الجمهورية الخامسة، بعد أن تنحى عن رئاسة فرنسا، إثر تصويت الفرنسيين بنعم على إصلاحات اقترحها بتطبيق اللامركزية، لكن نسبة الموافقة لم تتجاوز %54 الأمر الذى رآه ديجول «لا يكفى لأن يحكم فرنسا فى وقت مضطرب».
وجاء تنحى الجنرال ديجول بعد عام من دخول فرنسا فى واحدة من الأزمات السياسية الأكثر حدة، حيث اشتعلت المظاهرات الطلابية التى انضم إليها العمال والموظفون.
ورغم الأصول العسكرية لديجول، فإنه آمن بالدولة المدنية.
◄ديجول
قبل تنحيه سجل تاريخ شارل ديجول الكثير من البطولات، أهمها فى عام 1940، حيث أطلق نداءه الشهير، لدعوة الشعب الفرنسى إلى عدم الاستسلام لقوات النازى، وتنظيمه ميليشيات «فرنسا الحرة»، التى نجحت فى تحرير باريس.
-1962استقلت الجزائر بعد معاهدة إيفيان بعد نجاح ديجول فى إنهاء الحرب بين فرنسا والجزائر كما كان للجنرال دور فى استقلال الدول الأفريقية، عبر تأسيس مجموعة «فرنسا أفريقيا».
◄بريطانيا
◄ونستون تشرشل.. عسكرى وخطيب مفوه..قاد بريطانيا فى الحرب العالمية وما بعدها
السير ونستون ليونارد سبنسر تشرشل «30 نوفمبر 1874 - 24 يناير 1965 فى لندن»، ولد فى قصر بلنهايم فى محافظة أوكسفوردشاير فى إنجلترا، كَان رجل دولة إنجليزيا وجنديا ومُؤلفا وخطيبا مفوها.. يعتبر أحد أهم الزعماء فى التاريخ البريطانى والعالمي الحديث، نشأ فى عائلة محافظة سياسيا، وترك الثانوية والتحق بالمدرسة الحربية الملكية ليتخرج منها عام 1894.
تدرج تشرشل فى المناصب وبدأ حياته السياسية فى حزب المحافظين وانتخب عضوا فى مجلس العموم ثم انتقل إلى حزب الأحرار، وأهم مرحلة فى حياة تشرشل السياسية برزت فى الحرب العالمية الثانية، فقد عين عند اندلاع الحرب سنة 1939 وزيرا للبحرية.
◄ونستون تشرشل
شغل ونستون تشرشل منصب رئيس وزراء بريطانيا عام 1940 واستمر فيه خلال الحرب العالمية الثانية، وذلك بعد استقالة تشامبرلين، استطاع رفع معنويات شعبه أثناء الحرب، حيث كانت خطاباته إلهاما عظيما إلى قوات الحلفاء، كان أول من أشار بعلامة النصر بواسطة الإصبعين السبابة والوسطى، بعد الحرب خسر الانتخابات سنة 1945 وأصبح زعيم المعارضة ثم عاد إلى منصب رئيس الوزراء ثانية فى 1951 وأخيرا تَقَاعد فى 1955.
وفى استطلاع لهيئة الإذاعة البريطانية «BBC» سنة 2002 اختير كواحد من أعظم مائة شخصية بريطانية.
-1953حصل على جائزة نوبل فى الأدب للعديد من مؤلفاته فى التأريخ الإنجليزى والعالمى وفى استطلاع لهيئة الإذاعة البريطانية «BBC» سنة 2002 اختير كواحد من أعظم مائة شخصية بريطانية.
◄كويا
◄كاسترو.. خصم أمريكا الأول..الانتصار فى «خليج الخنازير» زاد شعبية الجنرال الاشتراكى
بالرغم من أن الزعيم الكوبى فيدل كاسترو كان دارساً للقانون وعمل بالمحاماة إلا أن قصة إطاحته ورفاقه للديكتاتو«فولغينسيو باتيستا» بانقلاب عسكرى عام 1959، هى قصة الانقلاب العسكرية ضد الديكتاتورية، وانتخب رئيسا لدولة كوبا.
◄كاسترو
وخلال الحرب الباردة قادت الولايات المتحدة عام 1961 محاولة فاشلة لإسقاط حكومة كاسترو، عن طريق تجنيد عدد من الكوبيين المنفيين، وقد عرفت المعركة بموقعة خليج الخنازير، وأسفرت عن أسر الجنود الكوبيين المدفوعين من الإدارة الأمريكية، وأدت مساندة الرئيس الكوبى للاتحاد السوفيتى، وتدعيم موقفه فى أمريكا الجنوبية، إلى استهداف أمريكا له، حيث رصدت الأجهزة الأمنية بكوبا 600 محاولة لاغتياله.
وقد ساهم كاسترو فى دعم قضايا التحرر الوطنى، عن طريق دعمه للثوار الماركسيين فى أنجولا وموزمبيق فى السبعينيات من القرن الماضى.
خلال فترة حكم كاسترو خطت كوبا خطى واسعة فى المجلات الخدمية، حيث أقرت مجانية الرعاية الطبية فى عهده.
-1960أغضب كاسترو الولايات المتحدة بتأميم عدد من الشركات الأمريكية بكوبا ضمن خطته للقضاء على النفوذ الأمريكى فى البلاد والحفاظ على السيادة الوطنية.
◄فنزويلا
◄شافيز.. ثائر واجه أمريكا بسلاح «حب الشعب»..قرر تأميم النفط والإصلاح الزراعى وأصبح عدوا لإسرائيل
فى شهر مارس من العام الماضى، أعلنت دولة فنزويلا الحداد لسبعة أيام، وسط حالة من الحزن العام، لوفاة الرئيس المحبوب هوجو شافيز، بعد صراع مع السرطان، لا يقل ضراوة عن صراع شافيز طوال حياته ضد الهيمنة الأمريكية على دول أمريكا الجنوبية.
حكم شافيز فنزويلا منذ عام 1999، وحتى العام الماضى، وطوال سنوات حكمه ال14، اهتم شافيز بمكافحة الإمبريالية والعولمة، وكان يرى فى أمريكا الشيطان الأكبر، الذى يسعى لمحو الهوية الحضارية للدول النامية، كما انتقد غزو أفغانستان والعراق، وكان دائم الانتقاد لدولة الكيان الصهيونى، فضلا على سعيه لتضامن دول أمريكا الجنوبية، ضد الدخل الأمريكى.
وفى عام 2000، أعيد انتخاب شافيز رئيسا للجمهورية، واتخذ شافيز إجراءات حاسمة لإيجاد حلول للأزمة الاقتصادية، منها تبنى إصلاحات زراعية وتأميم قطاع النفط وقاد ثورة من أجل الضمان الاجتماعى والتأمين الصحى للفقراء ولهذا خرجوا بالملايين فى وداعه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.