تأتى زيارة الرئيس حسنى مبارك المرتقبة للولايات المتحدةالأمريكية بمثابة مرحلة جديدة فى العلاقات بين القاهرة وواشنطن، بعد تباعد استمر لأكثر من خمس سنوات، لتستند المرحلة الجديدة على الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، كحجر أساس للتعاون من أجل تحقيق السلام فى المنطقة والمصالح المتبادلة والتعاون والتفاهم والاحترام المتبادل. وتأتى الزيارة فى الوقت الذى أدركت فيه الإدارة الأمريكية بقيادة الرئيس باراك أوباما - وخلافا للإدارة السابقة - مدى أهمية الحاجة للدور المحورى المصرى فى المنطقة، وتقديرها لدور مصر الفاعل وجهود الرئيس مبارك من أجل العمل على تحقيق السلام الشامل فى الشرق الأوسط. وتعتبر الإدارة الأمريكية ريادة مصر نموذجاً للاعتدال والاستقرار فى المنطقة، خاصة فى الكفاح ضد أيديولوجيات وأعمال العنف والتطرف فى الشرق الأوسط. وبالنظر إلى العلاقات المصرية الأمريكية، وعلى مدار أكثر من ثلاثة عقود تشير البيانات الرسمية إلى أن الأمريكيين استثمروا قرابة 60 مليار دولار فى المساعدات الأمريكية من أجل بناء وتأمين مستقبل أكثر إشراقاً بين البلدين. وتشير السفيرة الأمريكيةبالقاهرة مارجريت سكوبى إلى أن التجارة أصبحت أهم أوجه العلاقات الاقتصادية المصرية الأمريكية، وأن الولاياتالمتحدة أصبحت الشريك التجارى الأكبر فى مصر حيث تقوم بشراء 33% من صادرات مصر فى العالم، كما بلغ حجم التجارة البينية بين البلدين أكثر من 96 مليار دولار فى الفترة من عام 1985 وحتى عام 2008. ولا يعد حجم التجارة الجزء الأهم فى هذه القضية، بل سرعة نمو النشاط التجارى، وفيما بين 2003 إلى 2008 نمت التجارة الثنائية بمقدار 124% حيث زادت قيمتها من 3.75 إلى 8.4 مليار دولار، وخلال الفترة نفسها زاد حجم الصادرات المصرية إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية بمقدار 107%. وتشير المصادر الرسمية الأمريكية إلى أنه نتيجة لنمو وازدهار الاقتصاد المصرى فى الثلاثين عامًا الماضية تضاعف دور منظمات المنح الدولية فى مصر، فقد مثلت المساعدات الأمريكية عام 1980 لمصر حوالى 10% من إجمالى الناتج المحلى، وفى عام 2008 زادت المساعدات بقدر طفيف عن 1% من إجمالى الناتج المحلى. ولعل العلاقات الاقتصادية الأمريكية المصرية وسبل تطويرها فى إطار من الشراكة والتعاون ستكون محلاً للمباحثات المكثفة فى القمة المصرية الأمريكية القادمة، حيث تمثل حيزا كبيرا فى المناقشات الخاصة فى العلاقات الثنائية. وأشار خبراء الاستراتيجية ومراكز الدراسات والأكاديميين فى الجامعات المصرية إلى أن زيارة الرئيس مبارك المرتقبة لواشنطن تفتح حوارا ثنائيا مصريا - أمريكيا على أعلى المستويات ليغطى الكثير من القضايا. وحسب مصادر أمريكية، فإن الإدارة الأمريكية ستركز على ما يمكن فعله فى الشراكة مع مصر من أجل تعزيز الآمال المشتركة وتحقيق السلام لشعوب المنطقة. وكانت السفيرة الأمريكية مارجريت سكوبى قد أشارت، فى وقت سابق، إلى أن الولاياتالمتحدةالأمريكية ترغب فى أن ترفع علاقاتها مع مصر إلى مستوى أعلى، وذلك من خلال الحوار الثنائى الرسمى. وأعربت السفيرة الأمريكية عن تطلع الولاياتالمتحدةالأمريكية باهتمام لزيارة الرئيس مبارك والالتقاء مع الرئيس أوباما لمناقشة سبل تعزيز وتعميق العلاقات الأمريكية مع مصر، بالإضافة إلى بحث الخطوات التى يجب أن تتخذها جميع الأطراف للمساعدة على تحقيق السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وبين إسرائيل والدول العربية. وأشارت إلى أنه بالرغم من الصعوبات والتعقيدات والتاريخ الطويل من التوقعات التى تم عرضها ولم يتم تحقيقها، فإن الإدارة الأمريكية ستواصل الالتزام الكامل بتحقيق السلام الشامل فى الشرق الأوسط.