"نفسك تطلع ايه يا حبيبى" سؤال سأله لنا من كانوا هم أكبر منًا آنذاك وكانت الإجابة غالبا لا تخرج عن هذه الأمنيات.. دكتور....ظابط...مهندس..طيار...إلخ، وذلك على الرغم من عدم معرفتنا بتفاصيل هذه الوظائف وإنما إحساس داخلى بأن أصحاب هذه المهن سيكون لهم شأن عظيم نظرا لعظم ومكانة هذه الوظائف.....وهذا ما صوره لنا خيالنا الصغير حينذاك. لأن الواقع غير ذلك, فمهنة الطب على سبيل المثال لا شك أنها مهنة عظيمة وإنسانية فى المقام الأول وشاغلوها هم أصحاب رسالة ولكن فى الوقت الحالى يعانى أصحاب هذه المهنة الأمرين فى أداء هذه الوظيفة، وذلك بسبب الانحطاط الإدارى للقائمين عليها والانحطاط الأخلاقى لبعض متلقى هذه الخدمة. فبعد معاناة طويلة فى الدراسة تمتد إلى سبع سنوات (بما فيها ستة التدريب) تبذل فيهم الغالى والنفيس سواء أكان ماديا أو صحيا أو عمريا تجد نفسك قد نخرجت عن عمر يناهز الرابعة والعشرين بعدها تنال إحدى الحسنيين إما النصر (الجامعة) أو الشهادة (الصحة)..........وحديثنا سيكون عن الشهادة... آسف.. عن وزارة الصحة... بعد التخرج يتم تكليفك على قوة وزارة الصحة فى بعض المناطق النائية من قرى ونجوع كطبيب تدريب فترة قد تمتد إلى سنوات يكون راتبك فيها لا يتجاوز الثلاثمائة من الجنيهات, هذا غير فترة التجنيد التى قد تقضى فيها قرابة الثلاث سنوات كظابط احتياط بعدها تجد نفسك قد جاوزت السبعة والعشرين عاما وأنت مازلت ممارسا عاما أى لست متخصصا ولكى تتخصص فلابد لك أن تسجل دراسات عليا مثل الماجستير الذى يمتد إلى ثلاث سنوات أخرى , حينها يصبح عمرك قد تجاوز الثلاثين تقول حينها الحمد الله (العلم نور برده) ولكن حين تنظر إلى مرتبك حينئذ الذى لا يتجاوز الرقم السابق إلا بقليل جدا وتنظر إلى حجم المتطلبات والمسؤوليات من زواج وغيره تقول (حسبى الله ونعم الوكيل ). رغم كل هذه المعاناة. .....إلا أن الكثير منا يستطيع أن يتحمل. ...ولكن مالا نستطيع تحمله هى. .....الإهانة...........؟!! لقد أهين الأطباء من قبل المسؤلين بتجاهلهم المتعمد لحقوقهم المشروعة، وذلك للأننا نطالب بحقوقنا مع استمرارنا للعمل وعدم افتعالنا للازمات وذلك ليس لشىء إلا لإيماننا الشديد بإنسانية هذه المهنة التى يؤمن بها كل طبيب، ومع ذلك نقابل بالتجاهل والإهمال وعلى النقيض نجد الحكومة تسارع إلى تلبية مطالب فئات أخرى (لهم أيضا حقوق) وذلك لأنهم افتعلوا الأزمات وقطعوا الطرق وأوقفوا العمل. ..........هل هذا ما يحرك المسئولين؟. ...ويجعلهم ملبين مسرعين..؟ الإهانة الثانية. ..للأسف تأتيك من بعض المرضى وخاصة فى هذه الفترة التى نعانى فيها من الانفلات الأمنى فنجد بعض المرضى وأقاربهم يتعدون على المستشفيات بما فيها من أطباء وتمريض وعمال وحتى الممتلكات والأجهزه فى تحد صارخ لهيبة الدولة والقانون وفى ظل غياب شبه تام للأمن، مما أوحى إلى بعض الناس فكرة...( إنه بدراعك تقدر تاخد اللى انت عايزة من المستشفى ). خلاصة القول كل مانتمناه ونطالب به المسئولين ليس فقد تحسين الأحوال المادية للأطباء لكى يتفرغوا إلى العمل الحكومى ويؤدوا رسالتهم على أكمل وجه (وهو مطلب كل طبيب) ولكن أيضا تحسين المستوى العلمى للأطباء عن طريق تنظيم الكثير من المؤتمرات والبعثات العلمية للاطباء وتحسين البنية التحتية للمستشفيات وتوفير الحماية الامنية لكل المؤسسات الصحية تحت مسمى (شرطة الصحة) وذلك على غرار شرطة السياحة وغيرها من المسميات. إلى متى سيعانى الأطباء. ....؟ إلى متى سيظلون كبش فداء.....؟ أليس لدائهم من دواء.....؟ أم هو من الله ابتلاء.....؟