أن حق التظاهر السلمى والإحتجاجات والإضرابات لهو حق مشروع كفله المجتمع والقانون للجميع ومن ضمن مبادئ الديمقراطية ، للتعبير عن المطالب والتظلمات والطموحات ، وهو أمر تشهده كل دول العالم بشكل أو بآخر. ولكن أن يكون الإضراب فى وظائف ومهن معينه كالجيش والشرطة والبنوك والأطباء خاصة ، والمجالات التى تتعلق بأمن وسلامة البلاد وبأرواح البشر وتأثر على حياتهم بشكل مباشر لهو الإجرام بعينه . فمن العارعلى مهنة أنسانية نبيله اتخذت لنفسها شعار الرحمة والتضحية ، كمهنة الطب والتمريض أن تقدم على هذا الفعل مهما كانت الأسباب والمطالب. أن استمرار الأطباء فى الإضراب للأسبوع الثالث على التوالى يعد جريمة أنسانية وأخلاقية ينكرها الدين ويعاقب عليها القانون ، فحين يكون الثمن وفاة طفلة بريئة أو مرضى مساكين وفقراء لم يجدوا الرعاية الازمة ، لأن الأطباء يمارسون حقهم فى الإضراب ، بدلاً من أن ياخذوا بأيديهم نحو الشفاء . وياااا للأسف .. كيف بملائكة الرحمة أن تضرب عن العمل أو تقف فى مظاهرات ...؟ كيف تسمح لهم ضمائرهم أن يروا المصابين والمتألمين يعانون ويتلوعون من نوبات المرض وهم مغمضى العين ومصممون على الاستمرار فى إضرابهم دون إكتراث لهؤلاء المساكين. كيف يتركون المرضى يموتون على أرصفة المستشفيات دون رحمة؟؟ ويقول المضربين لذويهم أن ما يفعلونه هو لصالح المرضى أنفسهم ؟ والأبشع من هذا أن تخرج علينا اللجنة العليا لإضراب الأطباء يوم الأثنين الماضى ببياناً ، تعلن فيه استمرار توقف العمل بالمستشفيات فى إجازة العيد ، أى جرماً هذا .. بالله عليكم يا أطباء مصر " كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ". فأذا كان إضرابكم بسبب نقص الإمكانيات الطبية والعلمية ونقص الأجهزة والكفاءات كما تشيعون ، واذا كان مطلبكم الأساسى هو تحسين الخدمة الطبية والتعليمية فى مستشفيات وزارة الصحة كما تقولون ، فهذا أمر جيد فى حد ذاته ويحمد لكم ، ولكنكم تناسيتم أن أول مقومات تحسين الخدمة الطبية هو صلاح الطبيب نفسه ، فكيف وأنتم تقصرون فى أداء واجبكم الأنسانى تجاه المرضى ولا تقومون بعملكم على أكمل وجه أن تطالبوا وتنشدوا تغيير الحال . أنتم من يستطيع تبديل الحال بعملكم وأخلاصكم وأفكاركم .. وليس بإضرابكم . تقولون بأن رواتبكم متدنيه ، وأنا معكم فى هذا فأنتم تستحقون تحسين أوضاعكم ... ولكن البلد بكاملها تحتاج لتحسين أوضاعها ، فضلا عن أن هذا الأمر منذ العهد البائد وليس بجديد عليكم ولم تشتكو منه من قبل ، ولم نسمعكم تطالبون بحقوقكم أنذاك ..!!! تقولون أنكم أجتهدتم فى الدراسة وعملتم بجد لكى تلتحقوان بالكليات الطبيبة على إختلاف أنواعها ، وتكبدتم الأموال وأنفقتم الكثير للحصول على مؤهلاتكم العلمية ، وهذا شئ محمود وعلى العين والرأس ، ولكنكم أيضا اخترتم هذا بأنفسكم ولم يجبركم أحد عليه ، ربما رغبه فى الصيت أو تنشدون الرفعه فى المجتمع أو بوزاع دينى وأنسانى ، كلاً على اختلاف نيته وحسب هدفه المستقبلى ، فضلاً عن أنكم تعلمون جيداً طبيعة مهنتكم الأنسانية ومبادئها الأخلاقيه ومخاطرها وسلبياتها منذا البداية وعلى ذلك كان إختياركم لمجال دراستكم ، كما أنكم تدركون أيضا طبيعة بلدكم وظروفها المادية والاقتصادية ولستم فى معزل عنها ولا عن معاناة المواطن المصري ، فكيف لكم أن تعاقبوه على ذنب لم يرتكبه وهو أحوج لأبتسامة منكم تعطية الأمل وربته على كتفه وتطمينه تعينه على مرضه. فلا أتصور أن ملائكة الرحمة قساة القلب إلى هذه الدرجة ، فلا يطيقون الصبر على مشاكل بلادهم بعض الوقت حتى تتحسن أوضاعهم . فيا أطباء مصر ... أن لم تسطيعوا الصبر والتحمل لحين تحسن ظروف بلادكم ولم تقدروا على القيام بواجبكم الدينى والأنسانى تجاه مجتمعكم .. ففضلا إخلعوا عنكم معاطفكم البيضاء. وابحثوا لكم عن تجارة مربحه ووظيفة مجزية مادياً .. ولكنها قد تكون فقيره أدبياً.. تعوضكم عن مهنتكم السامية .. عظيمة الأجر عند الله. وكونوا على استعداد للرد حين يسألكم المولى عز وجل عن تقصيركم فى حق المرضى يوم القيامة ؟؟