كل عام نزور فيه "المنصورة" على حملة الجيش الفرنسى بقيادة لويس التاسع عشر يزداد حالها سوءا من عام إلى عام. فعندما رحل المحافظ القديم، أقام الناس فى محافظة الدقهلية الأفراح وذلك لأن مدينة المنصورة فى الأعوام الماضية كانت بمثابة مقلب للزبالة، ونتحدث هنا عن أرقى شارع فيها الذى يمتلئ بمحلات (التوكيلات والفاست فوود) شارع الجمهورية ومنطقة جزيرة الورد التى يقطن بها أثرياء مدينة المنصورة، ويصل فيها ثمن المتر للشقة التمليك لعشرة آلاف جنيه بمعنى أننا نتحدث عن شقق بالملايين بل أبراج بملايين الملايين، ومع ذلك وبمجرد النظر من البلكونات الأنيقة على الشوارع فى الأسفل يصطدم الناظرون بأكوام الزبالة والحشرات الزاحفة والطائرة والكلاب والقطط الضالة والعربات الكارو والحيوانات المسكينة المعذبة وهى تعبر الطريق بكل ذل وهوان تحت وطأة سياط الضرب والتعذيب. كل هذه المشاهد العشوائية تجدها فى أرقى شوارع وأحياء المنصورة فما بالكم بالمناطق الشعبية من المجزروالشيخ حسنين والحوار والعباسى والسكة القديمة والجديدة. وإذا كان هذا هو الحال فى العاصمة فهل لأى عاقل أن يتصور حال المراكز والقرى، فعندما نمر بالسيارات فقط على تلك القرى النائية المهجورة، فعلى الرغم من أنها تقع على "المرصوف" كما يقولون، يشعر المرء أنه فى زمن مضى من آلاف السنين ووسط مزابل التاريخ وظلمه وقهره وكأن الزمن لم تمر عرباته من هنا والمجتمع منقسم لطبقتين طبقة الإقطاعيين التى لا تتعدى خمسة بالمائة والفلاحين المعدمين تحت خط الفقر التى تتعدى الخمسة وتسعين بالمائة. وتمر على هذه الطرق والقرى مجبر لا بطل فى ذهابك لأحد شواطئ محافظة الدقهلية (رأس البر&جمصة) التى يذهب إليها أثرياء المحافظة لسبب واحد فقط وهو أنها الأقرب مسافة من أماكن سكنهم وعائلاتهم، وعلى مضض من ندرة أماكن التنزه الراقية فيها ومن سوء الخدمات إلى الحد الأدنى من المعاملة الآدمية. فمن يمتلك شاليه مثلا فى جمصة ومطل على البحر ومجهز على أرقى مستوى من التشطيبات فلا يتصور عاقل ما يراه الفرد منا من المحاولات الدائمة للاستغلال والسرقة فى أداء كل خدمة أو حتى إنارة لمبة كهربائية فى بلكونة مطلة على أكوام من الزبالة، وبالتالى أسراب من الذباب والناموس والبعوض ورائحة الهواء المعطرة برائحة المجارى الضاربة فى كل مكان من مصيف جمصة ورأس البر الحياة فى أغلى استهلاك مادى لأسوء مستوى خدمى وبيئى ومعيشى. وعندما تتساءل لما كل هذا السوء فى كل مكان لا تجد إلا إجابة واحدة لكل تساؤلاتك إالا وأنها الفساد والفساد والفساد. الفساد الحكومى والفساد الإدارى والفساد الأخلاقى.............الفساد مطلق. فالكل فى محافظة الدقهلية يشكو من المستوى الخدمى والمعيشى والغلاء المستشرى فى كل مكان المجتمع انقسم إلى طبقتين طبقة تمتلك المال وطبقة عاملة لا تدخر جهدا ولا حيلة فى استنفاذ هذا المال، وعندما نتحدث لأى من المهتمين بأمر بلدنا مصر يحدثك الجميع عن قصص وأساطير النصب والاحتيال وسوء أخلاق العمال ومهاراتهم التى دون المستوى فى عمل أى صنعة، ولكنهم عمالقة فى السرقة والنصب والاحتيال وسحب عشرات الجنيهات تلو الأخرى ولا يحق لك حتى الاعتراض. السؤال الكبير الذى نريد له إجابة!!! محافظة الدقهلية ومدينة المنصورة لهما موقع مميز فى محافظات ومدن الجمهورية، فلما كل هذا التجاهل لتلك المحافظة المهمة والحيوية. مدينة الورود والزهور وعروس النيل تحولت لشوارع مكدسة بالزبالة فى كل مكان وتحولت إلى مكان شبه عشوائى لا يشعر فيه المرء بوجود الدولة أو قوة القانون. على مدار عشر سنوات تطور فيها شكل الحياة فى كل مكان فى العالم ولم يتغير شكل الحياة فى محافظة الدقهلية فلا يوجد متنزهات عامة أو أماكن راقية للخروج العائلى أو أى استثمارات عملاقة تجذب سكانها الأصليين للاستمرار بالعيش بها بدلا من هروب كل سكانها إلى القاهرة، وذلك لعدم توافر أدنى حد من العيش برفاهية لمن يملك بدلا من العيش فى كانتونات باهظة الثمن والعذاب الذى تعيشه كل العائلات من البحث عن أماكن للتنزه فى أى مكان آخر ومن عشرات السنين دون العاصمة المزدحمة رغم أنفها، وذلك لعدم وجود بدائل لما تتمتع به فى المحافظات الأخرى.