"حارس الحضارة المصرية القديمة ونجم وسائل الإعلام".. هذا هو زاهى حواس الذى أقسم أن "يجعل علم المصريات ملكا للمصريين". هكذا وصفت مجلة "الإكسبرس" الفرنسية، فى تقرير مطول، أمين عام المجلس الأعلى للآثار الذى يملك اليد العليا على الحفريات الأثرية فى مصر، ويلعب دورا سياسيا لحماية السياحة، ويحلم بإيقاظ الفراعنة، حيث إنه لا يكتشف فقط الآثار بل يعيد اكتشافها. تُذكر المجلة كيف نجح حواس بقبعته الشهيرة على طريقة أنديانا جونز، والذى اختارته مجلة "التايم" فى 2006 من بين أكثر 100 شخصية تأثيرا فى العالم (لم يكن الرئيس مبارك من ضمنها)، فى 2002 أن يجعل العالم بأكمله يحبس أنفاسه أمام قناة "ناشيونال جيوجرافيك" فى عرض على الهواء مباشرة لإدخال روبوت لاكتشاف لغز الهرم الأكبر والبحث عن غرفة دفن خوفو. كما تشير المجلة كيف استطاع زاهى حواس للمرة الأولى أن يجعل علم المصريات فى متناول يد ومعرفة غير المتخصصين. وحده حواس يملك الحق فى الحياة والموت فوق ساحات الحفر الآثرية تلقى المجلة الضوء على الدور الذى لعبه حواس منذ وصوله عام 2002 على رأس المجلس الأعلى للآثار فى تغيير النظام السابق فى أعمال الحفر والتنقيب. حيث كانت البعثات الآثرية الأجنبية "تغزو الأراضى المصرية"، معتمدة على هيبتها، وتحفر فى الرمال كما يحلو لها. أما مع زاهى حواس، فعلى تلك البعثات اليوم الحصول فى البداية على تصاريح الحفر. فقد تعهد حواس بتخليص المصريين من صورة الشعب المستعمَر، وبجعلهم فخورين بتاريخ الحضارة المصرية التى لا تقوم المدارس بتعليمه بشكل كاف. وهو الأمر الذى تؤكده جيوميت أندرو، أمينة قسم الآثار المصرية فى متحف اللوفر الفرنسى حين تقول "إننا نشهد ببساطة استعادة مصر لتراثها". وهو الوضع الذى قد لا يعجب علماء المصريات الأجانب، إذ تضيف جيوميت أندرو: "لقد كنا نملك فيما مضى مفاتيح المقابر.. لكن حواس وضع نظاما جديدا فى مواقع العمل، وهو يطالبنا بإصدار نشرات دورية، وباللغة العربية، حيث نجد صعوبة فى ذلك". ويضيف أحد علماء الآثار: "فى حالة العثور على أقل اكتشاف حتى وإن كانت خنفساء محنطة، فإن المجلس الأعلى للآثار هى السلطة الوحيدة المخولة لإعلان النتائج. وحواس هو الشخص الوحيد الذى يتحدث إلى الصحفيين. وإذا أعلنت أنا بنفسى عن الاكتشاف، أتعرض لمخاطرة فقدان موقع الحفر أو التنقيب". وفى المقابل، يشيد علماء مصريات بالتغيير الذى أحدثه حواس، مثل عالم المصريات كريستيان لوبلان، الذى يذهب إلى أن حواس قد أعاد الكرامة لعلم المصريات فى مصر. كما يقول أحد علماء الآثار الفرنسيين إن علم المصريات لم يعد اليوم "شغف فرنسى" فقط، كما كان يقال. ففى يوم من الأيام، إذا استمر تطبيق منطق حواس قد لا تشهد أعمال التنقيب عن الآثار فى مصر سوى البعثات الأثرية المصرية مع وجود خبراء أجانب فقط". الدور السياسى الذى يلعبه حواس تشير المجلة أيضا إلى الدور السياسى الذى يلعبه حواس فى مصر، خاصة فى الأوقات الذى تلا التعرض لهجمات إرهابية. فعندما تواجه السياحة، أكبر مصادر الدخل المصرية، خطرا، تخرج السلطات "جوكر مصر الأبدية" لإنقاذ الموقف. على غرار ما حدث فى 1997، فى أعقاب هجمات الأقصر التى أسفرت عن 62 قتيلا، وحيث لم يكن حواس بعد قد تولى منصب رئاسة المجلس الأعلى للآثار. فقام حواس بالإعلان فى مؤتمر صحفى عن اكتشاف مقبرة مايا، مرضعة توت عنخ آمون، التى تم العثورعليها قبلها بعام واحد. وقد لقى هذا الإعلان صدى عالمى آنذاك. وتقول المجلة إن مستقبل الحضارة المصرية القديمة والأرقام التى ستحققها السياحة ترتسم فى شخص حواس. حواس.. شخصية نجم سينمائى عالمى وعن شخصية حواس، تقول المجلة إن حواس محاط بهالة تشبه نجوم السينما العالمية. يصرف ببطاقات الائتمان فى فندق مينا هاوس، ويأكل الفول فى مطعم شعبى فى أسوان.. يمكن أن يهدد زميل بتدميره ويلين فى نفس اللحظة دقيقة. لكنه يكره النقد، ولا يخشى شيئا، ويحب التعارك، كما يروى أحد المقربين له. وتروى المجلة عندما زار باراك أوباما الأهرامات بعد إلقاء خطابه فى جامعة القاهرة، سأل المترجم أحد الموظفين، كنوع من التهريج، إذا كان يعرف من هو الزائر المشهور القادم إلى الأهرامات، فأجاب الموظف "الدكتور زاهى".. فقال المترجم: "لا، أقصد الآخر الذى يصاحبه".. فرد الموظف "نعم، صديق الدكتور زاهى.."، الذى تباع قبعته وعليها توقيعه ب45 دولارا تذهب لصالح متحف سوزان مبارك للطفل. وعندما يترك منصبه فى عام 2010، من سيحل محله فى المجلس الأعلى للآثار؟ يجيب حواس بنفسه عن هذا السؤال: "لا أرى أى شخص قادر ليحل محلى. هناك الكثير من الناس من حولى، ولكننى لا أرى أحدا يملك شخصيتى، ورؤيتى، وشغفى".