حينما فقد الأمريكى ستيفن بيرى، عمله فى بنك بدبى فى أعقاب أزمة ديون الإمارة فى 2009، كان محظوظا لالتحاقه بعمل لدى شركة حكومية فى إمارة أبوظبى المجاورة. لم يترك بيرى منزله فى دبى لذا لم تتأثر زوجته التى تعمل فى الإمارة أو أولاده الذين يتعلمون فى مدارسها رغم ذهابه يوميا إلى أبو ظبى وعودته إلى دبى بعد انتهاء عمله، ليقطع 130 كيلومتر ذهابا ثم إيابا. لكن بيرى يواجه الآن معضلة الآن، ربما تكون السبب فى توقف رحلاته اليومية ذهابا وإيابا بين الإمارتين. فقد أبلغت إمارة أبو ظبى فى سبتمبر 2012 موظفى الحكومة الذين يعملون لديها، بأنهم إذا سكنوا خارجها فسيفقدون مخصصات السكن التى تبلغ نحو ثلث مرتباتهم، ومنحت أبو ظبى الموظفين مهلة عاما لتوفيق أوضاعهم. وقالت الحكومة إن القانون الجديد يهدف إلى تقليص حوادث المرور والطرق، نظرا لازدحام الطريق بين أبو ظبى ودبى. لكن محللين وخبراء يقولون إن تلك السياسة تهدف لاستيعاب أعداد كبيرة من المنازل الجديدة الفاخرة فى أبوظبى، وإنعاش شركات التطوير العقارى الحكومية مثل الدار التى تم إنقاذها. وقال ماثيو جرين "جرى تشييد كثير من الوحدات الجديدة فى أبو ظبى لتصل إلى ذروة التنمية العقارية، تهدف الخطوة إلى خلق طلب جديد وضمان أن أعداد الوحدات الخالية لن تصل إلى مستويات مرتفعة". وامتنعت حكومة أبو ظبى عن التعليق على ما يترتب على سوق العقارات نتيجة القرار. ومن المتوقع طرح عشرة آلاف منزل جديد فى السوق بنهاية العام إضافة إلى 43 ألف منزل بنهاية 2015. وبما أن سوق العقارات فى دبى لم تتعاف كلية من الأزمة، فإن محاولة أبو ظبى دعم سوقها المتعثرة تبرز مجددا المنافسة بين الإمارتين. فأبو ظبى الغنية بالنفط، تريد الاحتفاظ بقدر أكبر من الثروة التى تحققها بدلا من أن تدعم جارتها التى تسعى لجذب الأنظار، وأدى شغف دبى بالأبراج المرتفعة والفنادق الفاخرة إلى غرقها فى ديون ضخمة، وهو ما اضطر أبوظبى للمساهمة فى إنقاذ جارتها بنحو 20 مليار دولار. ويبلغ عدد المغتربين فى دبى صاحبة أكبر مركز للتسوق فى العالم وأعلى مبنى وجزر صناعية على شكل نخيل نحو 90 فى المئة من سكانها. وقالت ساندرا حداد وهى لبنانية تعمل فى قطاع الطيران فى أبوظبى "تتمتع دبى بشىء يجتذب الجميع.. وبالنسبة للمغتربين مثلى إنها مقر إقامة..أعتقد أن تلك هى مشاعر كثير من الوافدين". وبينما تحاول أبوظبى التخلص من صورتها الأكثر رزانة من خلال استضافة سباق فورميولا، وأن وإقامة فروع لمتحفى اللوفر وجوجنهايم فإن دبى لا تزال أشد جذبا للمتسوقين والسياح. وساعدت مطاعم دبى وفنادفها وأنديتها الليلية، الإمارة على التعافى تدريجيا بخلاف أبوظبى التى لا تزال تواجه صعوبات للخروج من الأزمة. ويفضل كثير من الوافدين دبى نظرا لانخفاض الإيجارات، ووجود مدارس ومستشفيات أفضل ويذهب الآلاف من المقيمين فيها للعمل يوميا فى أبوظبى. ولم يتم إعلان الرقم المحدد للعاملين فى حكومة أبوظبى الذين يعيشون خارجها، لكن محللين يقدرون هذا الرقم بنحو 15-20 ألف شخص من بينهم أفراد أسر، وهو ما يعنى أن حوالى 50 ألف شخص ربما يتأثرون بتغيير قواعد بدل السكن. ومع قرب انتهاء المهلة فى نهاية الشهر الحالى يخشى الكثيرون من اضطرارهم للانتقال إلى أبوظبى، إذا تم التنفيذ بصرامة، وطلب البعض استثناءات من جهات عملهم. وقال مدير تنفيذى غربى يعمل فى إحدى الإدارات الحكومية فى أبو ظبى "تبدو مسألة التنقل جيئة وذهابا والحوادث حجة مقنعة، لكن الأمر لا يتعلق أبدا بالطرق. "المنزل مسألة عاطفية.. ولا يمكن إجبار أى شخص على مكان إقامة معين.. يجب أن تكون هناك مرونة". وقالت حكومة أبو ظبى إنه يمكن عمل بعض الاستثناءات، لكنها امتنعت على الخوض فى تفاصيل. وفى الوقت الحاضر هناك محاولات من موظفين للتحايل على القانون، وهو ما يدعم سوق الإيجارات فى أبو ظبى، حيث يستأجرون شقق استديو وشققا من غرفة نوم واحدة، لإثبات إقامتهم فى أبو ظبى بينما لا يزالون فى الواقع يعيشون فى دبى. وقال موظف حكومى "زوجتى تعمل فى دبى وأولادى فى مرحلة مهمة بمدرسة ثانوية.. استأجرت شقة استديو فى أبو ظبى تبتلع نصف بدل السكن". وقفزت الإيجارات للشقق "الاستديو" والشقق من غرفة نوم واحدة 25 فى المئة فى مناطق مثل مدينة خليفة فى ضواحى أبوظبى بحسب ما قاله محمود حسين المدير لدى كلتونز للاستشارات العقارية. وقال محللون إن دبى ستخسر إذا تركها مقيمون حاليون، أو أمضوا أوقاتا أقل فيها. وبشكل عام ارتفعت الإيجارات السكنية فى أبوظبى ثمانية فى المئة فى الربع الأول من العام وظلت مستقرة فى الربع الثانى. وقال ديفيد دادلى المدير الإقليمى لجونز لانج لاسال "يرجع ذلك جزئيا إلى القواعد الحكومية لخفض مستويات التنقل من دبى"، مضيفا أن عوامل أخرى مثل الإنفاق الحكومى ربما تساهم أيضا. لكن يشك البعض فى أن يترك القانون الجديد أثرا كبيرا. وقال مسئول فى مؤسسة حكومية بأبوظبى طلب عدم الكشف عن هويته، "لن ينتقل الجميع لذا فإن وقت الذروة فى المرور لن يتقلص ولن نرى زيادة فى الطلب على المنازل فى أبوظبى فى الأمد القصير على الأقل". وأضاف "علينا أن نكون متحضرين ونمنح استثناءات بناء على طبيعة الحالة".