تواجه المشروعات الصغيرة والمتوسطة فى مصر مشاكل متعددة، منها التعثر فى الحصول على القروض، وانخفاض الدعم والتسهيلات الموجهة لها، بالرغم من أنها تعد إحدى آليات تنشيط الاقتصاد المصرى، وذلك لما توفره من حلول لمشاكل البطالة والتصدير. وطالب خالد حسين، المسئول الأول لهيئة التنمية الاقتصادية "الاسكوا"، بضرورة تحويل 5% من أموال الصناديق السيادية العربية المستثمرة فى الخارج، والمقدرة بنحو تريليون دولار، إلى المشروعات الصغيرة والمتوسطة، لافتا إلى وجود 100 مليار دولار أموال لمؤسسات تتبع الأوقاف تستطيع من خلالها أن تحرك جميع اقتصاديات الدول العربية. مؤكداً أن التدفق الاستثمارى الذى وصل إلى المنطقة العربية بلغ نحو 5% من التدفق الاستثمارى العالمى، بعد أن كان 1% فى السابق بما يوازى 89 مليار دولار. وقال حسين خلال مؤتمر "المشروعات الصغيرة والمتوسطة التوجه الاستراتيجى للحاضر والمستقبل"، إن تلك التدفقات قد تم توجيهها إلى الأعمال ذات الكثافة الرأسمالية، ولم يتم تحويلها إلى القطاعات ذات الكثافة العمالية الكبيرة، الأمر الذى انعكس على نسبة البطالة، والتى تزايدت فى الوطن العربى خلال الفترة الماضية، حتى وصلت إلى 14% و 25 % بين الشباب. بينما أكد السفير جمال بيومى أن التدفق الاستثمارى الذى حدث خلال السنوات الأخيرة تم توجيه 80% منه لقطاع الخدمات و9% للصناعة و2% للزراعة، لافتا إلى تركز الاستثمارات فى قطاع الاتصالات والبتروكيماويات على حساب الأنشطة الأخرى. وقال بيومى إن المصارف الإسلامية نجحت فى العديد من الدول النامية فى تمويل المؤسسات والمشروعات الصغيرة والمتوسطة، الأمر الذى جعل المشروعات الصغيرة والمتوسطة أمام نموذجين متنافسين، أحدهما من المصارف الإسلامية، والثانى من المصارف التجارية، الأمر الذى جعل من اليسير على أصحاب المشروعات المفاضلة بينهما عند احتياج التمويل. شهد سوق الائتمان بمصر تغييرات كبيرة خلال عام 2009، خاصة مع الأزمة المالية التى ضربت أسواق العالم وبدأت جذورها من القطاع المصرفى نفسه، وقد قالت صحيفة الفايننشيال تايمز إن المشروعات الصغيرة والمتوسطة تواجه تعثرا فى الحصول على القروض بسبب سياسات الائتمان الجديدة، إذ باتت المصارف أكثر حذرا. ويشير أدهم النديم، مدير مركز تحديث الصناعة، إلى أن تأمين تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة قد أصبح أكثر صعوبة على الرغم من جودة القطاع المصرفى التابع للدولة وارتفاع نسبة الودائع مقارنة بالقروض، فالحصول على قرض بات أمرا صعبا لأنه هناك العديد من الناس الذين لا يريدون أن يتخذوا قرارا جريئا فى القطاع المصرفى. ويضيف أن زيادة عمليات الإقراض الحكومى قد أدت إلى فقدان البنوك شهيتها لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة الحجم، خاصة فى ظل جو ملبد بالحساسية من المخاطر، فأذون الخزانة فى منافسة مباشرة مع القطاع الخاص، إذن فما الدافع لمانح الائتمان أن يقرض القطاع الخاص فى حين أنه يستطيع منح الحكومة متأكدا من عودة أمواله مرة أخرى. وتمثل الشركات الصغيرة والمتوسطة غالبية القطاع الصناعى الخاص فى مصر، ويتعامل المركز مع 12 ألفا و400 شركة التى تمثل 95% من المصنعين المصريين، ومعظم هذه الشركات ذات أعمال صغيرة، ويشير النديم إلى أن هذه الشركات تمر بظروف متعثرة فى ظل الوضع الحالى، إلا أنها لا توجد لديها نية كبيرة فى تسريح العمال.ويجرى مركز تحديث الصناعة مفاوضات مع 17 بنكا لتحسين فرص الحصول على الائتمان. وقد شهد الاقتصاد المصرى نموا بنسبة 4.3% خلال الربع الأول من عام 2009 مقابل 4.1% فى نفس الفترة من العام الماضى، إلا أن المحللين يحذرون من عدم استمرار النمو نظرا لضعف الطلب الخارجى. من جانبها، أشارت "فايننشيال تايمز"، إلى أن المشروعات الصغيرة والمتوسطة فى مصر، تواجه صعوبات فى الحصول على تمويل، رغم أن أصحاب هذه المشروعات منتجون ومصدرون فى نفس الوقت. ويقول أحمد عبد الوهاب (رجل أعمال مصرى ويرأس مجلس الصادرات الهندسية) أن هناك صعوبة فى إيجاد بنك يوافق على منحه قرضا ب 1.8 مليون دولار، ليستثمره فى تأسيس مصنع جديد لإنتاج تيل الفرامل. ويمتلك عبد الوهاب 4.5 مليون دولار من الأسهم التجارية وسجلا تجاريا لتصدير تيل الفرامل لأوروبا، وعلى الرغم من هذا إلا أن المقرضين امتنعوا عن منحه، ويشير إلى أن العام الماضى كان الإقراض أسهل، لكن الآن يجرى حاليا مفاوضات واعدة مع أحد البنوك، ولكن تلك المفاوضات ليست سهلة. وفى حالة عبد الوهاب، بحسب الصحيفة، فإن المشاكل التى أصابت صناعة السيارات على الصعيدين الدولى والمحلى، زادت من حذر المصرفيين، كما أن التأثير النفسى للأزمة الاقتصادية العالمية على مصر كان أكبر من التأثير الحقيقى، فالعديد من الناس ممن كانوا يريدون شراء سيارات تراجعوا خلال الفترة الماضية متوقعين هبوط الأسعار، فى حين أن المقرضين قللوا من ائتمان قطاع السيارات مما يؤثر أيضا على السوق. وأشارت نيهال بدوى (رئيس قطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة بالبنك التجارى الدولى) إلى أن أصحاب تلك المشروعات خاصة ممن لا يعتمدون على التصدير، هم أفضل وضعا فى التعامل مع الأزمة ممن يعتمدون على التصدير فى أعمالهم. وتنفى بدوى إحجام البنوك عن الإقراض، وأكدت أن المشكلة الرئيسية تكمن فى أن هذه الشركات غالبا ما تفشل فى السداد بشكل منتظم أو عدم وجود بنية سليمة لديها، وفى بعض الأحيان تعمل مثل هذه الشركات دون خطة عمل، لذا فإنه يتعين توعية هؤلاء قبل منحهم القروض، كما أن البنوك لاتزال فى بداية تأسيس قدرتها على التعامل مع هذه المشاريع وفهم المخاطر التى تنطوى على إقراضها. وترى الفايننشيال تايمز أن القيود المفروضة على التمويل، لم تكن التأثير الوحيد للأزمة المالية على الشركات الصغيرة والمتوسطة، فتراجع حجم سوق التصدير بالإضافة إلى ما يزعمه رجال الصناعة فى مصر بإغراق السوق من قبل الشركات الآسيوية، قد أديا إلى بيئة تجارية أكثر صرامة.