سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مستقبل علاقات مصر بالعالم بين دول رافضة وأخرى تضغط لتحقيق مصالحها.. "التوتر" يسود العلاقة بإيران وتركيا.. والعلاقات مع واشنطن لم تتضح لتناقض مواقفها.. والعلاقة ب" التعاون الخليجى" تتقدم كثيراً
فى الوقت الذى تراكمت فيه الأزمات الدولية بين مصر وعدد من دول العالم خلال حكم الرئيس المعزول محمد مرسى، تقف الخارجية المصرية ومؤسسة الرئاسة بين مطرقة آلية إعادة العلاقات بين بعض الدول التى انقلبت على مصر بعد عزل رجل كان يمثل طموحهم الأيديولوجى كتركيا وإيران وبين دول تحاول تحقيق طموحها فى السيطرة على دولة كمصر من خلال التحكم فى حصتها فى المياه كدول حوض النيل. ملفات دولية أصبحت الآن معلقة بين السماء والأرض، حيث أكد بعض الخبراء أنه نتيجة لعزل الرئيس محمد مرسى بطريقه أشبه بالانقلاب العسكرى _ على حد تعبيرهم _ وهو ما ترفض بعض دول العالم التعاطى معه. الملف الأكثر جدلا هو ملف حوض النيل، وأزمة السدود الإفريقية، والتى بدأت بتوقيع 7 دول من أصل 10 يمثلون حوض النيل على اتفاقية "عنتيبى" التى يتوقع أن تقلص حصة مصر والسودان من مياه النيل. طوال العام السابق تعامل "الرئيس المعزول" مع قضية حوض النيل وأزمة السدود الأفريقية بمجموعه من الخطابات العاطفية، رغم صدور تقارير من جهات سيادية أن إسرائيل تدعم سد النهضة فى إثيوبيا ماديا، للضغط على مصر لتتعرض لأزمة مياه بالداخل، وهذه التقارير رفعت لرئاسة الجمهورية، بالتعاون مع وزارة الخارجية، خاصة أن جهاز المخابرات كان يعمل على حل هذه الأزمة منذ النظام السابق. الآن وبعد عزل مرسى الوضع ازداد تعقيدا حيث رفضت 54 دولة أفريقية التعامل مع الحكومة المصرية الجديدة عقب ثورة 30 يونيو واعتبرتها "انقلاب عسكرى"، وقتها أعربت مصر عن "قلقها العميق" بشأن عدم تلقيها ردا من الحكومة الإثيوبية على دعوتها لمناقشة أزمة سد النهضة التى تعتزم أديس أبابا بناءه بعدما أشارت تقارير أنه سيؤثر على حصة مصر فى مياه النيل، فى حين تتحرك الخارجية المصرية من جانب أخر لاحتواء الأزمة قدر المكان، حيث أرسلت الخارجية منذ أيام 8 سفراء لاحتواء أزمة حوض النيل وملف السودان. من جانب آخر هناك بعض الدول التى تعتبر حليفة لنظام الرئيس المعزول محمد مرسى الإسلامى، كقطر وليبيا وتركيا وتونس وإيران والسودان، فجميعها دول تحمل نفس الأجندات السياسية وتريد تطبيق الحكم الإسلامى، هذا فضلا عن قطاع غزة. بالنسبة لتركيا فهى أكثر الدول المؤيدة للرئيس المعزول محمد مرسى، وجماعة الإخوان المسلمين، فبعدما جاء رئيس الوزراء التركى رجب طيب أردوغان وقدمت تركيا مليارى دولار كمساعدات إلى مصر من أجل "زيادة الثقة" فى اقتصادها، الذى يعانى من انخفاض فى الإنتاج وتراجع السياحة، بسبب الإضرابات، والاحتجاجات منذ سقوط مبارك. الآن بعد عزل مرسى ترفض "تركيا" العلاقات مع مصر ولقاء أى مسئول مصرى من حكوماتها الجديدة وترفض الاعتراف بالرئيس المصرى الحالى عدلى منصور رئيس المرحلة الانتقالية وفقا للدستور المصرى. أما عن العلاقات الإيرانية المصرية لم يختلف كثيرا فمع عزل الرئيس السابق محمد مرسى واندلاع مواجهات بين أنصاره والقوات المسلحة أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى، اتجهت إيران إلى تأكيد وقوفها إلى جانب الرئيس السابق، حيث اعتبرت على لسان المتحدث باسم الخارجية الإيرانية عباس عراقجى أن "تدخل الجيش غير مقبول ويثير القلق"، لكن الموقف الأقوى جاء على لسان رئيس هيئة الأركان العسكرية الجنرال حسن فيروز أبادى الذى قال أن "إقدام الجيش المصرى على اعتقال مرسى يعد خطأ استراتيجيا، ورغم محاولات مستشار الرئيس المصرى للشؤون الخارجية الدكتور محمد البرادعى لتحسين لعلاقات المصرية الإيرانية حيث دعا لضرورة زيادة إيران وتوطيد العلاقات بين الجانبين إلا أن الموقف لا يزال على ما هو عليه. أيضا ملف اللاجئين فى مصر من أخطر الملفات الموضوعة الآن على طاولة المفاوضات، فاللاجئون فى مصر ليسوا سوريين أو سودانيين فقط ولكنهم من كل الدول العربية والإسلامية، معظمهم غير متوفرة له حقوق الآدمية كلاجئين جنوب السودان اللذين يعانوا الفقر والإهمال، كما يعانى 800 ألف لاجئ سورى من ارتفاع إيجار المساكن وندرة فرص العمل وملاحقة شبيحة النظام السورى. أما عن الموقف الأمريكى فيما يخص التغيرات السياسية فى مصر فحدث ولا حرج، فقبل عزل الرئيس المصرى السابق محمد مرسى بيومين، اتصل الرئيس أوباما بمرسى، وقال له أن الولاياتالمتحدة ملتزمة بالعملية الديمقراطية فى مصر وأنها لا تدعم حزب بعينه ،بينما على جانب أخر كانت تتم مجموعه من الاتصالات الموازية بين تشاك هيجل، وزير الدفاع الأمريكى ونظيره المصرى الفريق أول عبد الفتاح السيسى، وحذر هيجل الفريق السيسى من أن تدخل الجيش، سيعتبر انقلابا عسكريا وأن القانون الأمريكى يحتم قطع المساعدات الأمريكية، فى حالة حدوث انقلاب، ولكن طبقا لمسئول فى وزارة الدفاع الأمريكية، لم يتعهد الفريق السيسى بأى شىء لهيجل وأبلغه بأن الجيش لا يرغب فى التدخل، ولكن عليه الحفاظ على أمن الوطن والمواطنين. ثم جاء التعبير الأوضح عن التحول فى موقف واشنطن مما حدث فى مصر، على لسان المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية "جين بساكى" قائلة إنه لم تكن حكومة مرسى تشكّل حكما ديمقراطيا، معترفة بأن خروج حوالى 22 مليون مصرى للتّعبير عن آرائهم وإظهار أن الديمقراطية ليست مجرد الفوز فى صناديق الاقتراع، بعدها جاء بيان للبيت الأبيض قال الرئيس الأمريكى باراك أوباما، أن الولاياتالمتحدة تتوقع من الجيش المصرى خلال هذه الفترة أن يقوم بضمان حماية حقوق جميع المصريين، مشيرا إلى أن بلاده ستواصل الشراكة طويلة الأمد مع مصر، والتى تستند إلى المصالح والقيم المشتركة، كما أنها ستستمر فى العمل مع الشعب المصرى لضمان نجاح مصر فى الانتقال إلى الديمقراطية، وشدد على أن مستقبل مصر لا يمكن أن يحدده فى نهاية المطاف سوى الشعب المصرى. من جانبه أكد مدير المركز الدولى للدراسات المستقبلية عادل سليمان أن العلاقات بين مصر وعدد من دول العالم ستظل معطلة لرفض معظم دول العالم ما حدث فى انتفاضة 30 يونيو بعدما وصفوة بأنه انقلاب عسكرى قائلا « الدول لا تقبل الانقلابات العسكرية، ونحن نواجه أزمة حقيقة، هناك 54 دولة افريقية ترفض التعامل معنا وتصف ما حدث بانقلاب عسكرى، ولا يوجد حديث عن علاقات دولية الآن فالأمور ستظل معلقة حتى يتم تشكيل مؤسسات منتخبة اللهم السعودية والأردن والكويت هم فقط من يؤيدوا النظام الحالى». أاما الموقف الأوروبى فله دور كبير فى تحول المشهد، من البداية، ووضح أنه مع الإطاحة بالنظام السلامى المصرى، وإعطاء الشرعية للشعب المصرى وحدة، بالنسبة لتركيا حليفة النظم الإسلامية كانت تحاول الضغط على ألمانيا وفرنسا وبريطانيا، بسبب استثماراتها الموجودة بتلك الدول إلا أنها لم تستطع الضغط إلا على ألمانيا فقط بسب الاستثمارات التركية فى ألمانيا. بعد الإطاحة بالنظام الإسلامى المصرى ظهر تحسن واضح فى علاقات مصر مع دول مجلس التعاون الخليجى، والذى انعكس فى قيام كل من السعودية والإمارات والكويت بتقديم مساعدات اقتصادية تقدر ب12 مليار دولار، من شأنها أن تعيد ترتيب الأولويات لدى القاهرة خلال المرحلة المقبلة، وهو ما يمكن أن يتسبب فى استمرار ارتباك الموقف الإيرانى من تطورات المشهد المصرى خلال مرحلة ما بعد 30 يونيو. بعض الخبراء توقعوا استمرار حالة الارتباك والشد والجذب بين مصر وبعض دول العالم، أو بمعنى أدق استمرار تعلق بعض الملفات المهمة تحديدا كملف حوض النيل وذلك بعد رفض دول جنوب السودان وحوض النيل التعامل مع مصر ووصف ما حدث فى انتفاضة 30 يونيو بأنه انقلاب عسكرى، فضلا عن استمرار التوتر مع تركيا وإيران بعد عزل الرجل الذى يمثل نفس الأيديولوجية الدينية لهاتين الدولتين. مصطفى علوى أستاذ العلاقات الدولية بجامعه القاهرة، أكد أن العلاقات المصرية الدولية بها مشاكل كثيرة وعلى مصر الاعتراف بوجود مشكلة، والعمل على حلها من خلال «المبدأ العام للعلاقات المصرية أن تقوم على شيئين الأول هو تحقيق المصالح الوطنية والآخر عدم السماح بالتدخل فى شئون الداخلية للدولة، وهناك بعض الملفتات الواضح جدا عدم طرحها للتفاوض كملف حوض النيل، فقبل عزل "مرسي" وأثيوبيا ترفض التنازل عن بناء السد أو حتى عقد تفاوض مع الجانب المصرى والآن على مصر أن تتخذ موقفا واضحا وصريحا فى إثبات حقها القانونى». وعن العلاقات المصرية التركية أكد علوى أن العلاقات بيين مصر وتركيا ستظل معلقة لأن التعنت التركى غير مبرر فقط من أجل الحفاظ على مصالح جماعة الإخوان المسلمين، قائلا «المشكلة الآن هو فى إيضاح الصورة خارجيا عن ثورة 30 يونيو ».