سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
تضامنا مع متهمى "التمويل الأجنبى".. 20 منظمة مصرية: القضية مسيسة.. والحكم ضربة قاصمة لحريات التعبير والتنظيم.. ونظام "مرسى" أبدى إرادة سياسية فى العمل على تقويض حقوق الإنسان وتهميش المجتمع المدنى
أعربت 20 منظمة حقوقية مصرية فى بيان مشترك، عن استنكارها البالغ للحكم الصادر من محكمة جنايات القاهرة فى 4 يونيو الجارى بإدانة 43 من العاملين بمنظمات دولية فى القضية التى باتت تُعرف إعلاميًا بقضية "التمويل الأجنبى"، إذ تلقى المتهمون الذين ينتمون لجنسيات مختلفة هى مصر، فلسطين، الأردن، الولاياتالمتحدة، ألمانيا، صربيا والنرويج، أحكامًا بالسجن لمدد تتراوح من سنة إلى خمس سنوات وغرامة ألف جنيه لكل منهم. وأكدت المنظمات الموقعة على البيان، أن هذا الحكم ضربة قاصمة إضافية لأهداف الثورة فى التحول الديمقراطى، واستمرارًا لمحاولات ترسيخ أركان الحكم الاستبدادى الجديد الذى يُظهر عداءً مستحكمًا للمجتمع المدنى، عبر استلهامه نهج النظام السابق فى إقصاء المجتمع المدنى والتضييق على المدافعين عن حقوق الإنسان ودعاة الديمقراطية وتجريم أنشطتهم، واستخدام الإعلام لتشويه سمعة منظمات المجتمع المدنى والترويج لرؤى معادية لمنظومة وقيم حقوق الإنسان، واستخدام الأجهزة الأمنية فى محاصرة المبادرات الأهلية وحرمان ضحايا الانتهاكات من الدعم القانونى والحقوقى، وأخيرًا الزج بالقضاء ليكون طرفًا فى معركة لا تتسم بالنزاهة ضد المجتمع المدنى. وأضافت المنظمات أنه خلال العام الأول من حكمه، أظهر نظام الرئيس محمد مرسى إرادة سياسية قوية فى العمل على تقويض الهامش المتاح لحماية حقوق الإنسان، ورغبةً عارمة فى تهميش دور المجتمع المدنى – خاصةً منظمات حقوق الإنسان – بدلاً من إفساح المجال أمامه ليمارس دوره الطبيعى فى دعم الانتقال الديمقراطى، إلا أن السياسات التى يتبعها الرئيس مرسى تؤكد أن الانتقال الديمقراطى ليس هدفًا مرغوبًا من جماعة الإخوان المسلمين وحزبها الحاكم. وهو الأمر الذى تؤكده مشروعات القوانين المتتالية التى قدمتها الجماعة والحزب والرئاسة لتنظيم القضاء ونشاط الجمعيات الأهلية، أو تلك التى تلوح بها الجماعة لتقييد حرية الإعلام. تعود أحداث القضية إلى شهر يوليو 2011 حينما قرر رئيس مجلس الوزراء تشكيل لجنة تقصى حقائق لما سُمى "بالتمويل الأجنبى الذى دخل مصر عقب ثورة 25 يناير"، وتواكب مع ذلك حملة تشهير شرسة ضد منظمات المجتمع المدنى المصرية والدولية، ورميها بتهم متنوعة مأخوذة بالنص من قاموس نظام مبارك: "العمالة للخارج، وتهديد الأمن القومى، وتنفيذ أجندات أجنبية بغرض إشاعة الفوضى". قاد حملة التشويه ضد منظمات المجتمع المدنى رموز ووزراء سابقين بحكومة مبارك، ظلوا فى مناصبهم بعد الثورة، فى محاولة منهم للانتقام من المنظمات الحقوقية نظرًا للدور الجوهرى الذى لعبته فى التمهيد للثورة. وبلغ الأمر تطورًا غير مسبوق فى تاريخ مصر المعاصر، حينما اقتحمت قوات الشرطة والجيش 17 مقرًا تابعًا لعشر منظمات من بينها منظمات مصرية، فى نهاية عام 2011، وذلك قبل أن تتم إحالة 43 موظفًا بتلك المنظمات إلى محكمة جنايات القاهرة بتهمة إنشاء وإدارة فروع لمنظمات أجنبية وتلقى تمويل أجنبى. كانت 31 منظمة حقوقية قد أصدرت بيانًا فى 15 فبراير 2012 أدانت من خلاله تحقيقات القضاء فى هذه القضية، وذلك لاعتمادها على تحريات سابقة أجراها جهاز أمن الدولة التابع لنظام مبارك. وأكدت المنظمات أن قضية "التمويل الأجنبى" شهدت منذ أيامها الأولى فى صيف وخريف 2011 تدخلاً سافرًا من السلطة التنفيذية فى العملية القضائية، بدايةً بكيفية تعيين قاضيا التحقيق، ثم الضغط على هيئة المحكمة لرفع قرار حظر السفر عن الموظفين الأجانب بتلك المنظمات. وذكر البيان أن تلك المنظمات التى أُدين موظفوها بأحكام قاسية لمطالبتهم بالديمقراطية، بعضهم يعمل فى مصر منذ عام 2005 وتعاون بشكل متواصل وعلنى مع الحكومة المصرية وتحت سمع وبصر الأجهزة الأمنية، وحاولوا التسجيل رسميًا أكثر من مرة وفشلوا فى ذلك بسبب الإجراءات البيروقراطية الأمنية، حيث إن وزارة الخارجية المصرية لم ترفض طلبات تسجيلهم، وفى الوقت نفسه لم تعطهم ما يفيد استلامها طلبات التسجيل، مما وضعهم فى تهديد دائم. بل إن الحكومة المصرية وجهت خطابات رسمية إلى بعض هذه المنظمات – أثناء مرحلة التحقيقات حولها والحملة الإعلامية المنظمة ضدها – تدعوها لمراقبة الانتخابات البرلمانية التى جرت خلال الشهور الثلاث الأخيرة من 2011. وأضافت المنظمات الموقعة، أن هذا الحكم يأتى فى إطار محاولات حكومة وبرلمان جماعة الإخوان المسلمين لقمع منظمات المجتمع المدنى والتضييق على نشاطها، بإجراءات قضائية وإجراءات قانونية، فبالنسبة للإجراءات القضائية فقد أعلن مساعد وزير العدل لشئون التشريع ورئيس بعثة تقصى حقائق التمويل الأجنبى، فى يوم 24 مارس 2013 تحت قبة مجلس الشورى، أن التحقيقات فى قضية "التمويل الأجنبى" قد انتهت بإحالة 43 "متهمًا" إلى محكمة الجنايات، ولكنها لا تزال جارية بحق المنظمات المصرية، الأمر الذى يعنى أن هناك جولة ثانية من الهجوم على المنظمات الحقوقية واستدعاء قياداتها وموظفيها للتحقيقات وربما الإحالة إلى المحاكمة. وأشار البيان إلى أنه فى اليوم الذى أصدرت فيه محكمة جنايات القاهرة هذا الحكم، بدأت لجنة تنمية القوى البشرية والإدارة المحلية بمجلس الشورى مناقشة مشروع قانون "كيانات العمل الأهلى" الذى تقدم به رئيس الجمهورية يوم الأربعاء 29 مايو والذى لاقى انتقادًا حادًا من المنظمات المصرية والدولية، بالإضافة إلى المفوضة السامية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة. وأوضح البيان أن مشروع القانون الجديد الذى يناقشه مجلس الشورى الآن يتعارض بشدة مع المعايير الدولية لحرية التنظيم والدستور المصرى، بما يضعه من قيود شديدة على أنشطة المنظمات المصرية، وعلى عملية تسجيل وعمل المنظمات الأجنبية غير الحكومية، وإخضاعها لتسلط الأجهزة الأمنية المختلفة التى سيتم تمثيلها فيما يُعرّفه مشروع القانون باسم "اللجنة التنسيقية"؛ مما سيجعل وضع المنظمات الحقوقية الأجنبية أكثر تدهورًا من الوضع التى كانت عليه فى ظل نظام مبارك. واقع الأمر أن القانون المقترح والحكم القضائى الأخير هما وجهين لعملة واحدة. وأعلنت المنظمات الموقعة على هذا البيان، عن تضامنها مع موظفى المنظمات الأجنبية الذين تمت إدانتهم فى قضية قامت على أساس سياسى، واتخذت من نصوص قانونية قمعية ساترًا لها، وتم الزج بالقضاء فيها، كما تعلن المنظمات أنها ستواصل مواجهتها لكافة المحاولات الرامية إلى تكبيل الحق فى تكوين الجمعيات بتشريعات قمعية بعيدة كل البعد عن المعايير الدولية. وأخيرًا أكدت أن الفرصة ما زالت سانحة أمام النظام الحاكم ليتراجع عن مساعيه لتقييد نشاط المنظمات الداعية للديمقراطية وحقوق الإنسان، وذلك بالتخلى عن مشروع القانون القمعى للمجتمع المدني، واستخدام الرئيس لصلاحياته بموجب المادة 149 من الدستور –الذى استخدمه أكثر من مرة للعفو عن المعتقلين والمسجونين المنتمين للحركات والجماعات الإسلامية المسلحة– لإصدار قرارًا بالعفو عن دعاة الديمقراطية والمدافعين عن حقوق الإنسان المدانين فى هذه القضية ذات الصبغة السياسية. المنظمات الموقعة 1. مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان. 2. الاتحاد النسائى المصرى. 3. الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية. 4. جمعية حقوق الإنسان لمساعدة السجناء. 5. الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان. 6. المبادرة المصرية للحقوق الشخصية. 7. المركز المصرى لحقوق المرأة. 8. المركز المصرى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية. 9. مركز أندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف. 10. مركز حابى للحقوق البيئية. 11. مركز هشام مبارك للقانون. 12. مركز وسائل الاتصال الملائمة من أجل التنمية "أكت". 13. مصريون ضد التمييز الديني. 14. المنظمة العربية للإصلاح الجنائى. 15. المنظمة المصرية لحقوق الإنسان. 16. مؤسسة المرأة الجديدة. 17. المؤسسة المصرية للنهوض بأوضاع الطفولة. 18. مؤسسة حرية الفكر والتعبير. 19. مؤسسة قضايا المرأة المصرية. 20. نظرة للدراسات النسوية.