هجمات شرسة تلك التى يتعرض لها إنسان هذا العصر على وجه المعمورة، هجمات بحرية وجوية وأرضية أيضا، أسماك ملوثة وقرصنة مسلحة من البحر، أما الجو فثقب الأوزون الذى احتار العلماء فى كيفية رتقه، أنفلونزا الخنازير من البر وكذلك الطيور من الأرض، وأخيرا ظهر للمرة غير الأولى صديقنا القديم الجديد فى آن، وهو الطاعون. ظهر الطاعون لأول مرة فى العصور الوسطى، وأزعج أوروبا 32 سنة من القرن الرابع عشر، وقد جاء مباشرة من الشرق الأدنى بواسطة الفئران التى ترسو على مرسيليا، كما جاء فى كتاب قصة الحضارة لول ديورانت تحت عنوان الموت الأسود؛ وقد أرجع حدوث الطاعون إلى السفن التى حملت الفئران وعلى جسمها البراغيث اللعينة، هل تعلم أن انتشار الطاعون فى أوروبا كان سببا فى توقف حرب المائة عام بين بريطانيا وفرنسا!! وكان سببا لاعتناق بريطانيا البروتستانتية، وذلك من خلال زواج الملك هنرى الثامن زوجة جديدة، بدلا من زوجته ماريا الحولاء، التى لم تنجب له أولادا وكانت مصابة بالداء الفرنسى، وقضى الطاعون على 70 ألفا من سكان لندن عام 1665م، وكان عددهم وقتئذ 400 ألف!! فهو صديق يصدق مرضه، قديم منذ آلاف السنين، وعدو بغيض، لا رحمة عنده ولا هوادة. من منا - نحن المصريين- لم يداعب فأرا؟ فى الشارع أو الحارة، وفى عربات القطارات، أعرف أناسا يطاردون الفئران داخل بيوتهم!! ثم ماذا؟ لقد أصدر حاتم الجبلى بيانا أكد فيه أنه تلقى بلاغين عن إصابة حالات بمرض الطاعون على بُعد 250 كيلو من الحدود المصرية الليبية، وكلنا يعلم أن الموانئ تعد أخطر مصادر العدوى، حيث يكثر انتشارها داخل السفن والمراكب التى تحمل المواد الغذائية المختلفة، وإذا كنا فى قاهرة المعز نرى تلالات القمامة فما بالنا بالأرياف، من أراد أن يشاهد حديقة للفئران فعليه فقط الذهاب لكورنيش النيل، ليرى بعينيه - أمام المبنى الفخم للتليفزيون- كيف تعيش فئراننا، ويتكاثرون من حولنا بل ويشاهدون العاشقين وهم هائمون، ولا يزعجهم شىء. حديقة الفئران أمام مبنى الخارجية أيضا وعلى الكورنيش يا جماعة؛ يا ترى حوارى بولاق أبو العلا، أو الدكرور، ولا حتى بركة الفيل؛ كم يبلغ عدد الفئران فيها؟ إذا كان حال الكورنيش مع الفئران هكذا، فما حال بقية الأزقة والحوارى والأرياف فى أرض المحروسة؟ بالمناسبة: القضاء على الفئران مسئولية من؟