سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
ثلاثة سيناريوهات تحدد مصير "الشورى" 2 يونيو: الإبقاء عليه أو حله أو البطلان ووقف التنفيذ.. السنوسى: غير دستورى لانتخابه على نصوص تخالف مواد الدستور الجديد.. السيد: أتوقع حله لكن الرئيس سيعطل تنفيذه
يبدو أن قدر المحكمة الدستورية العليا هو من يوقعها دائما فى صراعات مع السلطتين التنفيذية والتشريعية، فعلى الرغم من محاولتها الابتعاد عن كل ما هو سياسى لتجنب إقصائها كما حدث مع 7 من أعضائها عقب تطبيق الدستور الجديد، تجد الواقع يفرض عليها الدخول إلى المعترك السياسى دون أن تدرى، وذلك بسبب ما يظهر من دلالات فى أحكامها. قرار المحكمة بعدم دستورية حرمان القوات المسلحة وضباط الشرطة من حق مباشرة الحقوق السياسية استندت فيه إلى الدستور الجديد، والآن تخوض الدستورية معركتها الأخيرة مع مجلس الشورى الذى سبق وأن تم محاصرتها أكثر من شهر ومنع قضاتها من الدخول إلى المحكمة بسبب تحديدها جلسة الحكم فى دعوى عدم دستوريته، والآن تحدده مرة أخرى فى جلسة بعد غد الأحد. ومن المقرر أن تصدر المحكمة الدستورية بعد غد حكمها فى دعوى عدم دستورية قانون انتخابات مجلس الشورى لما تضمنه من مواد مخالفة للدستور إلا أن الجميع يرى أن حكم الدستورية سيكون له التأثير الأكبر على الواقع فى مصر . وتنقسم آراء الفقهاء الدستوريين فى هذا الصدد إلى ثلاثة سيناريوهات جميعها ستخلق فى مصر حالة من التيبس السياسى وإرباك القوى السياسية، حيث يأتى السيناريو الأول والذى يفترض فيه أصحابه أن المحكمة الدستورية العليا ستصدر قرارا بالإبقاء على مجلس الشورى وتخرج المحكمة الدستورية خروجا آمنا من غضب السلطة التنفيذية عليها، وأما السيناريو الثانى فيرى أن المحكمة ستصدر حكما بحل المجلس تماما وإلزام السلطة التنفيذية بتنفيذ حكمها وتصبح حينها المحكمة الدستورية بين مقصلة وأنياب النظام الحاكم، بينما يذهب السيناريو الثالث إلى أن المحكمة قد تحكم بحل المجلس مع تأجيل تنفيذ القرار وتكون المحكمة الدستورية أرضت جميع أطراف النزاع بشكل مؤقت وهو الأقرب للصواب . ويعبر السيناريو الأول عن جماعة الإخوان المسلمين ومن يؤيدهم، حيث يرى محامو الجماعة ومنهم عبد المنعم عبد المقصود والدكتور أحمد أبو بركة المستشار القانونى لحزب الحرية والعدالة أن المحكمة الدستورية العليا ستصدر فى جلسة 2 يونيو المقبل قرارا بعدم قبول نظر الدعوى المنظورة أمامها، ومن ثم الإبقاء على مجلس الشورى، وذلك تأسيسا على أن الدستور الجديد نص فى مادته رقم (230) على أن يتولى مجلس الشورى القائم بتشكيله الحالى سلطة التشريع كاملة، من تاريخ العمل بالدستور حتى انعقاد مجلس النواب الجديد، وهو الأمر الذى حصن مجلس الشورى من الحل أو البطلان. ويعتبر هذا السيناريو من السيناريوهات التى سترضى النظام الحاكم ومؤيديه والذين يرفضون تماما وبكل السبل أن تقوم المحكمة بإصدار قرار غير ما يتوقعونه، فيما ستغضب المعارضة التى تتمنى غير ذلك بعد أن أخذ مجلس الشورى الحالى فى التوسع بسلطاته التشريعية وإصدار قوانين من شأنها السيطرة على مفاصل الدولة وإبعادهم عن الحياة السياسية . أما السيناريو الثانى وهو الأقل وقعا من سابقه والتى يتوقع فيه أصحابه بأن تصدر المحكمة الدستورية حكما بعدم دستورية بعض نصوص قانون انتخابات مجلس الشورى ومن ثم بطلانه، إلا أن السلطة التنفيذية الممثلة حاليا فى الدكتور محمد مرسى رئيس الجمهورية لن تقوم بتنفيذ هذا الحكم، وأنها ستماطل فى تنفيذ الحكم بإصدار قرار جمهورى بعودة المجلس للانعقاد، وذلك لحين انتخاب مجلس النواب كمواءمة سياسية حتى لا يحدث فراغ تشريعى وهو ما سيرضى أيضا مؤيدى الرئيس مع إغضاب المعارضة. وأخير السيناريو الثالث، والذى يفترض أنصار هذا الاتجاه بأن المحكمة الدستورية ستقرر حل مجلس الشورى، وذلك لعدم دستورية بعض نصوصه والتى تخالف لمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص للمرشحين المستقلين بعدما سمح القانون للمرشحين عن الأحزاب السياسية بخوض الانتخابات على المقاعد الفردية، مما أدى إلى الإخلال بحق المرشحين المستقلين. يقول الدكتور رأفت فودة أستاذ القانون الدستورى إنه يرى شخصيا أنه لا يمكن للمحكمة الدستورية العليا أن تحكم بغير حل مجلس الشورى، وذلك تحت أى حال من الأحوال ذلك لأن المحكمة سبق وأن فصلت بعدم دستورية نصوص قانون انتخابات مجلس الشورى وهى ذاتها نفس النصوص التى يتضمنها قانون مجلس الشورى الذى تم تشكيله على أساسها وبالتالى فإن المجلس هو والعدم سواء. وأضاف فودة أنه من غير المعقول أن تحكم الدستورية العليا حكما بحل مجلس الشعب لعدم دستورية بعض نصوصه ولا تحكم بحل مجلس الشورى لذات السبب لعدم دستورية نصوصه أيضا، مشيرا إلى أن من يقول بعدم جواز المحكمة الدستورية حل مجلس الشورى لأنه محصن بالدستور الجديد فهذا حديث غير قانونى وغير صحيح، ذلك لأن الدعوى مرفوعة قبل صدور الدستور الجديد، وبالتالى فإن ما يترتب تطبيقه لا يعود على الدعاوى المرفوعة قبل إصداره بأثر رجعى طبقا للمادة الأخيرة منه. ويوافق الدكتور صابر السنوسى أستاذ القانون الدستورى الرأى فى أن المحكمة الدستورية يمكنها أن تحكم، إن كان لديها الشجاعة - بعدم دستورية قانون انتخابات مجلس الشورى من الناحية القانونية بالرغم من وجود النص الدستورى الذى يحصنه من الحل لمدة عام، ذلك حيث من المفترض ما يتم تحصينه هو أن يكون تم انتخابه على نصوص سليمة وليس بقانون هو فى الأصل غير دستورى، فهذا النص لا يجوز أن يحصن المجلس من البطلان وزواله. وأوضح السنوسى أن مجلس الشورى الحالى غير دستورى لما تضمنه الدستور الجديد من نصوص تنظم عملية الانتخابات سواء لمجلس النواب أو مجلس الشورى القادم وهى مغايرة تماما للنصوص التى انتخب عليها المجلس الحالى وبالتالى فإنه حتى ولو تمت مقارنة نصوص قانون المجلس الحالى مع الدستور الجديد فإنه سينتهى ببطلانه لأنه مجلس انتخب على أساس مخالف لنص الدستور الجديد. وأوضح أن الدعوى يطبق عليها الدستور الذى رفعت فى ظله، حيث إن المصلحة مازالت قائمة وتأكدت أكثر بعد ذلك فلا يجوز أن تصدر المحكمة حكما غير حل مجلس الشورى. من جانبه، يرى الدكتور شوقى السيد الفقيه القانونى، أن جميع الخيارات مطروحة أمام المحكمة الدستورية فى جلسة 2 يونيو المقبل بالرغم من ظل ارتباك الحياة السياسية والهجوم العنيف عليها ولكن يتوقع أن تصدر المحكمة الدستورية حكما بعدم دستورية قانون مجلس الشورى لأنه يتضمن ذات النصوص التى تسببت فى عدم دستورية قانون انتخابات مجلس الشعب وبسببها تم حله وهو ما يترتب عليه بطلان تشكيل المجلس وينسحب على جميع القرارات التى قد يتخذها من تاريخ إصدار حكم المحكمة . وأضاف السيد أنه يتوقع أيضا أن يستمر العناد من قبل السلطة التنفيذية فى عدم تنفيذ حكم المحكمة الدستورية إذا ما حلت مجلس الشورى كما حدث فى مجلس الشعب فقد يصدر الرئيس قرارا بعودة انعقاد المجلس ويتم الطعن عليه ويتكرر سيناريو ما بعد حل مجلس الشعب. وأكد أن الهجوم على المحكمة الدستورية بدأ قبل جلسة 2 يونيو المقبل منذ إعلانها للتعديلات التى أجرتها على قانونى انتخابات مجلس النواب ومباشرة الحقوق السياسية وما تضمنه قرارها من السماح للقوات المسلحة وضباط الشرطة من مباشرة حقهم فى التصويت فى الانتخابات والاستفتاءات، حيث كثيرا ممن ينتمون للسلطة بدأوا حربهم ضدها فى المطالبة بحل المحكمة وإلغائها بحجة أن أعضاء المحكمة هم من يتحكمون فى مصير الدولة على الرغم من علمهم بأن المحكمة لا تخالف القانون أو الدستور الذى قاموا بوضعه. وردا على ما يقال بأن الدستور الجديد يحصن مجلس الشورى من الحل قال السيد: "إن النص الذى يحصن لا يجوز له أن يحصن معدوما ولا يعترف بشرعية باطل ولا يولد ميتا، ذلك لأن النص يتجرد من قيمته القانونية، فبالرغم من علم من قاموا بوضع الدستور بأن قانون انتخابات مجلس الشورى غير دستورى إلا أنهم أصروا على تحصينه بوثيقة دستورية جاءت هى الأخرى بغير الإرادة الشعبية، ومن ثم فإن ما بنى على باطل فهو أيضا باطل ولا يجوز الاعتراف به". وأوضح أنه فى حال ما إذا حكمت المحكمة الدستورية بغير ذلك وأبقت على مجلس الشورى فإنه لا سبيل سوى أن يعلن القانونيون عن رأيهم والتصدى لكل ما هو غير شرعى ومعدوم والتعبير عن الشعب برفض التشريعات الباطلة والمعدومة. واختتم السيد قائلا: "إن المأزق الذى نعيشه لم تكن المحكمة الدستورية سببا فيه وإنما النظام الحالى والقوة الغاشمة التى فرض على المحكمة الدستورية منذ حصارها عندما كانت ستقول حكمها فى مدى دستورية قانون مجلس الشورى وقام مؤيدو النظام بفرض حصار عليها وعلى قضاتها ومنعهم من الدخول للمحكمة لحين الانتهاء من الدستور المعيب وهو ما يعد قوة غاشمة وإرهابا فى دولة يضيع فيها القانون .