واصل عدد كبير من المختصين والخبراء والمترجمين المجتمعين فى العاصمة الإماراتية، فى مؤتمر أبوظبى الدولى الثانى للترجمة، مناقشة مجموعة كبيرة من القضايا الهامة المتعلقة بالترجمة، وواقعها وآفاقها والتحديات والمشاكل والإشكاليات التى يواجهها المترجمون، وحاولوا وضع تصورات ورؤى واقتراحات لتجاوزها ولتطوير المهارات، وتمكين المترجمين للوصول إلى نصوص فنية إبداعية أكثر دقة وجودة وأكثر تألقاً. وشهدت ورش العمل التى يقيمها المؤتمر للمترجمين المحترفين المخضرمين والشباب فاعلية واضحة، حيث شارك الجميع فى النقاشات، التى كان واضحاً أنها شدّت الجميع دون استثناء وحفزته على طرح الأسئلة ومناقشة الأفكار، فيما طرح العديد من المشاركين أفكارا كانت غاية فى الأهمية، وفق رأى المشاركين، ووفق شهادة مدراء الجلسات أنفسهم. ولم يخف مدراء الورش إعجابهم بمستوى المشاركين داخل ورشات العمل، وأشادوا بحرفيتهم وطموحهم وتنظيم أفكارهم، كما كانت طبيعة النقاشات الثرية مثار ثناء للعديد من المشاركين، من كافة الأعمار وبمختلف مستويات الخبرة. ورأى مشاركون أن السبب الأساسى فى نجاح طبيعة ورشات العمل، وسير فعالية الورشة يعود إلى التصور المشترك لدى كافة المشاركات والمشاركين، بأن الورشة لا تقوم على أساس وجود معلم وطالب، أو أساس تعليمى كلاسيكى تقليدى، وإنما على أساس التفاعل السوى المتبادل، والمسئول بكل المحاور، فيما سعى المشاركون إلى الارتقاء بالحوارات والنقاشات إلى مستوى يمكن أن يؤسس لنمو وتطور فى الترجمة. ومن الأشياء الهامة التى واجهت المشاركين فى ورشات المؤتمر، قال الأستاذ مدير ورشة الترجمة من اللغة الألمانية إلى اللغة العربية: "إن أحد الأمور الإيجابية خلال الورشات هو وجود أحد الكتّاب الألمان الذين تمت ترجمة أعماله إلى اللغة العربية من قِبل مشروع (كلمة)، حيث جرى نقاش موسّع ومعمّق وجاد حول الترجمة، واكتشف الكاتب والمترجم والحضور بعد ساعة ونصف من النقاش الجميل، أن هناك أشياء كثيرة ومثيرة يمكن أن نعمل عليها دائماً بل حتى يمكن أن ندرس كل هذه الأعمال من جديد". وأضاف: "لقد طرحنا علاقة المترجم والمؤلف والكاتب بحضور رئيسة قسم الحقوق فى أكبر دار نشر ألمانية "الدكتورة بيترا كريستينه هاردت"، وهى مترجمة كتاب "شراء الحقوق وبيعها" المترجم إلى اللغة العربية ضمن مشروع (كلمة)، وهذا موضوع يهمنا جميعاً، إذاً نحن نتعلم فى هذه الورش من بعضنا البعض ولا نعلّم بعضنا البعض" حسب تعبيره. وحول تفاعل المشاركين فى ورشات العمل التى تقام خلال المؤتمر، قال الدكتور محمد عصفور، مدير ورشة الترجمة من اللغة الإنكليزية إلى اللغة العربية: "لقد بحثنا فى ورشة العمل موضوعات عديدة تتعلق بمشكلات الترجمة، بعضها يتعلق بترجمة الأسماء وبعضها الآخر يتعلق بضرورة إتقان النحو العربى، وبعضها يتعلق بضرورة استقلال المترجم عن النص الإنكليزى بحيث يُنتج نصاً عربياً سليماً من حيث البينة والنحو، وكانت استجابة الحاضرين رائعة جداً، وشاركوا بالنقاش مشاركة ثرية، وكانت الجلسات ناجحة بشكل ملفت للنظر". وأشار عصفور إلى بعض المواقف الطريفة التى مرّت معه خلال ورشة العمل، وقال: "لقد طرحت مواضيع عديدة خلال ورشة العمل، واستشهدت بكتابى الذى يحمل عنوان "دراسات فى الترجمة ونقدها"، وأبدى الحاضرون اهتماماً بالحصول على هذا الكتاب، لكن للأسف لم أستطع تلبية رغبتهم، لأنى لا أملك نسخاً منه هنا، فأنا لم أقصد إطلاقاً أن أُسوّق لكتابى هذا". واستمرت ورشات العمل فى مركز أبوظبى الوطنى للمعارض، على نحو مثير للإبداع والغنى الثقافى، ترجمة لسياسة المؤتمر الذى انتقل بدورته الحالية الثانية من النظرية إلى التطبيق، بناء على توصيات المؤتمر الأول، وتلبية لتطلعات القائمين على المؤتمر فى مشروع (كلمة)، وهو ما يؤكد على أهمية وضرورة تطوير الجانب التطبيقى ومهارات الترجمة، بحيث تصبح رافداً مهماً للطروحات النظرية التى تتناول الترجمة بوصفها عملية معرفية وثقافية متعددة الجوانب.