منذ اليوم الأول لتولى الدكتور مرسى للرئاسة وكل معارضيه من مختلف الاتجاهات وتحت مختلف النيات والتأثيرات اجتمعوا على الإصرار على أن أى خطوة يقوم بها إنما هى فاشلة. وأصبحوا يرددون ليل نهار نغمة فاشلة فى أى شىء أملا فى أن يقنعوا العامة بفشله وتقوم ثورة شعبية عليه، ويقنعوا الخاصة بفشله فينحازوا إلى صفهم، وحتى لو استطاعوا أن يأثروا فيه شخصيا ويفقدوه الثقة بنفسه ويسلم بفشله، ولكن تمر الأيام والشهور ويتبين فى النهاية أن من ناله التأثير الأكبر من هذه الحرب النفسية الممنهجة إنما هم أصحابها. إن استخدام الحرب النفسية ضد الخصم بمحاولة إلصاق الفشل فى كل عمل يقوم به ومحاولة اهتزاز ثقة من حوله بقدراته واهتزاز ثقته بنفسه لأمر معروف ومنهج مستقر فى علم السياسة. ولكن خطورة هذا السناريو أنه يشبه إلى حد كبير مصيدة التسلل فى لعبة الكرة فإذا لم يجيد الفريق لعب مصيدة التسلل فسوف يمنى بهزيمة نكراء. إن فشل الدكتور مرسى لأمر فى غاية الأهمية لأطراف كثيرة داخلية وخارجية، ولذلك تجد هذا التآلف العجيب بين أطراف متناقضة كثيرة توحدت على هدف واحد وهو إفشال الدكتور مرسى وكل له أسبابه. فهناك الحاقد على الشعب المصرى عموما لقيامه بالثورة ويسعى جاهدا لإفشال هذه الثورة وإذلال الشعب المصرى، وهناك الحاقد على التيار الإسلامى ويرفض أى شعبية أو صحوة أو كرامة له ومستعد للتحالف مع الشيطان نفسه لإسقاطهم وإذلالهم، وهناك المتربص دوما بألا ترتفع لمصر هامة، وهناك من يضع مصلحته فوق اى إعتبار ويجد فى الدكتور مرسى خطرا لتقويض هذه المصالح. كل هؤلاء وإن اختلفت توجهاتهم وتباينت معتقداتهم اجتمعوا على أن نجاح الدكتور مرسى خطر داهم عليهم ولذلك توحدوا لإسقاطه بأى ثمن، وبعد أن ينتهوا سوف يصفون الحسابات فيما بينهم. وكان من أهم أسلحتهم كما ذكرنا هو وصف أى تحرك أو عمل أو قرار بالفاشل وتكرار ذلك مرارا وتكرارا، وانتقاد أى تصرف للرئيس وغض الطرف عن أى إيجابية يقوم بها بل على العكس محاولة إظارها بالنقيصة. والحقيقة أنهم ذهبوا أبعد من مجرد الحرب النفسية، عن طريق استخدام آلة الإعلام الضخمة التى تقوم على خدمتهم بكثير، بأنهم يقومون بإجراءات عملية على أرض الواقع لتقويض وتقييد التحركات العملية للبناء. ولا نستطيع أن ننكر أن هذه الحرب نالت من نفوس كثير من العامة فى بعض الوقت، بل يؤسفنى أن أرى هذا التأثير قد طال بعض الخاصة من العقلاء المخلصين لهذا الوطن، وأتعجب كثيرا عندما يكتبون ويناقشون ويتحاورون بأن الرئيس الذى لم يكتمل العام الأول فى رئاسته قد فشل فشلا ذريعا. ويفقدون كل منطق للعقل والحكمة يجعلهم ينصفون الرجل من ناحية الإرث الثقيل من الفساد والخراب فى كل شىء بالبلاد، والمدة القصيرة جدا له، والمحاولات الدؤوبة لإفشاله. ولكن يجب أن نكون موضوعيين ونقر بأن تلك الأطراف لن يهدأ لها بال إلا بأن يتحقق هدفها وهو فشل الرئيس، ولا نكون من السذاجة بمكان بأن نقتنع أنهم فجأة سيقدمون مصلحة الوطن والشعب على مصالحهم الخاصة ويتركون الرئيس يعمل على عملية القضاء على الفساد المتراكم عبر سنين طويلة وبدأ عملية بناء لوطن عانى من تخريب وتجريف لعقود عجاف. إنهم لن يكفوا إلا بنجاحهم فى إفشال الرئيس أو بهزيمتهم النكراء ويكونون هم الفاشلين. ولذلك وجب على الرئيس وكل المخلصين الشرفاء أن يتكاتفوا وألا يقعوا فى مصيدة التسلل، وإلا تتزعزع الثقة فى الله ، ولا تتأثر الثقة فى النفوس بأن الإخلاص والاجتهاد والعمل المتواصل سوف يؤدى إلى النجاح. يجب الرد على الحرب الإعلامية والشائعات المغرضة وكل دعاوى الإفشال بمختلف الصور بأعمال إيجابية ذات تأثير ملموس فى حياة الناس فينكشف للناس كذب إدعاء هؤلاء وافتراؤهم. يجب من الرئيس وبيده السلطة بأن يدحض كل المؤامرات التى تتم لإفشاله قبل استفحالها ويكسر القيود التى يحاولون تكبيله بها قبل استحكامها. إننا جميعا على يقين تام بأن الفساد قد طال كل شىء فى هذا الوطن وأن كل المؤسسات والهيئات تحتاج إلى إعادة البناء بعد ماجرى من تخريب عبر العقود الستة الماضية، ولا يكابر فى ذلك أحد وإلا لما قامت الثورة. وبما أن التركة ثقيلة جدا ولا يستطيع أى تيار مهما كانت قوة تنظيمه أن يتصدر لحمل هذه المسؤولية لوحده فى هذا التوقيت، فيجب على الرئيس أن يشكل جبهة من كل الوطنيين المخلصين من جميع الاتجاهات والذين لا يبتغون إلا رفعة هذا الوطن وعزته وكرامته ولا ينتظرون جاها أو سلطانا أو مغنما مقابل إخلاصهم لهذا الوطن وتفانيهم من أجل إعادة بنائه، وهؤلاء كثير جدا. تكون هذه الجبهة هى سنده فى محاربة الفساد بكل أشكاله ودعمه فى إعادة البناء على أسس قويمة ودعائم قوية. وتكون النتائج الإيجابية لأعمالهم وتأثيرها الملموس الواقعى هو أبلغ صد لحرب الإفشال ويتضح فى نهاية الأمر من هو الفاشل الحقيقى.