"الموت آتٍ سواءً بالسكتة القلبية أو بالأباتشى وأنا أفضل الأباتشى" بهذه الكلمات انتهت حياة بطل من مؤسسى حركة المقاومة الإسلامية حماس فى أرض فلسطين الخصبة بدماء أبناء الأمة الأسلامية عامة والشعب الفلسطينى خاصة كلمات أثّرت فى الكثير من المتابعين للشأن الفلسطينى، وكاد البعض أن يجن بعد سماع خبر مقتل الدكتور عبد العزيز الرنتيسى فى يوم 17 أبريل 2004 وبين موته وبين حاضرنا الذى نحياه مفاهيم كثيرة قد تغيرت وما بين مفهومٍ غائب ومفهومٍ مغلوط غُفلت وغُلفت عقول الكثير، وهنا سأتحدث عن مفهومين لا أكثر قد تبدلا لدينا ليس منذ موته ولكن منذ آنٍ بعيد وحان الوقت أن يتغيرا ! عند التصفح أو الجلوس مع بعض الأصدقاء أو الشباب تجد الغاية التى ينَم ويستيقظ عليها بل أصبحت محور أحاديثه أن يتزوج بفتاة جميلة أو أن يمتلك سيارة أو يتابع مغنياً مفضلاً أو لاعباً معيناً وتجد أن حياته تحولت رأساً على عقب بمجرد حدوث شىء لهذا الشخص أو لتلك الغاية وأصبح الهدف لدى الكثير هو أنا وما يمليه عليا قلبى لا عقلى، تغيرت المفاهيم وتبدلت الغايات فبدلاً من أن تكون الغاية أن أصل إلى مكان وموقع مميز بفكرى أو بعملى، فأنا ولدت أنا ولا يوجد لدى شبيه ولا شخص سيحمل الرسالة التى كلفت بها سواى، أنا الذى سأنفذها، فبدلاً من قراءة الرسالة وتنفيذها شغلت نفسى بشخص آخر أو شىء آخر إذا حدث له مكروه أصبت أنا بدلاً منه، وأصبحت تتمحور حياة الكثير حول أنه يستقبل لا ينفذ، أصبح البعض مجرد أداة لشخص آخر أما مطرب أو فتاة وغابت المفاهيم لدى الكثير فبدلاً من أن يفنى منا الشاب حياته لخدمة عمله أو علمه أو رسالة حياته أو دينه أو وطنه مات الشاب وغايته الحب أو السيارة أو الشهوة التى تتحكم فيه لا التى يتحكم فيها ! والمفهوم الثانى الذى ضاع بداخل أروقة فكرنا هو لماذا فلسطين ؟ لماذا يشغل البعض باله بفلسطين ولماذا أحاديث الرؤساء والقادة دائماً عن القضية الفلسطينية ؟ وللأجابة طريقان، الطريق الأول من المفهوم الإسرائيلى وهى أن أرض فلسطين هى المركز الحقيقى للقوة السياسية العالمية والتى يستطيعون السيطرة بها على مجريات العالم، ولأنها المركز العسكرى والمكان الاستراتيجى الأقوى للسيطرة على العالم كافة وبداية الشرق الأوسط خاصة، أما الطريق الثانى من المفهوم العربى الإسلامى فهى التى ذكرها ربنا سبحانه وتعالى فى أكثر من موضع فى كتابه الكريم وهى تحوى بين ذراعيها على القدس الأرض التى تحمل المسجد الأقصى والذى هو القبلة الأولى للمسلمين والذى سالت من أجله الدماء الذكية الكثيرة حفاظاً على أثره، فلماذا ترك الناس القضية وأنشغلوا بالصغائر والتفاهات، فأمس البعيد كنا نؤّمن وراء الخطيب حين يقول اللهم أنصر أخواننا فى فلسطين وفى الشيشان والآن أنضم إلى دعاءه سوريا ولبنان والعراق .. فمن القادم ؟ .. تفكر وأقرأ وأعى جيداً ما فات وما هو قادم وآت ؟ ولعل من واجب الأعلام أن يعيد ترتيب أوراقه وأروقته ويذكر الأمة بأن فلسطين شقيق وأسرائيل عدو فأن الذكرى تنفع المؤمنين .وأن ما يفعله بعض أخواننا من فلسطين بالتأثير على مصر فأنا أتفق مع من لا يؤيد ما يفعلونه وأنه لابد من أستخدام القانون بكل حسم مع من يعتدى ويؤذى جسدى ومصر هى جسدى ..ولكن لا ننسى أننا نساعد القضية والفكرة وليس أشخاصاً بعينهم فالأشخاص إلى زوال والوطن باقٍ والتاريخ يكتب فبأى ذكر تفضل أن يكتبك التاريخ ليذكرك الناس بأنك رجل ذا شأن وذا قضية أم يذكرك بأنك تركت القضية !