مساحة رأي .. البطولة الدولية عكست الكثير من السلبيات والقصور

لم تعد قائمة عناصر المنتخب السعودي الأول تحظى بذلك الترقب والانتظار من الجماهير والمتابعين، منذ منتصف العقد الجاري تحديدا والذي واكبه مغادرة وحضور مدربين عدة، تعاقبوا على تدريب الأخضر، إذ أن الأخطاء في اختيار العناصر تتكرر في كل مرة، حتى بات المتابع المحبط لا يلقي بالا لظهور القائمة، قبيل كل بطولة.
في الماضي كان الاختلاف والجدل يدور بين الجماهير على ضم لاعب وإبعاد لاعب آخر، وفي أعلى حالات الاختلاف الجماهيرية تتسع قائمة الجدل، نحو لاعبين أو ثلاثة لاعبين فقط تؤججها لعبة الميول، حول تغييب عناصر وحضور عناصر أخرى.
إدارات الأندية على المستوى الرسمي أعربت علناً ولأكثر من مرة عن اعتراضها لاختيار عناصر المنتخب لبطولات هامشية، أو مباريات ضعيفة، وبررت ذلك بإرهاق اللاعبين وتشتيت تفكيرهم، وتكبد الأندية خسائر مادية نتيجة توقف النشاط الرياضي المحلي، ثم استكماله ثم توقفه بصورة متواصلة، وهكذا خلال الموسم الواحد.
الأجهزة الفنية في الأندية كان ولازال لها صوت واضح منزعج من توقف الدوري مثلا وأثره على التحضيرات الفنية، والبرامج اللياقية ومتابعة اللاعبين، والبحث بعد ذلك عن لقاءات ودية تعويضية عن فترة التوقف هنا وهناك.
الأخضر يمثل واجهة الكرة السعودية وعودته لاتزال تشغل بال المسؤولين وترقب الجماهير السعودية حتى من خارج مدرجات الرياضة، إذ أنه في الأول والأخير يمثل الوطن في المحافل الخارجية، ولكن أن يكون العمل المقدم على مستوى المنتخبات السعودية مثار جدل وانتقاد في كل مرة، حيث العشوائية وسوء الإعداد واختيار المباريات المهمة، فذلك مؤثر سلبي على التعاطف مع العمل الذي يتم تحضيره ومن ثم تقديمه كمنتج غير جيد، ولعل البطولة الدولية الأخيرة التي استضافها منتخبنا الوطني عكست الكثير من السلبيات والقصور الواضح في صياغة منتخب وطني مميز، وبدأ ذلك من الموافقة على استضافة البطولة، التي لم تضف شيئا لمستوى المنتخب، بل كانت سبباً مباشراً في عودته لنقطة الصفر قبيل التصفيات الآسيوية المقبلة.
الاختيارات الغريبة التي تبناها الجهاز الفني للمنتخب السعودي في هذه البطولة أشبه بلغز محير، فجل من شملته قائمة المنتخب السعودي في هذه البطولة كانوا من اللاعبين الاحتياطيين في أنديتهم، ومن الملازمين لدكة البدلاء هذا الموسم، فيما غاب الكثير من اللاعبين الأساسيين، وحتى اللاعبين الذين يتم استدعاؤهم لتمثيل المنتخب في كل مرة، لا يتم متابعة مستوياتهم مع أنديتهم، لذا حتى لو هبط مستوى اللاعب فنيا فإنه يجد موقعه محجوزا في قائمة الأخضر، مما كرس الكثير من الإحباط وحضور الأداء الضعيف في صفوف الأخضر، فيما الطامة الكبرى أن يصاب اللاعب مع ناديه، ومن ثم يستدعى للمنتخب بالإصابة ذاتها، مما عكس أزمة ثقة بين الأندية والمنتخب من جانب وسوء متابعة للاعبين قبل استدعائهم.
الحضور الجماهيري الهزيل الذي واكب البطولة رغم إقامتها في وقت الإجازة الأسبوعية، ورغم اعتدال درجات الحرارة نوعا ما، كان ذلك رسالة قوية حول الاختيار العشوائي لاستضافة البطولة، قبل تكرار الأخطاء في اختيار عناصر المنتخب، ليؤدي ذلك أن تطغى قضية هامشية جدلية، كالسماح أو منع دخول النساء لمدرجات الملعب لمتابعة مباريات البطولة، على أحداث أهم؛ كان من المفترض أن تتصدر العناوين والأحاديث حول البطولة، وقد يعود ذلك أساسا للفراغ الذي سيطر على تلك البطولة، وعلى العمل الارتجالي الذي يقود المنتخب.
البطولة الدولية أعادت الجماهير السعودية لمربع الإحباط الأول، تزامنا مع الظهور السيىء للأخضر في هذه البطولة، بمستويات لا تليق وطموح لا يتواءم مع سمعة المنتخب السعودي، رغم تراجعه المستمر في الترتيب الدولي لمنتخبات العالم الأفضل.
أكثر ما يشغل بال الجماهير السعودية أن يكون الخروج الرسمي المقبل للمنتخب السعودي، من نافذة التصفيات الآسيوية الجارية، فحينها سيكون المسمار الأخير قد دق في نعشه، وهو ما لا يتمناه كل محب ومشجع لمنتخب بلاده، الذي كان يقارع يوما منتخبات العالم، بعد أن اعتلى القمة الآسيوية مراراً وتكراراً.
وفي ذات الوقت لا يمكن الإشارة إلى توقف الانتقادات أو الصمت المطبق على ما يحدث في كل مرة، بصورة باتت أكثر وضوحاً تحت ذريعة دعم المنتخب الوطني، لأن الأعمال المقنعة والجهود الملموسة دوماً ثم قطف الثمار بتحقيق الانجازات، هي وحدها من سينصف الأخضر، وأجهزته الإدارية والفنية، وستساهم في التفاف الجميع واقتناعهم بالخطط والبرامج والاختيارات، التي ترسم خارطة الطريق الخضراء الغائبة حتى اللحظة.