هو أحد صعاليك العرب في العصر الجاهلى.. شاعر من كبار الشعراء في عصره.. يعنى الباشا كان صعلوك عصره وأوانه.. كتب قصائد ذم وبهدلة هجى فيها الحاكم "ابن مروان" الذي اضطهده وأمر بطرده إلى الصحراء فاحترف الصعلكة والسرقة حيث كان يسرق من قوافل الأغنياء ليغدق على الفقراء. صاحبنا تاه اسمه مع الزمن وبقت كنيته.. حيث يلقب "أبو النشناش".. وقيل إن اسمه أبو النشناش النهشلى التميمى.. وقالت الأعراب إن ثلاثتهم كنية ولقب لعمنا النشناش. هو من لصوص بنى تميم.. وكان يعترض القوافل في "شذاذ" وهى منطقة تقع بين طريق الحجاز والشام.. كان صاحبنا يجمع رفقائه من صغار الصعاليك ومطاريد الجبل ويعترض القافلة فيجتاحها ويظفر بما تحتويه. ذاع صيت الصعلوك النشناش حتى وصل إلى الملك مروان ملك ذلك الزمان فأرسل إليه كتيبة "صاعقة" مدربة على مقاومة الإرهاب وتنفيذ المهام الصعبة والسريعة فقيدته وأتت به مكبلا بالحبال وهو يصرخ ضاعت هيبتك يانشناش. ولما وقف بين يدى الحاكم أخذ يهذى بقصيدة قيل إنها أم القصائد لكن لم تدونها الكتب ولم ينقلها السلف وتاهت مع الزمن وأنا لا أدرى لماذا لقبوها بأم القصائد طالما أنها غير موجودة.. بس عادى فالشعراء يتبعهم الغاوون وإحنا هنعديها عموما أنا تخيلته ينشد قصيدة "قالوا علينا ديابة.. واحنا ياناس غلابة". المهم إنه تم سجن صاحبنا لعدة سنوات وعلى طريقة أمير الانتقام استطاع أن يحفر في صخور السجن حتى تمكن من الهرب ساعة عصارى وانطلق حتى بلغ غابة من الأشجار ليس بها إنس ولا جان فمر بغراب يقف على حافة فرع شجرة وينتف ريشه وينعب "غاق غاق غاق". جزع صاحبنا النشناش من الغراب واعتبر هذا فأل شؤم وسار في طريقه حتى بلغ "حى شعبى" يدعى حى بنى لهب فقال لهم أنا رجل كان في بلاء وشر وحبس وضيق وهربت من كل هذا لكننى لم أجد الكنز الذي وجده فريد شوقى وأنور وجدى ولم تكن بحوزتى خريطة تدلنى عليه وأدينى زى ما انتو شايفين شكل أمى عرة.. فممكن تجيبولى حاجة آكلها وللا أتكل على الله ؟! وبعد أن أنهى حديثه لا حظ النشناش أن الناس ينفضون من حوله.. فنظر يمينه فلم يجد أحدا ونظر يساره فلم يجد إلا غرابا يعتلى شجرة والاعتلاء هنا ليس الاعتلاء على طريقة "إلهام شاهين" وإنما الغراب كان يقف فوق الشجرة يمارس هوايته في نتف ريشه ونعيقه قاق قاق قاق. فقال له صعلوكنا النشناش "اتنيل الله يلعنك جبتلى الفقر".. ثم أخذ ينشد: وسَائِلَةٍ أينَ الرَّحِيلُ وسَائِلٍ.. ومِنْ يَسْأَلُ الصُّعْلُوكَ أينَ مَذاهِبُه وَدَاوِيَةٍ يَهْمَاءَ يُخشَى بهَا الرَّد.. سَرَتْ بِأَبِي النَّشْنَاشِ فِيها رَكَائِبُهْ. طبعا ماحدش فاهم حاجة وأنا طبعا مش فاهم وبعد بحث في جميع قصائد النشناش وجدتها جميعا هكذا عايزة المجمع اللغوى علشان يشرحها، لكن المهم أننى أدركت من هذه القصة أن أبو النشناش النهشلي كان يعترض القوافل فيسلبها حمولتها ويوزع مايحصل عليه على المحتاجين، حيث إن العصر الأموي عاد فكرس الفقر والطبقية وانتشرت الملاهي والترف وابتعد الناس عن نقاوة الإسلام الأولى، وعاد الغنى يتركز في أيدي القلة بينما كانت الأكثرية المحرومة لاتجد قوت يومها فنشأ جيل من الثائرين على واقعهم الاجتماعي يشبهون كثيرا صعاليك الزمن الغابر، قد أصابهم الفقر، فتاقوا إلى الغنى، عبر مسالك المغامرة والغزو والفتك، ولم يكن سلوكهم العدواني هدفا في حد ذاته بل مجرد وسيلة للحفاظ على حياتهم وكرامتهم، ومن هؤلاء أبو النشناش النهشلي!