عبدالستار سليم وُ لدَ الهُدي فالكا ئنا تُ ضِيا ءُ و فَمُ الزمان تبسُّمٌ وسنا ءُ هذا البيت الشعري ( لأحمد شوقي ) يكاد يكون علماً - في عصرنا الحديث - علي حلول ذكري المولد النبوي الشريف ، و بداية الاحتفال السنوي، كلما هلّ هلال شهر ربيع الأول من كل عام هجري (أجمعت الأقوال علي أن مولده- صلي الله عليه وسلم - كان في يوم الاثنين، الثاني عشر من شهر ربيع الأول، فيما سمي بعام الفيل ) وهذا البيت الشعري هو بداية لإحدي قصائد »شوقي« في مدح الرسول، التي لم تكن هي الأولي في »فن المدائح النبوية« ولن تكون الأخيرة - منذ شعراء العصر الجاهلي- في هذا الفن، تلك القصائد في المديح النبوي التي هي (قصائد تنظر إلي السماء.. لا خزائن الأرض) كما أطلق عليها عبدالعال الحمامصي في كتابه عن »البوصيري« .. وهذا الفن - فن المديح - من الفنون الشعرية القديمة قِدَ م الشعر نفسه، حيث بدأ منذ الحياة القبلية بمدح الأفراد، ثم بمدح القبيلة، كما تضمن مدح الخصائل والشِيَم، كالكرم، والشجاعة، ونجدة وإغاثة الملهوف، وإجارة الذي بلا جوار.. فلعبت القصيدة الفصيحة دوراً أساسياً وملموساً، تأثّر به الشعر » الملحون« فيما بعد ..!! وللدكتور زكي مبارك كتاب رائد في »المدائح النبوية في الأدب العربي« .. وهناك قصائد بعينها اشتهرت في هذا المضمار، ومن أشهر قصائد المديح في صدر الإسلام، قصيدة كعب بن زهير التي مطلعها يقول : بانت سعاد فقلبي اليوم متبولُ.. متيّم إثرها لم يُفْد مكبولُ وكذلك القصيدة التي اسمها »الكواكب الدرية في مدح خير البرية« أو »بُردة البوصيري« والتي يقول مطلعها: أ مِن تذكّر جيران بذي سلَمِ مز جْتَ دمعاً جري من مقلةٍ بدمِ وكذلك قصيدة »نهج البُردة« لأمير الشعراء أحمدشوقي، ومطلعها يقول : ر يمٌ علي القاع بين البان والعلَمِ . أحلّ سفك دمي في الأشهر الحُرُم والمديح النبوي هو موضوع يغري بالخوض فيه، فنحن نعلم أن النزعة الدينية، والصوفية المشوبة بحب الصادق الأمين ، البشير النذير، هي نزعة متغلغلة في النفس البشرية، منذ مولده ( صلي الله عليه وسلم )، فهو رسول البشرية، ومولد النور، والرسول الأعظم .. ومما يُذكر، أنه حتي الشعراء الذين من أصل غير عربي المتحيزون لهويتهم - كمهيار الديلمي - وحتي الشعراء الهجاؤون والصعاليك، من أمثال الشاعر دعبل الخزاعي، لم تقدر قريحتهم علي تجاهل هذا الفن، فللشاعر دعبل الخزاعي قصيدة في حب »آل البيت« -أبدعها في عصر حكامه يناهضون هذا التوجه - وهو يعلم أن ذلك قد يورده - آنذاك - موارد الهلكة، بل إنه ذهب إلي أبعد من ذلك، فقد كتب هذه القصيدة علي ثوب أوصي أن يُكفّن به يوم يموت ..!! ووصولاً إلي الشاعر فؤاد حداد الذي يقول في إحدي قصائده : يا حبيبي يا رسول الله.. يا نوراً من نور الله يا فيضاً من رحمة ربي... من شرق يملك للغرب يا حبيبي يا رسول الله و الشاعر صلاح جاهين الذي التقط مفردة من خلال إحدي متعلقات »المولد النبوي الشريف« ، وهي مفردة الاحتفال بهذه المناسبة في مصر، وكتب أغنيته الشهيرة »عروسة وحصان« تلك الاحتفالات - هذه الاحتفالات بدأت في مصر منذ العصر الفاطمي، والتي أصبحت شعبية أكثر منها رسمية - والتي تتمثل في إقامة أسواق الحلوي، وإقامة الزينات وتعليق الرايات أمام المنازل، واحتفاء الطرق الصوفية بإقامة ما يسمي بالحضرة، وفيها ينشدون أشعار المدائح النبوية، والتي نسمع فيها الرباعية التي تقول : كيف العمل يا احمد .... يوم طلعة المشهد والأنبيا تشهد ... إنك رسول الله والكثير والكثير من المدائح التي تحفظها الناس من كثرة ترديدها ..!!