سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
تداعيات الصراع السوري على فرص الحل للأزمة.. دمشق تعيش مرحلة الاستنزاف المتبادل ولم تنتقل لمرحلة الحسم.. «الأسد» يبالغ بحديثه عن اقتراب انتهاء الصراع.. والنظام يتجه لإجراء الانتخابات منتصف العام المقبل
أصدرت وحدة تحليل الأزمات بالمركز الإقليمي للدراسات الاستراتيجية تقريرا حول "تداعيات تصاعد الصراع على فرص الحل السياسي للأزمة السورية"، أكدت خلاله على أنه وعلى الرغم من نجاح نظام بشار الأسد، في الفترة الأخيرة في تحقيق مكاسب استراتيجية عديدة، إلا أن هذا لا يعني تزايد قدرته على إنهاء العملية العسكرية، خاصة أن الوضع في سوريا لم ينتقل بعد من مرحلة الاستنزاف المتبادل إلى مرحلة الحسم. وأشار التقرير إلى أن نجاح قوات نظام الرئيس السوري بشار الأسد في استعادة السيطرة على مدينة معلولة بشمال دمشق، بمثابة تطور يبدو أنه سوف يفرض تداعيات جديدة على الصراع المسلح بين القوات النظامية وقوى المعارضة المسلحة، أهمها تعزيز سيطرة القوات النظامية على منطقة القلمون الاستراتيجية، وتأمين الطريق بين دمشق وحمص، التي يقترب النظام من السيطرة عليها، فضلا عن السيطرة على الحدود بين سوريا ولبنان. وأوضح التقرير أن الملفت للانتباه في هذا السياق، أن هذه التطورات الجديدة تتزامن مع التصريحات التي أدلي بها كل من الرئيس السوري بشار الأسد والأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، والتي تفيد باقتراب انتهاء الصراع المسلح في سوريا لصالح النظام وحلفائه. ويشير التقرير إلى أن هذه التصريحات يبدو مبالغا فيها، سواء لعدم قدرة النظام السوري على حسم الصراع بشكل تام، ومن ثم السيطرة على كامل أو معظم الأراضي السورية، رغم الانتصارات النوعية التي حققها مؤخرا، أو لأن أطرافا دولية وإقليمية عديدة بدأت في رفع مستوى دعمها لقوى المعارضة "المعتدلة" في الفترة الأخيرة. ويؤكد التقرير على أن النظام السوري يسعى في الآونة الأخيرة إلى تحقيق مكاسب نوعية على المستويين السياسي والعسكري، فإلي جانب اقتراب سيطرته الكاملة على منطقة القلمون الاستراتيجية، التي تعني في الوقت نفسه حرمان قوي المعارضة المسلحة في ريف دمشق من قاعدة خلفية اعتمدت عليها في الآونة الأخيرة في مواجهاتها المستمرة مع النظام، فإنه يتجه، حتى الآن، إلى إجراء الانتخابات الرئاسية في منتصف العام الحالي، وهو ما يمثل تحديا قويا للمجتمع الدولي الذي يدعو إلى تنحي الرئيس بشار الأسد وتشكيل هيئة حكم انتقالية تتولي إدارة شئون الدولة حسب ما جاء في بنود مؤتمر "جنيف ۱". ويرى التقرير أن إصرار النظام على التصعيد في الوقت الحالي يطرح دلالتين مهمتين: الأولى، أن الأسد يحاول استثمار التوتر المتصاعد في العلاقات بين روسيا والغرب، خاصة حول الأزمة الأوكرانية، لتحقيق مكاسب استراتيجية جديدة تعزز موقعه في مواجهة قوي المعارضة، مستفيدا في الوقت نفسه من الدعم المتواصل من جانب إيران التي بدت حريصة في الفترة الأخيرة على تأكيد دورها في مساعدة النظام السوري على استعادة زمام المبادرة من جديد، بدءا من السيطرة على مدينة القصير الاستراتيجية في منتصف عام ۲۰۱۳، ففي هذا السياق، أشار قائد القوات الجوية التابعة للحرس الثوري العميد أمير على حاجي زادة إلى أن "صمود النظام السوري يعود إلى الدعم الذي قدمته له إيران عبر حزب الله". ويكمل التقرير: "لكن اللافت للانتباه أيضا هو أن نظام الأسد يبدو متابعا للجدل المتصاعد في بعض الدوائر الغربية حول ضرورة فتح "قنوات تواصل" معه، والذي انعكس في تأكيد بعض المسئولين الغربيين السابقين على أن بقاء النظام السوري هو "الخيار الأقل سوءا"، مثل رايان كروكر السفير الأمريكي الأسبق في سوريا، الذي أشار إلى أن "الحاجة لفتح حوار مع نظام الأسد تبدو أكثر من ماسة" في الوقت الحالي. وبدون شك، فإن الأسد يعتبر ذلك علامة ضعف في موقف المجتمع الدولي، يسعي إلى استثمارها بهدف تعزيز مركزه السياسي أمام قوي المعارضة المسلحة. أما الدلالة الثانية فيشير التقرير إلى أن هذه الخطوات تضعف بشكل كبير من احتمالات انعقاد جولة مفاوضات جديدة في جنيف في المستقبل القريب، سواء لجهة أن المكاسب الجديدة يبدو أنها أقنعت النظام بأنه ليس بحاجة إلى إطار تفاوضي جديد في الوقت الحالي، يستطيع من خلال كسب مزيد من الوقت، أو لجهة أن إصرار النظام على إجراء الانتخابات الرئاسية سوف يدفع المعارضة إلى رفض الذهاب إلى "جنيف ۳" على اعتبار أن تلك الخطوة تفرغ بنود "جنيف ۱" من مضمونها. ويذهب التقرير إلى أنه وعلى الرغم من ذلك، لا يمكن الحديث عن أن النظام السوري نجح في حسم الصراع المسلح مع المعارضة، وذلك لاعتبارات عديدة أهمها أن الظروف الدولية في الوقت الحالي لن تسمح بذلك، فرغم الدعوات الغربية المتعددة لفتح حوار مع النظام السوري، ورغم إصرار الغرب على الوصول إلى تسوية نهائية للأزمة النووية الإيرانية، فإن ذلك لن يدفع الغرب إلى السماح بانهيار قوي المعارضة بشكل كامل، خاصة في ظل اتساع نطاق الخلافات مع روسيا حول الأزمة الأوكرانية. ويوضح أن إرهاصات تغيير الموقف الدولي بدأت إزاء قضية تسليح قوي المعارضة "المعتدلة" في التبلور تدريجيا، حيث بدأت تقارير عديدة في الإشارة إلى اتجاه الولاياتالمتحدةالأمريكية نحو تقديم مساعدات نوعية إلى قوى المعارضة السورية "المعتدلة" سواء على مستوي التسليح أو التدريب، بهدف الحيلولة دون تمكين النظام من توسيع نطاق سيطرته وتحقيق مزيد من الانتصارات النوعية. ويشير التقرير إلى أنه قد بدا لافتا أيضا مسارعة واشنطن إلى الرد على تصريحات الأسد التي أكد فيها على أن "مرحلة العمل العسكري ستنتهي العام الحالي" في إشارة إلى المكاسب الأخيرة التي حققتها القوات النظامية، حيث قالت المتحدثة باسم الخارحية الأمريكية: إنه "سيكون من الخطأ الاعتقاد بأن كفة الانتصار في ميزان الحرب تميل لصالح الأسد". فضلا عن ذلك، فإن قوي المعارضة ما زالت قادرة على فتح "ثغرات" في المناطق التي يسيطر عليها النظام، بشكل يشير إلى قدرتها على إرباك خطط الأخير ومساعيه لتوسيع المساحة التي يسيطر عليها. وينهي التقرير بالتأكيد على أنه ومع أن تلك التطورات في مجملها تقلص من أهمية وزخم فكرة "الحل السياسي" للأزمة السورية، على الأقل في المرحلة الحالية، فإنها لا تزيد، في المقابل، من احتمالات انتهاء المواجهات المسلحة لصالح أي من الطرفين خلال المستقبل القريب، لا سيما أن الصراع لم ينتقل بعد من مرحلة "الاستنزاف المتبادل" إلى مرحلة "الحسم".