انتقلت "فيتو" إلى محافظة أسيوط بصعيد مصر، والتى تعد واحدة من أكثر المحافظات التى تنتشر بها تجارة الأسلحة بجميع أنواعها، وهناك التقينا أحد المقربين من التجار واصطحبناه فى جولة بين أشهر مناطق بيع الأسلحة بمختلف أنواعها، بحجة أننا زبائن هدفنا شراء بعض المدافع الرشاشة.. وفى إحدى القرى التابعة لمركز البدارى، لاحظنا انتشار الأسلحة والمدافع الرشاشة فى أيدى الجميع، حتى الأطفال الصغار.. وباقترابنا من منزل أشهر تجار السلاح بالقرية وجدنا ما يشبه الجيش الصغير، حيث لاحظنا رجالًا مدججين بمختلف أنواع الأسلحة يحرسون المكان ويستفسرون عن هوية كل من يقترب. وداخل المنزل وضع التاجر كميات هائلة من الأسلحة المتنوعة بين البندقيات الآلية ومدافع الجرينوف، وبندقيات القنص والطبنجات، وعشرات الآلاف من الطلقات النارية الخاصة بها.. بدأ التاجر فى عرض ما لديه من بضاعة وسعر كل قطعة، وبعد الاتفاق على كل شىء تم تحديد مكان تسليم وتسلم الأسلحة.. خرجنا من وكر السلاح بعد أن شاهدنا بأعيننا ترسانة الأسلحة، والتقطنا صورًا لها، وسجلنا بعض مقاطع الفيديو دون أن يشعر بنا أحد. فى الطريق من مركز البدارى إلى إحدى قرى مركز صدفا والمشهورة أيضًا بتجارة السلاح، شرح أحد المرافقين لنا أبرز أساليب تهريب الأسلحة الى محافظة أسيوط قائلا: «المصدر الرئيسى للسلاح فى أسيوط هو السودان، حيث تستغل بعض القبائل السودانية ضعف الرقابة على الحدود فى بعض المناطق الجبلية الوعرة، وتدخل كميات كبيرة من الأسلحة عبر الدروب والمدقات الصحراوية، وفى بعض الأحيان يتم إخفاؤها فى مراكب عبر نهر النيل.. أيضًا بعد الثورة بدأ المهربون يجلبون السلاح من ليبيا لترويجها فى مدن ومحافظات الصعيد كاملة ومن بينها أسيوط.. وهؤلاء أدخلوا أنواعًا جديدة مثل مدافع الهاون والصواريخ العابرة للمدن ومضادات الطائرات».. ثم قطع الرجل حديثه فجأة وحذرنا من الكلام فى أى شيء؛ لأن التجار فى هذه القرية أكثر جرأة فى عرض بضائعهم، وهم يضعونها على ترابيزات خاصة داخل «الدوار»، والويل كل الويل لمن يتجرأ وينتقدهم.. وبطريقة ما تمكن المُرافق من التقاط بعض الصور ومشاهد الفيديو، وانطلق مع "فيتو" الى إحدى قرى مركز الغنايم، المعروف عنها تجارة السلاح والمخدرات.. على حدود القرية، توقف المُرافق ورفض الدخول إليها، وقال: «هذه القرية من أخطر القرى فى مصر، فهى مليئة بأشد الأسلحة والمدافع فتكًا، وأهلها لا يهابون الشرطة، ونجحوا منذ فترة ليست طويلة فى قتل عدد من ضباط الشرطة، وفى موقف آخر أطلقوا أعيرة نارية ثمنها يقترب من المليون جنيه كنوع من استعراض القوة بالقرب من مركز شرطة الغنايم.. أما مراكز ديروط والفتح وأبنوب، فأكد شاهد العيان أن بها عائلات كاملة وقرى، مهنتها الأساسية هى تهريب السلاح من ليبيا عبر الدروب الجبلية الوعرة، أو من خلال مدينة الغردقة على البحر الأحمر، وفى الآونة الأخيرة أصبحت هذه القرى تمارس نشاطها فى العلن، وهجر البعض مهنته الأساسية، وهى زراعة الأرض واتجه إلى تجارة السلاح، والأغرب من ذلك أن البعض امتنع عن زراعة المحاصيل العادية، ولجأ الى زراعة البانجو، وحراسة المزروعات بما يملكون من أسلحة.. قبل أن تترك "فيتو" مرافقها، سأله عن صناعة الخرطوش، فضحك ساخرًا، وقال: «هنا أصبح الخرطوش بلا قيمة تقريبًا وهو لا يصلح سوى أن يكون لعبًا للأطفال.. أما الكبار فيصفون خلافاتهم بالجرينوف أو المدافع الرشاشة».