لم أكن من عاصرى الليمون في انتخابات الرئاسة الأخيرة التي أسفرت عن تنصيب المعزول مرسي رئيسا للجمهورية.. ولم أكن ممن صوتوا للفريق أحمد شفيق.. وكنت قد قررت ألا أذهب إلى صندوق الانتخاب بعد أن وعدت شفيق بألا أكون معه أو عليه. فعلاقتى بالفريق أحمد شفيق تمتد إلى وقت أن كان رئيسا للوزراء وكنت أنا في ذلك الوقت أقوم بتغطية أخبار وفاعليات مجلس الوزراء وكان أول لقاء يجمعنى به عندما سخرت من ارتدائه «للبلوفر» رغم المنصب الكبير والسن الكبير أيضا.. وقلت ساعتها في نفس هذه المساحة إن شفيق بيمثل علينا ويحاول تقليد المسئولين في أمريكا ودول أوربا. في ذلك الوقت انزعج شفيق من مقالتى الساخرة وحصل على رقم تليفونى من مدير مكتبه وطلب منى أن أشرب معه فنجانا من القهوة. في اليوم التالى وفى الموعد المحدد كنت في مكتبه وتعامل معى بمنتهى الشياكة واللياقة بل وأسهب في وصف محاسنى وملامحى حتى ظننت أنه يغازلنى فقلت له: أنا بنت بنوت يا أحمد بيه وبتكسف. وهنا ارتبك شفيق وبدت على وجهه علامات الخجل، وكأنه شاب في سن المراهقة وقال لى: أبدا أنا لا أقصد هذا على الإطلاق.. لكن لماذا لم تتزوجي حتى الآن ؟!.. فقلت له: «مقضياها» عرفى حتى يأتى ابن الحلال اللى «بيلبس بلوفر» في عز الصيف ويخطفنى على طيارة ورق.. «هو مش حضرتك طيار برضو يا أحمد بيه» ؟! ضغط شفيق على جرس مكتبه دون أن يعلق على كلامى واستعجل القهوة ثم قال لى: أنا هنا في مهمة رسمية تحتاج خفة الحركة والتنطيط واللف على الميادين لذلك أفضل أن أكون خفيفا حتى في ملابسى.. ولا تنسى يا سطوطة هانم أن الثورة دى ثورة شباب عايزين يشعروا بأن المسئول زيهم.. بيلبس لبسهم ويتكلم بلغتهم.. وأنا حبيت أوضح الفكرة لحضرتك بعد المقال الجميل اللى كتبتيه ! شعرت ساعتها أن شفيق يتميز بالرقة والأدب فطلبت منه أن نكون أصدقاء فوافق على الفور ومنذ هذا العهد، وهو يستشيرنى في كل كبيرة وصغيرة حتى قرر أن يخوض انتخابات الرئاسة فكنت أقدم له المشورة لكنى رفضت طلبه بأن أعلن تضامنى معه أنا وزملائى في «درب الفشارين».. لأننا ببساطة في هذا الوقت اتفقنا في درب الفشارين أن لا نرمى بكل أوراقنا في «سلة واحدة»، فكان نصفنا يدعم شفيق والنصف الآخر يدعم مرسي لكن دون إعلان ذلك. في هذا الوقت وعدت شفيق بمليونى صوت سيحصل عليهما من خلال علاقاتى الأمر الذي حدث بالفعل وشعر به هو وشكرنى عليه رغم أنه كان يريد أن أظهر معه في الصورة وأعلن تضامنى معه الأمر الذي رفضته تماما. وانتهت الانتخابات بفوز مرسي وسفر شفيق للإمارات لأداء العمرة ومن يومها لم أره أو أحادثه أو حتى يسأل عنى وكنت ألتمس له العذر. إلا أننى فوجئت به في الأسبوع الماضى يهاتفنى وبعد حوار طويل طلب منى أن أقبل عزومته على أسبوع في الإمارات.. فقلت له ساعتها: «هو أنت خلصت العمرة بتاعتك ولا لسه ؟» فقال لى: الله يجازيكى يا سطوطة هو إحنا لسه هنتكلم في الموضوع ده.. غدا ستكون التأشيرة بدخول الإمارات أمام مكتبك ومعها تذكرة الطيران. بالفعل سافرت صباح الخميس الماضى، إلى دولة الإمارت واستقبلنى الرجل استقبالا حافلا وأدركت ساعتها أن شفيق يعيش في الإمارات مرفها وعلمت أن النظام الحاكم هناك يهتم به كثيرا كثيرا. استقلينا السيارة التي حملتنا إلى الفندق الذي اختاره لى شفيق ليستضيفنى به ودخلت أنا لأستريح من عناء السفر وذهب هو إلى حيث ذهب ثم التقينا في صباح اليوم التالى ليعزمنى على الغداء بالطريقة الإماراتية وأخذنى إلى أطراف البلدة حيث مطعم بدوي بعيدا عن أناقة الإمارات المعهودة ودخلنا إلى مايشبه الخيمة فقلت له مستنكرة: «هو أنت جايبنى للإمارات علشان تستفرد بيا في الجبل ولا إيه يا مان ؟» قال وعلامات الدهشة على وجهه: «إنتى بتجيبى الكلام ده منين»؟!.. أنا فقط لاحظت أنك معروفة في الإمارات فأردت ألا يزعجنا أحد وفى نفس الوقت هنا سيكون الطعام شهيا بالتأكيد. جلسنا نحكى عن مبارك ومحمد مرسي وزمن ماقبل 30 يونيو حتى انتهينا من طعام الغداء الصحراوى الفاخر، وبعدها دار بيننا حوار سياسي عما يدور حاليا من أحداث هو طرف فيها بالتأكيد، أحببت أن أنقله لكم كما دار دون تجميل فإلى نص الحوار: قلت له: إيه ياعمنا حكاية التسريبات والتسجيلات بتاعتك دى ؟ قال: انتى مش غريبة يا سطوطة.. بصراحة أنا فعلا قلت كل الكلام اللى في التسريبات ده وأنا اللى مسربها بمزاجى علشان أحرك المياه الراكدة لكنها للأسف تزامنت مع إعلان الفريق سامى عنان إعلان تراجعه عن الترشح للرئاسة، ولهذا أحدث كل هذا اللغط والتضارب. قلت: لكنك وجهت اتهامات مباشرة للمستشارة تهانى الجبالى والصحفى مصطفى بكرى ووصفتهم بالمرتزقة والمتكسبين ! قال: عادى عادى ! قلت: لكن المستشارة تهانى أعلنت أن هذا الكلام لايمكن أن يصدر من شخص الفريق شفيق ! قال: عادى عادى ! قلت: ومصطفى بكرى قال: سوف أقاضى شفيق ! ضاحكا قال: عادى عادى ! قلت: «أمال لما كله عادى عايز ترفع قضية على شبكة رصد ليه ياراجل أنت» ؟! قال: لأنها أضافت في التسريبات أننى وجهت الإهانة لقيادات الجيش المصرى وهذا لم ولن يحدث أبدا.. أنا فقط قلت بالحرف إننى أتحفظ على تسخير إمكانيات القوات المسلحة لدعم مرشح سياسي وكلامى هنا على المشير السيسي كمرشح لانتخابات رئاسية سياسية ! قلت: لكنك كنت قد أعلنت عدم ترشحك للرئاسة في حال إعلان المشير السيسي ترشحه ! قال: لقد قلت ذلك كى يعمل «السيسي» على إنهاء قضية أرض الطيارين لكنه لم يفعل شيئا وقال هذه شئون تخص القضاء.. ولما انتهت القضية ببراءتى طلبت منه أن أعود إلى مصر فلم يبد أي «ريئاكشن».. ثم جاءتنى أنباء بعدها بأن أحدا لم يتدخل لرفع اسمي من كشوف الترقب بالمطار إلا بعد أن تنتهى الانتخابات الرئاسية ! قلت: وعلشان كده أنت مقضيها تسريبات ياعمنا ! قال: أنا عايز أرجع مصر ياسطوطة قبل الانتخابات ولا أريد رئاسة ولا دياولو.. وبصراحة أنا جايبك هنا علشان تساعدينى في الموضوع ده ! قلت: يعنى أنت مش ناوى تترشح للرئاسة ودا آخر كلام ؟! قال: السيسي أحق منى ومن غيرى برئاسة مصر لأنه لعب دورا رئيسيا وكبيرا في الإطاحة بحكم الإخوان وهو بحق قائد ثورة 30 يونيو ! قلت: يعنى دا آخر كلام ؟! قال: أيون يا سطوطة هانم.. دا آخر كلام بس أرجع مصر وبعد كده هيكون فيه كلام تانى ! قلت: يووووووووووووووه.. أنت هتجننى ياراجل أنت ؟! قال: وحشتنى مصر ياسطوطة، ووحشنى المطار ! قلت: لكن إيه رأيك في حمدين صباحى ؟! قال: حمدين وخالد على ومرتضى منصور وكل من يعلن ترشحه لانتخابات الرئاسة «هجاصين».. فلا رئيس غير السيسي وفى حال عدم ترشحه لا رئيس لمصر غيرى أنا.. بس قولى للسيسي يرجعنى مصر !