أدى التطور والتقدم الاقتصادى "والصناعى"، إلى تعدد الأخطار وتنوعها واشتدت الخسائر الناشئة عن تحققها وكان لابد من إدارة تلك الأخطار سواء بالحيلولة دون وقوعها أو تخفيض تكرارها وشدتها، وأصبحت إدارة الأخطار من العلوم التى تدرس على مستوى الجامعات وتخصص لها إدارات مستقلة بالهيئات والمشروعات. وبرغم تعدد الوسائل والتدابير التى لجأ ويلجأ إليها الأفراد والمجتمعات والدول، فإن العديد من الأخطار تتحقق بل تأتى لنا التحولات والتطورات الاقتصادية والاجتماعية بأخطار جديدة يتعين علينا مواجهة آثارها المادية. ومن هنا نفهم.. كيف كان التأمين.. وكيف أصبح وسيلة لتوزيع الخسائر بين المعرضين للأخطار وتدبيرا لتخفيض ونقل الخطر، وكيف ازدهرت صناعته وتعددت أنواعه وتطورت مع بعض الحاجات والأنشطة حتى انتهى الأمر بالدول إلى سن التشريعات التى تفرض بعض صور التأمين إجباريا فيما يعرف بالتأمينات الاجتماعية كنظام إجبارى قومى يحدد القانون مجاله وموارده ومزاياه وتديره الدولة أو إحدى هيئاتها. وهكذا أصبحنا أمام تنظيمين تشريعيين للتأمين، أحدهما يهتم به كعقد محوره إرادة فرد أو جماعة أو منظمة فيما يعرف بالتأمين الخاص أو التجارى، والثانى يهتم به كنظام محوره إرادة المجتمع فيما يعرف بالتأمين الاجتماعى الذى يتميز بقدر مضاعف من التضامن الاجتماعى يستتبعه تعدد مصادر التمويل ونظم التأمينات الاجتماعية، فعلاوة على المؤمن عليهم (على النحو الملحوظ فى عقود التأمين الفردى)، أو المؤمن عليهم وأصحاب الأعمال (على النحو الملحوظ فى عقود التأمين الجماعى)، فإن هناك مصدرا ثالثا يتمثل فى الدولة والمجتمع عامة الذى يتحمل أعباء التضامن الاجتماعى المزدوج الملحوظ فى التأمين الاجتماعى والمتمثل أساسا فى الحدود الدنيا للمعاشات والتيسير فى الشروط المؤهلة لكبار السن وتقرير مزايا محددة دون مراعاة الربط بينهما وبين تمويلها على المستوى الفردى.