في كل مرة يزور فيها القاهرة يحرص علي الالتقاء بصحفيين مصريين، يتحدث إليهم حديث القائد ويفتح حوارا اخويا، شيقا، جذابا.. يشرح فيه أين تقف قدماه؟ وإلى أين يتحرك؟ ولماذا تراجع؟ وماهي دوافع الأمريكان ومنطق الإسرائيليين فى كل تحرك أو موقف يتخذونه ، لايعرف اليأس طريقا إلى قلبه، يدرك قوة أدواته، يتحرك بمرونة فائقة رغم اختفاء الغطاء العربي في ظروف ليست غامضة. التقانا مساء السبت الماضي، وكان كعادته ودودا، دافئا، شجيا في حواره، غير أنه في هذه المرة كان أكثر تفاؤلا رغم ضبابية الموقف العربى.. يجيب في هدوء معتاد عن السؤال الصعب حول أدواته التفاوضية، وهو الذى لايملك بندقية ولا دانة، فيقول بثقة «أملك الحق، والحق يتملكنى، والحق لابد منتصر علي الباطل«. قال له الأمريكان: «لاتذهب للأمم المتحدة» فكانت إجابته حاسمة قاطعة: «ذاهب لاريب» وعندما توجه إلى هناك قالوا له: «إن ذهابك للأمم المتحدة تخط لكل الخطوط الأمريكية الحمراء» ذهب وعاد باعتراف دولي كاسح.. ربما يكون هذا هو السبب وراء تفاؤله هذه المرة.. قال: «الاعتراف الدولى بدولة فلسطين منحنا الوجود فى أكثر من 61 منظمة ومؤسسة ومعاهدة دولية».. وأردف قائلا: «كل يوم يمر أدرك فيه قيمة توجهنا إلى الأممالمتحدة». بكل مايمتلكه المتطرف الصهيوني ليبرمان من عنف لفظى، وقاعدة من التشدد الإسرائيلى، لايجد بدا من وصف تحرك أبو مازن الدبلوماسي بالإرهاب الدبلوماسي الذى يستحق عليه القتل، فلايجد من أبى مازن إلا قوله «ليبرمان يستطيع أن يقتلني، ولكنه لايملك من الأدوات مايكسرنى، سأظل فى طريق الحق ماض، ولن أخون شعبى». وعادة مايحمل أبو مازن فى لقاءاته الصحفية صيدا ثمينا بعضه للنشر، والآخر للفضفضة والتوضيح .. أكثرها أهمية فى لقاء السبت أن ورقة جنيف 2 الخاصة بالحوار السورى صياغة فلسطينية قدمها لباراك أوباما وناقشها مع جون كيرى، فكانت المسودة الفلسطينية هي العمود الفقري لبناء جنيف 2. أيضا قال إن هناك دولا عربية أرادت أن تطرح نفسها بديلا لمصر في القضية الفلسطينية، ولكنه رفض بشدة وقال: «مهما كان انشغال صانع القرار المصري بهمومه الداخلية فإننا لانرضي عن القاهرة بديلا». وفى غمرة نضاله من أجل بلاده لم ينس أو يتجاهل دوره تجاه وطنه الثانى مصر، عندما التقي قادة أوربيين وأمريكيين ليشرح لهم ماحدث في 30 يونيه، ووصفها بأنها ثورة شعبية خالصة ساندها الجيش، وعندما سألناه عن رؤيته لحركة حماس قال «كما ترون الإخوان فى مصر نرى حماس فى فلسطين»!! وعندما ألقى الأستاذ الدكتور محمود كريمة أستاذ الفقه المقارن كلمة طالب فيها الحضور بضرورة زيارة بيت المقدس ودعم المقدسيين في نضالهم، مهتديا فى ذلك بزيارة الرسول الكريم للكعبة وهي تحت نير الاحتلال القرشي الوثنى أثنى الرئيس الفلسطينى علي الفتوي، مضيفا إن الرسول أسري به والمسجد الأقصى تحت الاحتلال أيضا، وإن زيارة المقدسيين دعم مهم للغاية، إذ لايجب أن نتركهم وحدهم فى معركتهم، ووجه الدعوة للدكتور كريمة بالزيارة والصلاة فى المسجد الأقصى.