أكدت محكمة القضاء الإداري بكفر الشيخ برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى، نائب رئيس مجلس الدولة، على إلزام الدولة بعلاج الفقراء وغير القادرين مجانا رغم انتظار إصدار الدستور الجديد. وشدد على أن العلاج المجانى حق لهم وليس منحة من الدولة إن شاءت منحته وإن رغبت منعته لأنهم يدفعون تمويل المرض عن طريق الاشتراكات الشهرية التي تخصم من رواتبهم وأن اهتمام الدولة الطبيعى بمعالجة الحقوق السياسية للمواطنين لا يجب أن يكون على حساب حرمان غير القادرين منهم من حقوقهم الاجتماعية، وأخصها الرعاية الصحية، وأن التزام الدولة بتقديم الخدمات الاجتماعية والصحية يعمق رابطة الولاء بين المواطن ووطنه مما يعود بالاستقرار على الوطن. وقضت محكمة القضاء برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية المستشارين ذكى الدين حسين ووليد الطويل وأحمد مكرم نواب الرئيس في عدة أحكام قضائية مهمة بإلزام الدولة بعلاج خمسة مواطنين بينهم طبيبان وأمرت المحكمة بتنفيذ الأحكام بموجب مسودتها بدون إعلان. وقالت المحكمة إنه حتى يصدر الدستور الجديد الذي يستغرق وقتا يجب ألا تنال الحكومة من حقوق الفقراء وغير القادرين في العلاج المجانى بحسبانه من أخص حقوق الإنسان التي نصت عليها المواثيق الدولية، والتي يجب على الدولة أن تضعها على قمة أولوياتها سواء في ظل الأحوال العادية حال وجود دستور أو في ظل أحوال الثورات حال تعطيل الدستور، وأن اهتمام الدولة الطبيعى بمعالجة الحقوق السياسية للمواطنين لا يجب أن يأتى على حساب حرمانهم من حقوقهم الاجتماعية وأخصها الرعاية الصحية والعلاج المجانى لغير القادرين بل عليها التوازن بين تلك الحقوق لاسيما وأن تمويل المرض يكون عن طريق الاشتراكات الشهرية التي تخصم من أجور المؤمن عليهم بالجهاز الإداري للدولة والهيئات العامة والتي تقدر ب 3 % من الأجر الشهرى، ومن ثم فهو ليس منحة من الدولة إن شاءت منحته وإن رغبت منعته بل هو حق مستمد من المواثيق الدولية، وما استقرت عليه الدساتير العالمية والقانون ذاته، ومن قبل ذلك مستمد من الصفة الإنسانية نفسها التي تتأذى من ترك غير القادرين دون رعاية وتعريض حياتهم للخطر. وأضافت المحكمة في أحكامها المهمة أن التضامن الاجتماعى والعدالة الاجتماعية يمثلان ركنا جوهريا للمقومات الأساسية التي يقوم عليها أي نظام ديمقراطى، ذلك أن التزام الدولة بكفالة خدمات التأمين الاجتماعى والصحى يعمق رابطة الولاء السياسي والانتماء بين المواطن، ووطنه مما يعود بالاستقرار على الوطن، فالدولة ممثلة في الهيئة العامة للتأمين الصحى ملزمة برعاية المؤمن عليهم رعاية صحية وعلاجية كاملة، بما في ذلك صرف الدواء وهذا الالتزام لا ينفك عنها إلا بشفائهم أو بثبوت عجزهم وذلك في مقابل ما يدفعونه من اشتراكات التأمين الصحى التي تخصم من راتبهم شهريا، ومن ثم وجب على الدولة القيام بهذا الالتزام دون التفضل به أو التنصل منه لأية مبررات فحق الإنسان في الحياة يعلو على كافة الحقوق.